يشن النظام الجزائري حملة عدائية لم يسبق لها مثيل ضد المغرب، من خلال زخم من السيناريوهات المفبركة والمستفزة التي يحبكها حول الاعتداءات والإساءات المغربية لدولة الجوار مطالبا الاعتذار من المغرب. ولإماطة اللثام عن هذه الاتهامات أسأل كل من يدعي ذلك عن مكمن هذه الإساءة. هل تتجلى هذه الإساءات في تنديد سلطان المغرب مولاي عبد الرحمان العلوي بالحملة الفرنسية على الجزائر وإعلانه دعمه المطلق لهذا البلد الجار، على الرغم من أن باي تونس وحاكم مصر أيداها علانية؟ هل يعتذر المغرب للسيد عبد المجيد تبون عن وقوف المغاربة شعبا وحكومة لدعم الأمير عبد القادر حينما أعلن الجهاد ضد فرنسا باسم سلطان المغرب، هذا الدعم أدى بسببه المغرب ثمنا غاليا، حيث تعرضت كل من مدينتي طنجة وآسفي لقصف عنيف من طرف الاستعمار الفرنسي، أم عن انتقام فرنسا من المغرب بسبب موقفه هذا وقيامها بشن حرب ضروس عليه في واقعة " إسلي". هل تتجلى هذه الإساءة في انخراط المغاربة في المقاومة التي أطلق شرارتها سيدي بوعمامة ضد الاحتلال والتي استمرت لسنين طويلة، أو عن احتضان السلطان محمد الخامس طيب الله ثراه والشعب المغرب الثورة الجزائرية حيث آوى قادة الثورة ومدهم بالسلاح والعتاد؟ هل تتجلى هذه الإساءات في انخراط العديد من المغاربة في الثورة الجزائرية والتي استشهد وجرح الكثير منهم في سبيل هذا البلد الجار، أو في تبرع النساء المغربيات بحليهن للثوار، أو في عدم قبول الملك محمد الخامس عرض رئيس فرنسا الذي اقترح من خلاله إعادة ترسيم الحدود كما كانت قبل احتلال فرنسا، مقابل وقف دعمه لقادة الثوار الجزائريين؟ وهل يعتذر المغرب عن تنصل حكام الجزائر من تفعيل الاتفاق الذي عقدوه مع الملك محمد الخامس المتعلق بإعادة ترسيم الحدود بمجرد حصولهم على الاستقلال، والذي ترتب عنه ما أصبح يسمى "حرب الرمال"، التي اندلعت شرارتها الأولى بسبب إطلاق جنود الجزائر النار على نظرائهم المغاربة بمنطقة فجيج؟ وقد استغل حكام الجزائر هذه الهزيمة وأطلقا عبارتهم الشهيرة " احتقرنا المروك احتقرنا المروك" لكسب ود الشعب الجزائري الذي التف آنذاك حول قادته. هكذا تمكن الحكام في الجزائر غداة الاستقلال تأسيس نظام عسكري باللجوء إلى المناورة بإشعال فتيل الحرب ضد بلادنا. وتحاول العصابة المستبدة بالحكم اللجوء إلى نفس السيناريو من خلال هذا السيل من الاتهامات لتجاوز مختلف المشاكل التي تعاني منها حاليا. وهل تتجلى هذه الإساءات في تنكر حكام الجزائر لمقتضيات اتفاق إفران واتفاقية تلمسان بشأن ترسيم الحدود بين قائدي البلدين، حيث تنازل المغرب بموجبها عن المطالبة بالأراضي التي اقتطعتها فرنسا مقابل الاستغلال المشترك لمناجم غار جبيلات، أو في عدم وفاء الرئيس هواري بومدين بتعهده للحسن الثاني بدعم المغرب في تحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني، حيث قال في خطابه بمناسبة الذكرى العاشرة للتصحيح الثوري في 19 يونيو 1975 ما مفاده: "بالنسبة لنا كل ما يعنينا هو رجوع الصحراء الغربية سواء كانت مغربية أو موريتانية، المهم أن نرجع أراضي عربية إسلامية" الخطاب مضمن في الأرشيف الرئاسي الجزائري؟ هل يعتذر المغرب للرئيس تبون على تأسيس الطغمة العسكرية جبهة الانفصال وإيوائهم فوق أراض هي في الأصل مغربية ومدهم بالسلاح والعتاد وتبني أطروحتهم بحماس منقطع النظير، بل أكثر من ذلك الزج بالجنود الجزائريين في الحرب ضد القوات المغربية في الأراضي المغربية نذكر على سبيل المثال موقعة أمغالا التي مني فيها الجيش الجزائري وصنيعتها البوليساريو انهزاما ذريعا والتي شارك فيها شنقريحة شخصيا؟ وما زال نظام العسكر يدافع على العصابة بكل ما أوتي من قوة خارقا بذلك أحكام معاهدة إفران خاصة المادتين 4 و5. هل يعتذر المغرب على طرد النظام العسكري ما يراوح 350 ألف مغربي سنة 1975 في يوم عيد الأضحى مجردين من ممتلكاتهم وكل ما يكسبون، أم عن رفضه سنة 2010 تجديد الإقامة لمهندسين وتقنيين مغاربة كانوا يشتغلون في ظروف قانونية مع شركات أجنبية التي كانت تربطهم بها عقود من أمد طويل؟ هل أعتبر القرار التعسفي الذي أصدره تبون بحر هذه السنة بفسخ عقود كل الشركات المغربية التي كانت تؤدي خدماتها للشركات الجزائرية، والمواقف العدائية لحكام المرادية خاصة "شنقريحة" الذي يصف المغرب بالبلد العدو اساءة من المغرب للجزائر؟ هل يعتذر المغرب عن طعن حكام الجزائر من الخلف لبلد شقيق باصطفافهم خلف إسبانيا بشأن نزاعها مع المغرب وخروجهم عن الإجماع العربي في اجتماع جامعة الدول العربية، حيث رفضوا، أسوة بباقي الوفود العربية، مساندة مطالب المغرب بخصوص استرجاع بقية أراضيه وتحريرها من ربقة الاستعمار الإسباني؟ وهل تنطوي اليد الممدودة من طرف ملكنا الهمام لحكام الجزائري والهادفة إلى تجاوز الخلافات من أجل بناء المغرب الكبير خدمة لمصلحة البلدين ولشعوب المنطقة المغاربية التواقة إلى العيش الكريم، وكذا المساعدات التي عرضها عليهم والمتمثلة في وضع تحت تصرفهم طائرتين لإخماد الحرائق، على إساءة للجزائر الشقيقة؟ إن الشعب الجزائري الشقيق لم تعد تنطلي عليه مؤامرات حكامه الذين يتشدقون بعبارات حبلى بمبادئ رنانة كحقوق الإنسان وتحرر الشعوب والذين لا يهمهم في الحقيقة، لا مصير المواطن الجزائري ولا مصير الإخوان المغاربة الصحراويين المحتجزين قهرا في مخيمات العار الذين اتخذهم النظام كرهينة لمعاكسة مصالح المملكة المغربية وكبح مسيرته التنموية التي أصبحت تؤرق مضاجعهم بشكل يثير الشفقة. أترك الإجابة لأحرار الجزائر من واقع ما يعانونه تحت النظام الهمجي.