رأيت شريطا مصورا يبيح فيه شباط زراعة الكيف، ويحلل من خلاله ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن باب المناصحة أضع هذا المقال نصرة للحق وإزهاقا لهذه الفرية التي تصب في خانة الحسابات السياسية العرجاء: من المعلوم ضرورة أن الله وحده له الخلق وأن الله وحده له الأمر وأن الله وحده له الحكم قال الله عز وجل:"أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"[الأعراف] وقال جل شأنه: "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"[القصص] فلا خالق إلا الله ولا مدبر لشؤون العالم العلوي والسفلي إلا الله ولا حاكم للخلق ولا حاكم بينهم عند الاختلاف إلا الله وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله فالله وحده هو الذي يقدر الشيء وهو الذي يوجب الشيء وهو الذي يحرم الشيء وهو الذي يندب إلى الشيء وهو الذي يحلل الشيء إما في كتابه وإما على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم حتى النبي صلى الله عليه وسلم قال عن نفسه حين أكل الصحابة رضي الله عنهم من الثوم عام فتح خيبر وكانوا جياعاً ثم راحوا إلى المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم (من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئاً فلا يقربنا في المسجد) فقال الناس حرمت فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال (يا أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي ولكنها شجرةٌ أكره ريحها) فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم (إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي) فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به أن يحرم ما أحل الله له فكيف بغيره ممن يتكلم بالتحليل والتحريم بغير علم وليس معصوماً من الخطأ ولقد أنكر الله عز وجل على من يحللون ويحرمون بأهوائهم فقال تعالى "قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ" [يونس] "وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَة" [يونس] وقال جل ذكره: "وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ،مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [النحل ]وأنكر الله عز وجل على قوم اتخذوا من دون الله شركاء في التشريع فقال تعالى "أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [الشورى] أيها العقلاء إن من أكبر الجنايات أن يقول الشخص عن شيءٍ إنه حلال وهو لا يدري عن حكم الله فيه أو يقول عن الشيء إنه حرام وهو لا يدري أن الله حرمه أو يقول عن الشيء إنه واجب وهو لا يدري أن الله أوجبه أو يقول عن الشيء إنه ليس بواجب وهو لا يدري عن حكم الله فيه إن هذا لجنايةٌ كبيرة وسوء أدبٍ مع الله عز وجل وتقدمٌ بين يدي الله ورسوله كيف تعلم أيها الإنسان العاقل فضلاً عن الإنسان المؤمن أن الأمر لله وأن الحكم إليه ثم تقدم بين يديه فتقول في دينه وشريعته ما لا تعلم أنه من دينه وشريعته لا تتهاون ياشباط بالأمر لقد قرن الله تعالى القول عليه بلا علم بالشرك به فقال: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ"[الأعراف] إن بعض العامة من السياسيين أو طلبة العلم الذين لم يصلوا إلى حدٍ يميزون فيه بين الصحيح والضعيف يفتي نفسه أو يفتي غيره بما لا يعلم أنه من شريعة الله عز وجل يقول هذا حلال أو هذا حرام أو هذا واجب وهو لا يدري عن ذلك أفلا يعلم هذا أن الله تعالى سائله يوم القيامة عما قال أفلا يعلم أن الشرع كله لله عز وجل فليس لنا أن نتقدم في عباده بشيءٍ من شريعته إلا ونحن نعلم