استضاف أحد البرامج التلفزيونية على القناة المغربية الثانية في بحر هذا الأسبوع شخصيات شابة برزت سنة 2012 في العديد من المجالات، ومثلت القطاع الرياضي البطلة الأولمبية نجاة الكرعة، التي أنقذت ماء وجه المشاركة المغربية في أولمبياد لندن 2012، بحصولها على الميدالية الذهبية الوحيدة، إضافة إلى تحطيمها رقما قياسيا. لكن نجاة الكرعة ليست رياضية عادية، هي ممن نطلق عليهم ذوي الاحتياجات الخاصة، أي أن مشاركتها في محفل لندن كان من بوابة الألعاب البارلمبية في منافستي رمي القرص ورمي الجلة. المرارة التي تحدثت بها البطلة الذهبية والدموع التي اختنقت في جوفها وهي تحاول أن توصل صوتها إلى المسؤولين المغاربة وإلى المجتمع الدولي بضرورة المساواة بين الرياضيين "الأسوياء" و"غير الأسوياء"، جعلتني أشعر بالخجل من نفسي أولا كإنسانة "سوية" وثانيا كإعلامية. فماذا فعلنا نحن أصحاب الأقلام والأفكار لهذه الفئة من الرياضيين؟ يكفي أن نعلم أن ما تصرفه اللجان الأولمبية العربية على الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يساوي ربع ما تصرفه على الرياضيين العاديين، وأستشهد هنا بما صرح به وزير الرياضة المغربي محمد أوزين حينما أقر بأن وزارته أنفقت على الرياضيين "الأسوياء" الذين سيمثلون بلدهم في الأولمبياد 45 مليون درهم مغربي، فيما خصصت 5 ملايين درهم مغربي فقط لذوي الاحتياجات الخاصة. ومع ذلك عاد الرياضيون "الأسوياء" المغاربة من لندن بفضائح المنشطات، اللهم البرونزية التي حصل عليها العداء عبد العاطي إيكيدير، فيما انتزع نظراؤهم "غير الأسوياء" أربع ميداليات، ثلاث منها ذهبية. والأمر لا يقتصر على المغرب، فإذا قارنا حصيلة العرب في أولمبياد لندن، سنجد أن غلة الألعاب الأولمبية لم تتعدى 12 ميدالية، أما ممثلونا في الألعاب البارلمبية فقد عادوا لنا ب66 ميدالية ملونة، حيث احتلت تونس صدارة الترتيب عربيا والمركز 14 عالميا. ومع كل هذا مازالت بعض البلدان العربية لا تتوفر على لجنة بارلمبية تعنى بهذه الفئة من الرياضيين، ومازال هؤلاء النجوم يعانون التهميش والنسيان والحرمان من الاعتراف المادي والمعنوي، أو على الأقل أبسط حقوقهم في الحصول على ظروف استعداد وتجهيز مناسبة للمشاركة في البطولات الدولية، ومازالت الشركات الراعية ترى أنها ستجني الأرباح فقط برعايتها للرياضيين "الأسوياء"، مع العلم أن تذاكر مسابقات الألعاب البارلمبية نفذت قبل أسبوع من انطلاقتها، وأن المدرجات امتلأت عن آخرها بجماهير شغوفة ومتحمسة لم تتوقف عن تشجيع هؤلاء الرياضيين الذين شرفوا شعوبهم وكانوا في كثير من الأحيان طوق نجاة لسمعة بلدانهم. فمتى ستكون بلدانهم طوق نجاة لهم؟ [email protected]