... بل أكثر من حرام، ربما هي من الكبائر والموبقات... وإلا فأي تفسير يمكن إعطاؤه لموقف مسؤولي هذه الجامعة، وبالضبط كلية العلوم ، والقاضي بمنع الموظفين من الدراسة وخاصة في أسلاك الماستر والماستر المتخصص ؟ فما دام دستور المملكة الجديد لا يمنع أي مواطن من متابعة دراسته، بل يعتبرها من الحقوق الأساسية التي توفرها الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية لعموم المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، وذلك بتعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب الاستفادة للجميع. وما دامت القوانين الجاري بها العمل، خاصة تلك المنظمة للتعليم العالي، لا يمكن أن تنص على منع الموظف من متابعة دراسته الجامعية في مختلف الأسلاك .... مادام الأمرُ هكذا، فلا يكون مثلُ هذا الحرمان إلا لورع في الدين، وحرص على تقوى الموظفين. فهذه هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تفسر هذا الإصرار على حرمانهم، حتى ولو أدلوا بكل الوثائق التي تتبث أنهم في وضعية سليمة، تغريهم ب "ممارسة هذا الحرام الممقوت" الذي يسمى دراسة جامعية. نارٌ تلك التي تشتعل برأسك وبأعماقك وأنت تحارب الأشباح وتواجه أشخاصا وهميين. يفرضون عليك قانونهم الخاص، يفرضون عليك رؤيتهم الخاصة للأمور... نعم، يُرغمونك أن تشرب الماء الذي يغسلون به أيديهم وربما أعضاء أخرى من أجسامهم الطاهرة المقدسة، وتستنشق الهواء الذي يلوثونه بسجائرهم، وتتذوق الكلمات غير المنطقية التي تنطق بها ألسنتهم.... ومع كل هذا أنت في منطقة لا تخولك أن تراهم أو تنعم بطلعتهم. فهم في غياب مستمر، وإذا ظهروا فلوقت وجيز. ثم يعودون لغيابهم. هذا كان حالنا طوال شهر تقريبا مع مسؤولي جامعة إبن طفيل وكلية العلوم التابعة لها. وحين ضاقت علينا الأرض بما رحُبت وتوجهنا صوب الوزارة ، قابلَنا المسؤولون هناك برحابة صدر، وببشاشة، وبكرم أيضا. لكن بدون نتيجة تذكر، فهناك يقولون لنا - نحن معشر الموظفين المغفلين الراغبين في الدراسة- لا أحد بوسعه أن يحرمكم من الدراسة، بشرط توفركم على الوثائق والشروط الضرورية. ومن بينها ترخيص الإدارة المشغلة بمتابعة الدراسة. فأما السيد رئيس الجامعة و السيد نائبه فيؤكدان كلام السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر. أي يكفي الإدلاء بترخيص يسمح بمتابعة الدراسة الجامعية. وأما السيد عميد كلية العلوم، فيقول : لن يسجل أيا كان بترخيص فقط ،حتى ولو انطبقت السماء على الأرض. هناك حلان لا ثالث لهما ، إما الإدلاء بشهادة عدم العمل أو بوثيقة يسميها هو (التفرغ الكامل). تسمح لنفسك أن تجادل من ينوب عنه في تبليغ كلامه، أو مجادلته هو بالنسبة لمن حازوا شرف مقابلته ، تقول له بمنتهى الأدب وبمنتهى حسن الخلق :" يا سيدي ليست هناك وثيقة إدارية يمكن أن يتسلمها الموظف في القطاع العام تسمى وثيقة التفرغ الكامل" ، يرد عليك: "عندي مذكرة وزارية رقمها 447 صادرة بتاريخ 10 أبريل 2012، تنص على السماح فقط للطلبة المتفرغين بشكل كامل بمتابعة دراستهم باسلاك الماستر" تواصل حجاجَك ودفاعَك عن وجهة نظرك، وتقول له بأن السيد الوزير نفسه ،وهو المسؤول الأول عن القطاع، صرح مرارا وتكرارا ، أن هذه المذكرة لا تعني وضعية خاصة بالنسبة للموظفين ولكن تعني الحضور و الحرص على جودة التكوين، وإلغاء التكوينات المؤدى عنها حتى لا يستغلها البعض لأهداف خاصة. وتقسم له بكل الأيمان أن هذا هو المقصود من الناحية اللغوية. وتؤكد له أن مسؤولين في الوزارة ليسوا سياسيين ولا سياسويين ولا مُسايسين ولا حتى متسيسين مبتدئين يقولون بهذا الفهم البريء للمذكرة، أي السعي للجودة قدر الإمكان، وليس إقصاء الموظفين...