أو يغلب على ظننا بحسب الأدلة الشرعية أنها هذا هو شرع الله أفلا يعلم المفتي بغير علم أنه إذا أضل شخصاً فقد باء بإثمه وإثم من تبعه إلى يوم القيامة وإن بعض العامة إذا رأى شخصاً يريد أن يستفتي عالماً يقول له هذا العامي لا حاجة لا تستفتي هذا واضح هذا حرام مع أنه في الشرع حلال فيحرمه مما أحل الله له أو يقول العامي لمن أ راد أن يستفتي هذا واجب مع أنه في الشرع غير واجب فيلزمه بما لم يلزمه الله به أو يقول العامي هذا حلال مع أنه في الشرع حرام فيوقعه في ما حرم الله عليه أو يقول هذا غير واجب مع أنه في الشرع واجب فيحرمه من فعل ما أوجب الله عليه وهذا جنايةٌ والله على شريعة الله وهذا ظلمٌ لنفسه وهذا خيانةٌ لمن غررهم بدون علم أرأيتم وفكروا لما أقول الآن أرأيتم لو أحداً سئل عن طريق بلدٍ من البلدان فقال الطريق من هاهنا وهو لا يعلم أفلا يعد ذلك جرأة أفلا يعد ذلك خيانة أفلا يعد ذلك تغريراً هذا مع أن واضع الطريق بشر والبلد من متاع الدنيا فكيف بمن تكلم بما لا يعلم في شريعة الله التي شرعها الله لعباده لتوصلهم إلى رضوانه ودار كرامته وإن خطأً آخر يكون من بعض العامة حيث ينقلون عن أهل العلم كلاماً فهموه خطأ أو يروجون عنهم فتوى نعلم أنهم لا يقولون بذلك القول ولا يفتون بتلك الفتوى لكن هؤلاء الناقلين وهموا في النقل أو كذبوا في النقل إما لكونهم فهموا كلامهم أي كلام هؤلاء العلماء على غير مرادهم أو أنهم أساءوا التعبير في سؤالهم فأجابهم العالم بحسب ما فهم من سؤالهم فحصل الخطأ وربما كانوا كاذبين لأن لهم قصداً سيئاً فيما ينقلون من ذلك يريدون بهذا تشويه سمعة العالم أو التنفير منه أو يريدون أن يصلوا إلى مطلوب لهم فيتوجهوا بقول هذا العالم الذي كذبوا عليه ليكون درءاً عن لومهم وعن توبيخهم فيقول فعلت كذا لأن فلاناً من العلماء أفتاني بجوازه يتوجه إلى الناس بجاه هذا العالم ليطرد عن نفسه اللوم والتوبيخ ولكنه كاذبٌ في هذا وإن هذا من أعظم الجنايات على الخلق لأن التنفير عن أهل العلم ليس تنفيراً عن أشخاصهم بل هو تنفيرٌ متضمنٌ للتنفير عما يقولونه من الحق وإن الكذب على العلماء ليس كذباً على العالم شخصه ولكنه كذبٌ على الناس يغترون فيظنون أن هذا من شريعة الله لأنهم يثقون بقول هذا العالم المنسوب إليه القول الكذب أو الخطأ فيحصل بذلك خطاٌ في الشريعة وفي العبادة وتبقى العبادة ألعوبةٌ بين هؤلاء المتلاعبين الذين ينقلون عن العلماء ما لا يقولونه فليحذر الإنسان من التقّول على أهل العلم وليتحرى الدقة والصحة فيما ينقل عنهم ولقد لمسنا هذا نحن بأيدينا وسمعناه بآذاننا ينقل عن بعض العلماء الذين يكون قولهم حجةً بين العامة ينقل عنهم ما لا يقولونه إما بما نعلم من حالهم وعلمهم وإما بسؤالهم عما نقل عنهم فيكذبون ذلك ويوهمون الناقل وإن من المتعلمين الذين لم يصلوا إلى حد من العلم يمكنهم من المعرفة والتميز بين الصحيح والضعيف من يقع فيما يقع فيه بعض العامة من الجرأة على شريعة الله في التحليل والتحريم والإيجاب فيتكلم فيما يجهل ويجمل في الشريعة ويفصل وليس معه من العلم إلا كفقيرٍ بيده دريهمات إذا سمعت الواحد من هؤلاء يتكلم فكأنما ينزل عليه الوحي لجزمه فيما يقول ومجادلته فيما يخالف المنقول والمعقولوفي الختام أقول لشباط احذر أن تقول على الله ما لا تعلم فإن الله تعالى يقول في نبيه وهو أتقى الأمة لله وأعلمهم بشريعة الله وأخشاهم لله يقول عنه:"وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ،لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ،ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ،فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ" [الحاقة] إذا