أيها المستبدون.. من أعطاكم الممحاة لتمحوا الأفق؟ من ناولكم الحجارة لتسدوا باب النفق؟ من أعطاكم السيف لتغتالوا حق الحياة؟ من أعطاكم المقص لتمنعوا حق التعبير؟ من أعطاكم الشرعية لتحولوا أوطاننا إلى مقابر؟ من أعطاكم مفاتيح المعبد لتصكوا صكوك الغفران؟ لماذا تحولوا لاءاتنا إلى نعم؟ واحتجاجاتنا إلى حفلات ولاء؟ وليالي بؤسنا إلى رقص فاجر؟ وتعليمنا إلى جهل مركب؟ وإعلامنا إلى فضيحة تسعى؟ لماذا تجعلوا ضحاياكم مختلفين، كل خائف من الأخر ومستقو عليه.. إنها ملهاة ومأساة؟! لماذا تتبخر وعودكم في كل مرة، ويبقى زبذ الاستبداد والفساد؟.. تتغير حكوماتكم، وتبقى تماسيحكم وعفاريتكم راسيات كالجبال؟ لماذا ترفعوا اسم الله في المناسبات، وتغتالوا في كل دقيقة كرامة الإنسان خليفته في الأرض؟ لماذا يتكاثر المصلون العابرون، وتختفي الصلاة الراسخة في محاريبكم؟ وتعقدون قرانا بين المعبد والسيف؟ لماذا تكسبون رعياكم معجزتان؛ معجزة القدرة العاجزة، ومعجزة العجز القادر؟ لماذا تؤمنون بالجهل النافع، وتكفرون بالمعرفة الضارة؟ وتجعلون رحم الأوطان عقيمة، لا تلد إلا جاهلا خائفا ومذعورا؟ ألأننا أنسنا بهذا الليل الساكن، وشربنا من هذا الماء الراكد، وحشونا رؤوسنا بقصائد المديح، واكتفينا بصمت المقابر، وعقدنا مع المخذة صفقة نوم.. توقعون على صفحة الأوطان موتنا الأبدي، وتبيدون كل ذرة كرامة على جلدنا الأدمي؟!.. لقد خدمناكم طول عمرنا حتى استوطن الغباء عقولنا وقلوبنا، فما حضينا بالرغيف الكريم، أو نسمة هواء فيها بصيص من حرية، ولعقنا الغبار، وسخرت من ذلنا الأقدار!.. لكن دوام الحال من المحال.. فانتظروا ريحنا آتية وبيوتكم من قش وبحارنا عاتية ورمالكم لا تقي من بأس وأشجارنا منتصبة لا تخشى معولا أو فأس.. وإنا لمنتظرون. [email protected]