فهُؤلاء الموظفون في نهاية المطاف مواطنون، هدفهم خدمة الوطن بما قد يتعلمونه في الكلية والجامعة. ومطلوب أن يكون مسؤولو الجامعة حريصين مثلهم على تعليمهم، وعلى أن تسود أخلاق العلم والوطنية وحب الخير لهذا البلد. لكن هذا المسؤول، القوي من موقع المسؤولية، والذي له أن يفعل ما يشاء، يسد فمك ويقطع كلامك، بقوله : أعطني شيئا مكتوبا يفسر هذه المذكرة حسب ما تذهب إليه. تحس أن الحوار هنا غير ممكن. تعود إلى الوزارة تحمل همومك واشجانك وأحزانك ... ترجوهم بكل الوسائل أن يكتبوا شيئا يقنع هذا العميد أو هذا المسؤول. تقول لهم : إرحمُونا من الدوران في هذه الدائرة المغلقة ... لقد تعبنا ، نريد فقط أن نمارس حقا يكفله الدستور، وتحفظه كل قوانين البلد. نريد العلم لأن العلم نور. نريد أن نساهم من موقعنا في القضاء على "بقع الظلام" ... نريد أن نطور مستوانا ونعرف ما جدَّ في دنيا العلم والتقنية والتطور. منا من هو خارج السلم ... ومنا من هو مقبل كي يخرج خارج السلم.. ومنا الحاصلون على السلم الحادي عشر ... فحرصنا على العلم والمعرفة خارج منطق "السلاليم"، فنحن لا نطلب ترقية. وحتى من طلبها فإن القانون الآن لا يمكنه من ذلك. هل حرامٌ أن يقر الإنسان بحاجته إلى التكوين من جديد؟ هل عيبٌ أن تساهم الجامعة في تأهيل الأطر والموارد البشرية لخدمة هذا الوطن؟ هل حرام أن يواصل الموظف دراسته ويطبق ذلك الشعار " التربية والتعلم مدى الحياة" والمطبق في كل بلاد الدنيا المتقدمة ؟ ومرة أخرى يخاطبك مسؤول كبير في الوزارة، لقد اتصل السيدُ الوزيرُ نفسُه بالسيدِ الرئيسِ نفسِه حول المذكرة نفسها بكل وسائل التأكيد والتوكيد نفسها لتحقيق الأهداف والغايات نفسها. ولا مشكلة في تسجيل الموظفين ، بل هو شرف للجامعة أن تساهم في هذا الجهد العلمي والتقني لتأهيل جزء من الأطر الوطنية في مختلف التخصصات ليساهموا بدورهم في تطوير أدائهم وتحسين مستواهم وتقديم أفضل الخدمات لوطنهم. يا إله الأرض والسموات ... يا رب الملكوت وكل الكائنات . إرحم ضعفي ... إغفر ذنبي . فأنا أناني في نهاية المطاف. أحس بالألم الذي يحرق أعصابي...وينغرز في أعماقي...ويسري في دمائي ... و قليلا ما أحس بآلام الآخرين كما هو إحساسي بآلامي. وهذا فصل قصير من عقابي.. فاغفر أنت الغفار... وأنصفنا أنت الواحد القهار. ومع ذلك أحاول أن أتعالى عن هذه الأنانية البغيضة، أخاطب لوحدي رئيس الجامعة بخطاب راق جدا، أحرك مشاعره الوطنية، أنبهه إلى كوننا في وطن واحد... مصيرنا واحد... مستقبلنا واحد. ربما تكون رئيس جامعة اليوم، أو وزيرا حتى. لكن إذا أنت سمحت لنفسك باتخاذ قرارات تعرف أنها غير قانونية وغير أخلاقية وغير تربوية ولا تعليمية ، فإنك بذلك تعرض مستقبل إبنك الذي من صلبك للخطر ، لأنه في الغد القريب سوف يجد من يحرمه من دراسته لأسباب أخرى أكثر تفاهة. ولذلك لا بد من الحذر. فالمسؤولية إما لخدمة الوطن أو لتخريب الوطن. الحذر واجب. وأما عميد كلية العلوم فلم يسمح لنا حتى بمخاطبته. تصوروا، أوحى للموظفين معه ألا يسمحوا لأي كان بوضع طلبه أو تظلمه قصد الاستفسار عن سبب منعه تسجيلَ الموظفين. لأن في الأمر كثيرا من اللبس وسوء الفهم. يُسمح للموظفين في كليات ومواقع أخرى بمواصلة دراستهم الجامعية، وفي كلية العلوم بالقنيطرة يُمنعون ولا يسمح لهم حتى بوضع طلباتهم. هذا المسؤول يُصر بقوة على شيء مكتوب من الوزير، لكنه لا يقبل بالطلب المكتوب من صاحب الحق. فهل نقبل نحن بهذا "المكتوب" ؟؟؟ أقول للسيد الرئيس بالحرف الواحد ، وبكل الحرقة وكمِّ الألم بين أضلعي : (و كما لا يخفى عليكم سيدي الرئيس، فإن المغرب يعرف نموا اقتصاديا متواصلا، و عددا كبيرا من الأوراش الكبرى، بما فيها تلك المتعلقة بالماء ، والمنصوص عليها في الاستراتيجية الوطنية للماء التي تتماشى ومكونات البرنامج الدراسي المنصوص عليه في سلك الماستر أعلاه . وهو ما ينبغي معه تأهيل الموارد البشرية العاملة بالقطاع العام. وتعتبر الجامعة الوجهة الأساسية التي تضطلع بمهمة التكوين العلمي والتقني لفائدة هذه الموارد البشرية. ولكوني موظفا بقطاع الماء، وقع اختياري على هذا التخصص الذي يسمح لي بتطوير معارفي ومكتسباتي العلمية والتقنية بشكل كبير ) أخاطب فيه وطنيته ... أخاطبُ فيه المغرب العزيز ، هذا الوطن الذي يجمعنا ويجب أن نحبه ونقدم له شيئا ذا بال. أنتظر جوابا وطنيا يفرحني ويفرح كل الموظفين معي ، الراغبين فقط في مواصلة دراستهم الجامعية. بل وأذهب بعيدا ، أحلق في سماء خيالي الواهم، ففي الغد أهدي الكاتبة التي تستقبلنا على الأقل ببشاشة وربما تتعاطف معنا، أهديها مقالة لي، فأنا أصنع الكلام.. ولكن أحب أن تعرف وربما يعرفُ السيد الرئيسُ أيضا أنني ساهمت، ذات يوم من موقعي، في صناعة الحدث. ومازال هذا الهاجس يحركني. أريد دوما أن أقدم شيئا لوطني ...فماذا أساوي بدون هذا الانتماء؟ وما شأني إن لم أتمتع بهذه الصفة : مغربي ... حبي لبلدي ... لهؤلاء المواطنين الذين أتفانى في حبهم وتجمعني بهم وشائج الوطن وقرابة هذا الثرى الغالي علينا جميعا... بل وأحب الخير لكل الناس في كل مكان. فأما المقال (التعليم : ذكريات ... وآمال) وهذا رابطه (http://hespress.com/permalink/62236.html ) فها هم اقرؤوه . وأما بقية أنشطتي المهنية والجمعوية والاجتماعية فكلها متعلقة بالماء، خاصة تزويد الدواوير النائية ، في العالم القروي، بالماء الصالح للشرب. وحين أصرُّ على مواصلة دراستي بهذا الماستر (Hydroinformatique et Gestion des Hydrosystèmes) المفتوح بكلية العلوم ، فلأنه يدخل في صميم تخصصي، ومسؤولو قطاع الماء كلهم مجمعون على هذا، لأنه يدخل في محاور الاستراتيجية الوطنية للماء. وكلنا على علم بالسياسات المغربية المتعاقبة في هذا المجال. وخاصة سياسة السدود التي نادى بها الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله. إن هذه السياسة هي التي وقتنا من شر العطش. فمن كان بإمكانه، ولديه رغبة عارمة، أن يواصل في نفس المجال، طلبا للعلم والمعرفة، فلماذا يُحرم من ذلك ؟؟؟ ولكي أجسد اهتمامي وثقة المسؤولين في، حاولت أن أستعد للامتحانات الكتابية والشفوية. وكان ترتيبي الأول حتى أقنع نفسي والأساتذة المشرفين على هذا التكوين بأهليتي وانخراطي الكامل في الدراسة وطلب العلم ... لأن العلم نور. ونحن بهذا النور نريد المساهمة، قدر الإمكان، في تطوير أدائنا وتكويننا للاستجابة لكل التحديات المطروحة. ولكن يا ليت "قومي في الكلية" كانوا يسمعون أو على الأقل يوهموننا أنهم يسمعون . غزلت لهم غزلا رقيقا فلم أجد *** لغزلي نساجا فكسرت مغزلي وليس مقصودي اليأس من كل المسؤولين، أبدا. بل فقط يئست من كل مسؤول يبحث عن أسباب واهية كي يمنع المواطنين، بغض النظر عن صفاتهم ومقامهم، من مواصلة دراستهم وتعليمهم. إنني مازلت أتواصل مع كل واحد بإمكانه أن يحل هذا المشكل... فهو لا يخصني لوحدي . ولست مخولا أن أتحدث باسم الموظفين الاخرين. وكلهم يسعون لتطوير إمكانياتهم العلمية والمعرفية خدمة للمواطنين والوطن. أصرخ عسى صرختي تصل آذان المسؤولين بشكل أقوى... رقم هاتفي أصبح أجرب، هل رأيتم من قبل رقما هاتفيا أجرب ؟؟؟ هو والله كذلك، فما أكثر من أتصل بهم ولا يجيبون ، سئموا من سماع صوتي وشكاوي المكرورة. سئموا من سماع نفس الحكايات، ونفس العبارات، ونفس الكلمات. من حقهم أن يسأموا وألتمس لهم وحدي ألف عذر. فلا تسأم سيدي القارئ من كلماتي ... ففي نهاية المطاف هي دفاع عن الحق. وما ضاع حق وراءه مدافع يؤمن بحقه في نور العلم كباقي الناس في بلاد الله جميعا. [email protected]