كان هذا في رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تقوّل على الله عز وجل بعض الأقاويل لأخذه الله تعالى باليمين وقطع منه الوتين وأهلكه فما بالك بمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول على الله بعض الأقاويل بل كل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حق ولكن هذا على فرض أن يكون الأمر قد وقع كما يدعي هؤلاء الكفار الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم واعلم ياشباط أنه من العقل ومن الدين والعلم أن يقول الإنسان لا أعلم إذا كان لا يعلم هذا إذا كان من أهل العلم وأنت لست منهم قطعا أن ذلك لا ينقصه شيئاً بل هذا يزيده إيماناً وثواباً عند الله ويزيده ثقةً واطمئناناً عند الناس فإن الناس إذا قال العالم أو إذا قال المستفتى لا أعلم وثقوا منه وعرفوا أنه لن يفتي إلا بما يعلم فيزيد ذلك قوله ثقةً عند الناس كما يزيده ثواباً عند الله عز وجل وإليك حكم الإسلام في المخدرات فقد بين العلماء أن الشريعة الإسلامية إنما جاءت للمحافظة على ضروريات الحياة الخمس، والتي تُشكِّل كينونة الإنسان المادية والمعنوية، وهي: الدين والنفس والنسل والعقل والمال. وهذا الحفظ الذي جاءت به الشريعة له مستويان: مستوى الحماية، ومستوى الرعاية. أما مستوى الحماية فتُعنى به الوقاية وإبعاد الأضرار والمؤذيات، وأما مستوى الرعاية فيُعنى به السعي لتحقيق الغاية المرجوة وهي العبادة المطلقة لله تعالى. ويكاد يكون العقل أهم مقصد من هذه المقاصد؛ فالدين من غير عقل طقوس وهرطقات، والنفس من غير عقل حركة فوضوية، والنسل بدون عقل نزوٌّ تائه، والمال بدون عقل فساد ودمار. ولذلك جعلته الشريعة مناط التكليف الشرعي؛ فمن فقد نعمة العقل رُفع عنه التكليف؛ إذ هو ليس بأهل له، ولا بقادر عليه. والناظر لآثار المخدرات بكل أنواعها وسائر نتائجها يراها تشكل خطراً واضحاً واعتداء سافراً وتهديداً قاطعاً لهذه الضروريات الخمس؛ فمتعاطي المخدرات لا يبالي بأحكام دينه، ولا يلتفت لواجبه نحو خالقه، فلا يحرص على طاعته، ولا يخشى معصيته، مما يترتب عليه فساد دينه وضياع آخرته. فالمخدرات مُذهِبة للعقل، ومُصادِمة للدين الآمر بمنع كل ضارٍّ بالفرد والمجتمع، وقد اكتشف العلماء ولا يزالون يكتشفون المزيد مما يتعلق بالآفات الجسمية للمخدرات، إنْ على الدماغ أو على القلب أو على سائر أعضاء الإنسان. فأما الضرر على العقل فإضافة إلى تعطيله فإن الأطباء والمختصين أفاضوا في ذكر ما يؤدي إليه الإدمان من أخطار على عقل الإنسان وتركيبته الفسيولوجية، وأما أذيته للنسل فإنه يُضعف القدرة الجنسية ويشوه الأجنة ويفرط بالشرف. إن متعاطي المخدرات بحرصه على تجرعها يتجرع سماً أجمع العقلاء والعلماء والأطباء على فتكه بالأجساد وتدميره للأنفس وقتلها قتلاً بطيئاً، فإذا هلكت الأجساد وضعفت، واختلت موازين الحق والخير وتزلزلت؛ فسدت الأسر وهي المحضن الطبيعي للنسل نشأة وترعرعاً وقوة. إن متعاطي المخدرات يفقد سويته البشرية وكرامته الإنسانية، ويصبح ألعوبة بيد تجار الموت يلهث وراءهم باحثاً عن السراب، بل عن الموت الزؤام، فلا يملك تفكيراً سوياً ولا اتزاناً ضرورياً ولا قدرة على حسن الاختيار لكل ما حوله مما يصبو إليه العقلاء، يبيع نفسه ويبذل ماله باحثاً جاهداً قاصداً لقاء حتفه بأشنع صورة وأبشع ميتة. لِما تقدم - وهو قليل من كثير في تصوير حالة المخدوع الهالك بالمخدرات - كان حكمها التحريم