تعهد أمراء الحرب الأفغان بالدفاع عن معاقلهم في مواجهة طالبان وسحق المتمردين، لكنهم وعلى غرار القوات الحكومية استسلموا بسهولة مثيرة للدهشة. وفيما كان المتمردون يجتاحون شمال البلاد في هجوم خاطف استهدف معقل المناهضين لطالبان في أفغانستان، دعا الرئيس أشرف غني إلى تعبئة وطنية لقوات الميليشيات. ورغم تاريخ غني المتقلب مع أمراء الحرب في أفغانستان، كان الرئيس المحاصر يأمل في أن يتمكنوا من المساعدة في وقف هجوم المتمردين. في مدينة مزار شريف في شمال البلاد، طلب غني مساعدة الرجل القوي عطا محمد نور وأمير الحرب الأوزبكي عبد الرشيد دوستم؛ إذ إنهما معروفان بقتالهما المستميت ضد طالبان خلال تسعينات القرن الماضي، كما أنهما بقيا شخصيتين مؤثرتين خلال العقدين الماضيين من الحرب. في الأيام التي سبقت هزيمتهما، بدا القائدان الأشيبان كأنهما المحاربان القديمان اللذان كانا خلال سنوات الشباب. وصرح دوستم للصحافيين الأسبوع الماضي، بعد عودته إلى مزار شريف، بأن "طالبان لم تتعلم إطلاقا من الماضي"، مشيرا إلى مجزرة نفذها مقاتلوه ضد عناصر في الحركة في 2001. وأضاف: "أتى مقاتلو طالبان إلى الشمال مرات عدة لكنهم كانوا دائما محاصرين. ليس من السهل عليهم الخروج". أما نور فقد لجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإصدار تحذيراته، ونشر صورا لمقاتلين من طالبان قتلتهم قواته، فيما توعّد بالقتال حتى الموت. وكتب نور على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي: "أفضّل الموت بكرامة على الموت من اليأس"، إلى جانب منشورات أخرى تنطوي على تحد وتتعهد ب"الدفاع عن الوطن". وفي مقطع فيديو بث على "فيسبوك"، أمس السبت، تحدث نور ببزته العسكرية بهدوء، فيما كانت تسمع طلقات نارية من مكان قريب. مؤامرة جبانة في نهاية المطاف، لم تنجح "الشجاعة" في هزم المتمردين. ومساء السبت هُزمت مليشيات المحاربَين المخضرمَين بعد استسلام الوحدات العسكرية الأفغانية التي كانت تدعمها لطالبان وفر كل من دوستم ونور عبر الحدود الأوزبكية القريبة. وكتب نور على "تويتر" أنه ودوستم كانا ضحيتين لخيانة متأصلة، مضيفا أن مقاومة الميليشيات انتهت "نتيجة مؤامرة كبيرة منظمة وجبانة". ولم يقدّم أي تفاصيل إضافية. في الوقت نفسه، أظهر مقطع فيديو على حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي مناصرة لطالبان مجموعة مقاتلين شباب، تابعين لحركة طالبان، وهم يمشطون مسكن دوستم المتخم بالأثاث ويبحثون في الخزائن. وجاءت هزيمة نور ودوستم بعد أيام من أسر مقاتلي طالبان في مدينة هرات، غرب أفغانستان، الرجل القوي إسماعيل خان. وكان خان، قبيل هزيمته، يبدو كأنه الشخص القوي الذي حكم بقبضة من حديد لعقود، إلى درجة أنه لقب ب"أسد هرات". وقال خان الشهر الماضي: "نطالب كل القوات الأمنية المتبقية بالمقاومة بشجاعة"، لكنه أجبر، أول أمس الجمعة، على التقاط صور مع مقاتلي طالبان وإجراء مقابلة مع وسيلة إعلامية تابعة للمتمردين. وبعد كل الوعود الضخمة جاءت النهاية مذلّة.