عبر عوالم الفضاء والبحث في أصل الكون والسعي إلى التطور العلمي، أخذ رائد الفضاء كلود نيكوليي جمهور أكاديمية المملكة المغربية في رحلة، من خلال محاضرته التي استقبلها، الأربعاء، مبنى الأكاديمية بالرباط. ونظمت محاضرة عالم الفيزياء الفلكية ورائد الفضاء نيكوليي في إطار سلسلة محاضرات "الابتكار وقضايا العصر"، التي تأتي في سياق الاحتفاء بمئوية العلاقات المغربية السويسرية؛ وهي أنشطة تنظمها أكاديمية المملكة بشراكة مع أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات وسفارة سويسرا بالرباط. وفي مداخلته المعنونة ب"هابْل.. التحدي والمكافأة"، تحدث رائد الفضاء كلود نيكوليي عن زيارتَيه إلى الفضاء، خلال تسعينيات القرن الماضي، من أجل إصلاح التلسكوب "هابل"، كما لم يستبعد إمكان وجود حيوات أخرى بالكون، نظرا لعدد المجرات الموجودة، وعدد نجومها وكواكبها التي لم يُتعرّف عليها بعد. واسترسل كلود نيكوليي ساردا قصة هذا المِرصد، التلسكوب، الذي وفر للمجتمع العلمي والعالم "صورا أوضح وأكثر دقة" للفضاء، ومجرات الكون، مكنت من ملاحظة أدق، وفهم أكبر للظواهر الفيزيائية. وأخذ المحاضر الجمهور الحاضر بالأكاديمية في جولة للتعرف على التلسكوبات الموجودة بالعالم، سواء المستعملة منها أو التي مازالت في إطار الإعداد، وصولا إلى تلسكوب جيمس ويب، الذي من المرتقب أن ينطلق إلى مستقره في الفضاء شهر دجنبر القادم من السنة الجارية 2021، وتعلق عليه آمال كبيرة مؤسسة علميا لزيادة الفهم الإنساني للكون الذي تسبح فيه الأرض. وبدءا من "الانفجار العظيم" الذي تفتقت عنه النجوم والمجرات، وصولا إلى حاضر الكون بعد مرور مليارات السنوات عن تاريخ نشأته، أبرز عالم الفيزياء الفلكية أهمية تلسكوب "هابل"، الذي أطلق سنة 1990، في مسار "فهم أحسن لما يحدث هناك". وتطرق كلود نيكوليي إلى ما اكتُشف بفضل هذا المِرصَد من مجرات كاملة، بصور ذات دقة مذهلة، وبيانات علمية، قبل أن يعود إلى إطلاق "هابل"، أو اللحظة التي "تبقى رائعة دائما". وعاد المتدخل إلى المشكل الذي عرفه هذا المِرصد، بعد صناعته عالية الدقة، على مستوى نظامه البصري، بسبب خطأ في تقدير حجم مرآته الأساسية، ما انعكس على دقة صور النجوم الملتقطة، الأمر الذي مس بصورة وكالة "ناسا"؛ قبل أن يستدرك متحدثا عن رحلته الأولى إلى الفضاء، التي كانت "من عظيم سعادته وشرفه"، مع فريق كامل، في إطار جهود الإصلاح المستمر، التي نجحت في سد هذه الثغرة. وخصص عالم الفيزياء الفلكية، الذي يعد أول رائد فضاء سويسري، الجزء الأخير من محاضرته للحديث عن مدى ضخامة، ودقة، وأهمية مِرصد جيمس ويب، الذي من المرتقب أن يترك الأرض متم هذه السنة، آملا أن يجري هذا في موعده المقرر. ولم تخل هذه المحاضرة من لحظات إنسانية، تحدث فيها رائد الفضاء عن الجانب الشخصي في هذه التجربة؛ خاصة ما يتعلق بتكامل الفريق الذي نفذ إلى الفضاء، وما يتذكره من احتفال برأس السنة الميلادية على بعد أزيد من 600 كيلومتر عن الكوكب الأم، مرتديا، مع زملائه، قبعات "سانتا"، مع تمسكه بذوق مسقط رأسه بإحضاره جبنا وشوكولاتة سويسريّين إلى الفضاء.