القاطع بلا خلاف؛ وذلك لثبوت آثارها السلبية السيئة، ومضارها القاطعة اليقينية، ومخاطرها المحققة على الأفراد والمجتمعات البشرية، وأما الأدلة التي اعتمدها العلماء في تحريم المخدرات فمنها: أولاً: قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"[ المائدة] فالمخدرات تلتقي مع الخمر في علة التحريم، وهي الإسكار بإذهاب العقل وستر فضل الله تعالى على صاحبه به؛ فتُشمَل بحكمه. ثانياً: قوله تعالى: "يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" [الأعراف]. ولا يُتصوَّر من عاقل أن يُصنِّف المخدرات إلا مع الخبائث. ثالثاً: قوله تعالى: "وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"[ البقرة]. فمن المبادئ الأساسية في الإسلام الابتعاد عن كل ما هو ضار بصحة الإنسان، وإنَّ تعاطي المخدرات يؤدي الى مضار جسمية ونفسية واجتماعية. رابعاً: عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومُفَتِّر" رواه أبو داود. والمخدرات بأنواعها مفترة بل فاتكة بالعقول والأجساد. خامساً: قالت عائشة رضي الله عنها: "إن الله لا يحرم الخمر لاسمها، وإنما حرمها لعاقبتها؛ فكل شراب تكون عاقبته كعاقبة الخمر فهو حرام كتحريم الخمر" أخرجه الدارقطني. وأما ما جاء من أقوال العلماء في تحريم المخدرات فمنه: أولاً: جاء في "حاشية ابن عابدين" (3/ 239) قوله: "اتفق مشايخ المذهبين الشافعية والحنفية بوقوع طلاق من غاب عقله بأكل الحشيش؛ لفتواهم بحرمته". ثانياً: ورد في المصدر السابق أيضاً (6/ 457) قوله: "ويحرم أكل البنج والحشيشة والأفيون؛ لأنه مُفسد للعقل، ويصدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة... وقد استعمله قوم فاختلت عقولهم، وربما قتلت، ونقل صاحب "الدر المختار" وغيره أن من قال بِحِلِّ الحشيشة فهو زنديق مبتدع، بل قال نجم الدين الزاهدي: إنه يكفر ويُباح قتله". ثالثاً: جاء في "مغني المحتاج" (4/ 187): "ونقل الشيخان في باب الأطعمة عن الروياني أن أكل الحشيشة حرام... وقال الغزالي في "القواعد": يجب على آكلها التعزير والزجر... وقال ابن تيمية: إن الحشيشة أول ما ظهرت في آخر المئة السادسة من الهجرة حين ظهرت دولة التتار، وهي من أعظم المنكر وشرٌّ من الخمر في بعض الوجوه؛ لأنها تورث نشوة ولذة وطرباً كالخمر، ويصعب الفطام عنها أكثر من الخمر". رابعاً: قال ابن تيمية: "الحشيشة المصنوعة من ورق العنب حرام أيضاً، يُجلَد صاحبها كما يُجلَد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج حتى يصير في الرجل تخنُّث ودياثة وغير ذلك من الفساد، والخمر أخبث من جهة أنها تُفضي إلى المخاصمة والمقاتلة، وكلاهما يصدُّ عن ذِكْرِ الله تعالى وعن الصلاة، وهي داخلة فيما حرَّمه الله ورسوله من الخمر والسكر لفظاً أو معنى" "السياسة الشرعية"/ ص108. خامساً: قال الإمام الصنعاني: "ويحرم ما أسكر من أي شيء وإن لم يكن مشروباً كالحشيشة" "سبل السلام" (4/ 53). سادساً: جاء في المؤتمر الإقليمي السادس للمخدرات المنعقد في الرياض لعام (1974م): "أجمع فقهاء المذاهب الإسلامية على تحريم إنتاج المخدرات وزراعتها وتعاطيها، طبيعية كانت أو مخلَّقة، وعلى تجريم من يُقْدِم على هذا". وفي الختام فإن الآثار المترتبة على تعاطي المخدرات مدمرة للإنسان والمجتمع، ومتصادمة مع أحكام الشريعة الإسلامية وحِكَمِها؛ وبالتالي كان حكمها التحريم، وكذلك فإن الاتجار بالمخدرات بيعاً وشراء و تهريباً وتسويقاً وربحاً كله حرام كحرمة تناول المخدرات؛ لأن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام.