أكد الكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلو، أن تجربة السجن والتعذيب التي مر بها في البرازيل، إلى جانب العيش في ظل النظام الديكتاتوري، ساهمت في صقل شخصيته وتحويله إلى الشخص الذي هو عليه اليوم، معتبراً أنه اختار عيش حياته كمغامرة بدلامن السقوط ضحية الخوف. "" وكشف صاحب "الكيميائي" أنه صبغ أبطال رواياته بألوان شخصيته الحقيقية، مانحاً إياهم بعضاً من تجاربه ورؤيته للحياة، ودعا إلى الحفاظ على التوازن الطبيعي للإنسان بين نزعاته الذكورية والأنثوية. وقال كويلو في لقاء خاص مع موقع CNN بالعربية، إنه مسرور لكونه ما زال يجهل جوانب عديدة من شخصيته الخاصة، واصفاً نتاج الفنون الإنسانية بأنها "الجسور الوحيدة التي ما زالت قائمة بين الشعوب." وحول موقع المرأة وتأثيرها في حياته، بدأ حديثه بالقول:"أنا امرأة ... يبدو مظهري كمظهر الرجال لكنني امرأة." ثم ابتسم، وقال موضحا: " بمعنى إنني أعمل دائماً على توطيد الاتصال بطاقتي الأنثوية ... علينا أن نوازن بين الناحيتين، فنحن بحاجة للنظام بقدر حاجتنا للعطف والحدس.. وفي رواياتي أحاول دائماً التركيز على الجانب الأنثوي، كي يصار إلى تقبله." الكاتب البرازيلي، الذي كان في دبي لإطلاق روايته الجديدة "ساحرة بورتوبيللو" التي يجري جزء من أحداثها في الإمارات العربية، قال إنه يفضل عدم تفسير نجاح روايته الأكثر شهرة "الكيميائي" مطالباً باحترام "الأسرار" والمعاني الخفية التي تحيط بنجاح هذا النوع من الأدب الذي يتميّز بطابع وجداني. وأضاف: "من الصعب تفسير النجاح، لكن الفشل له آلاف الأسباب ... أفضّل أن أحترم الجانب الغامض والسرّي في نجاح الرواية التي تحمل بعداً رمزياً بالنسبة لي يمثّل رحلتي في الحياة، وقد ذهلت لمعرفة أني لم أعش تلك التجربة وحدي، بل عاشها معي آلاف الأشخاص من ثقافات مختلفة حول العالم." ونفى كويلو استخدامه لأي أسلوب خاص لمنح شخصيات "الخيميائي" طابعاً عالمياً قادراً على بلوغ عقول وقلوب القراء حول العالم، معتبراً أن ذلك عائد أساساً إلى وحدة القيم الإنسانية بين البشر. وتابع الكاتب الكبير قائلاً: "عندما اكتب رواياتي فأنا أكتبها لنفسي... لا يمكنني أن أقول إنني أعرف نفسي تماماً..فهناك جوانب ما زالت غامضة في شخصيتي حتى بالنسبة لي.. لكننا (كبشر) نتشاطر القيم نفسها، وهذا يمنحني الأمل، لأنه يتيح لنا تذوق إبداعات بعضنا الفنية، كالموسيقى والأدب والرقص، وهي الجسور الوحيدة التي ما زالت قائمة بيننا بعدما تهاوت للأسف جسور كثيرة أخرى." كويلو ألمح إلى الدور الكبير الذي تلعبه تجاربه الشخصية وخلفيته التاريخية في سبك أحداث وشخصيات رواياته، وخاصة التجارب الإنسانية القاسية كالسجن والتعذيب اللذان عاشهما الكاتب البرازيلي في بلاده. وفي هذا السياق قال كويلو: " هناك قول مأثور لأحد الفلاسفة الأسبان، وهو أنا نتاج ذاتي وظروفي ... لست أدري كيف ستكون شخصيتي لو أنني لم أمرّ بالتجارب التي اعترضت حياتي.. لكن هناك تجارب لا يستحق أحد أن يعيشها، كالتي عانيت منها من تعذيب وسجن في البرازيل، والعيش تحت الحكم الدكتاتوري." واستطرد بالقول: "لكن في نهاية المطاف عليك أن تختار بين أمرين، أحدهما أن تصبح ضحية مسكونة بهواجس الخوف من الحياة، أو أن تشعر وكأنك مغامر ... تحارب في سبيل ما تعتقد أنه مهم ... وهذا ما فعلته." وبرر كويلو أسلوبه في اختيار عناوينه بالقول إن الكتاب "يختار عنوانه بنفسه"، مؤكداً أن كل رواياته تحمل جزءاً من شخصيته الحقيقية الحالية والسابقة. وحول الطريقة التي يقارب بها الموضوع الديني في كتاباته عبر التلميح دون الغوص في المواقف، قال الكاتب: "أنا لا اعتبر نفسي كاتباً متديّناً، لأنني أرى أن الأديان تشكل قناعات شخصية جداً، ويجب احترامها على هذا الأساس.. ومعظم مشاكلنا اليوم تنبع من سعينا أحياناً لفرض قيمنا على الثقافات الأخرى." وأضاف: "أنا شخصياً كاثوليكي العقيدة، لكنني لا أتناول الموضوع أبداً ... أعتقد أن النزاعات الإنسانية أهم بكثير من هذه الأمور، وأن جميع الأديان في نهاية المطاف تقودنا إلى الإله ذاته." ورفض كويلو الإفصاح عن مشاريعه المستقبلية، بدعوى أنه "لا يعرفها بعد"، مؤكداًَ أنه لا يسجل ملاحظات مسبقة ليستخدمها في رواياته.. مشيرا إلى أنه ، على سبيل المثال، لم يكن يعرف عندما زار دبي لأول مرة أن بطلة روايته الجديدة ستزورها. وتتناول رواية الكاتب البرازيلي الجديدة حياة شابة من أم غجرية تتبناها أسرة لبنانية وتعيش - كسائر شخصيات روايات كويلهو - أزمة هوية داخلية بين الشرق والغرب، وتقودها رحلتها للتعرف على ذاتها إلى بريطانيا ولبنان واليونان ودبي. وإلى جانب "الكيميائي" فإن لكويلهو مجموعة من الروايات الشهيرة أبرزها "فيرونيكا تقرر أن تموت" و"على نهر بيبدرا" و"الشيطان والآنسة بريم" و"حاج كومبوستيلا" و"11 دقيقة" وهي رواية تحمل وصفاً دقيقاً للعلاقة الجنسية، مما دفع عدداً من الدول العربية إلى حظرها.