بين الفينة والأخرى تطفو فوق سطح الأحداث قضية غريبة، تصبح بقدرة قادر قضية رأي عام بجميع تلويناته السياسية والثقافية والشعبية. قضية جزئية تصبح بفضل الدعاية الإعلامية قضية الساعة وأولى أولويات القضايا المجتمعية التي يجب اتخاذ الموقف الفصل فيها لأنها أصبحت كرة الثلج التي تكبر شيئا فشيئا كلما ازداد عدد المتدخلين فيها. قضية الحريات الفردية و الحرية الجنسية:أصبحت اليوم قضية مجتمعية،بدأت بنقاش حقوقي للفصل 490،تطورت لنقاش إعلامي في بعض الفضائيات وأحد المنابر الإعلامية التي طرحت موضوع الحرية الجنسية في المغرب،بكل جرأة وتجرد عن منظومة القيم للمجتمع المغربي،والتي تلتها ردود أفعال متباينة ومتشنجة،أبرزها التصريحات النارية "للشيوخ- الجدد" على بعض صفحات المواقع الاجتماعية وفتاوى فقهاء النوازل.التشنج والانفعال مطلب أساسي لهذه النزالات المفتعلة في زمن الربيع العربي الذي يخطط له ليصبح خريفا يابسا. قضية،كغيرها من سابقاتها،أصبحت موضوع نقاش بين الناس في المقاهي والصالونات والمنتديات السياسية والثقافية لتقتحم في بعض الحالات أسوار البرلمان أو موضوع خطبة جمعة في المسجد. نتج عن ذلك سجال حاد بين عامة الناس وتمايز في الآراء بين المثقفين واختلاف في المواقف بين السياسيين، يؤدي ذلك إلى انقسام مكونات المجتمع إلى مؤيد ومعارض،لكن في قضايا هامشية،أمر في حد ذاته مطمح يضعف قوة المجتمع بإقحام أنفاس الهزيمة في نفوس شباب التغيير. بينما القضايا الأساسية التي طرحها الشارع العربي عامة والمغربي خاصة تم الالتواء عليها بحمل يافطة التغيير لكن بالحفاظ على روح الاستبداد.قضايا جوهرية أصبحت في طي النسيان،نموذج: استئصال الفساد ونصب ميزان المساءلة والمحاسبة، استرجاع المال العام والثروات التي نهبت وتنهب، توفير ضمانات ممارسة الحريات والحقوق العامة الحقيقية- لا الوهمية -... قضايا مفتعلة عرفها الواقع المغربي منذ عقود،تهدف إلى فتح فجوة "سوسيو- ثقافية" في النسيج المغربي، الذي تميز بالأمس القريب بتماسك مكوناته المجتمعية بجميع أصنافها على قاعدة وحدة قيم المجتمع التي بفضلها استطاع الوطنيون المؤسسون بناء مجتمع جديد قض مضاجع الاستعمار. أيادي خفية تعبث في نسيج المجتمع المغربي بمعاول الهدم ترفع من حجم الهوة بين مكوناته،بزرع قضايا وهمية في بيئة أصبحت بعد الربيع العربي المغربي الاستثنائي قابلة للمعارك الهامشية التي توظف الخطاب الحقوقي والسياسي والثقافي،و الديني من أجل تأجيج الصراع المجتمعي الأفقي حفاظا على توازنات و توزيع سلط بين أهل الاستبداد يستثمرها سدنته وتضمن لهم الحماية من أي مساءلة أو محاكمة مجتمعية. في السنوات الأخيرة، برزت قضايا مرتبطة بالحريات الفردية المرتبطة بالجنس، قضايا ذات طابع بهائمي ألبست لبوسا دينيا تثير الاشمئزاز والنفور، أذكر بعضها حتى نجد الخيط الرابط بينها:كزواج القاصرات والفتوى الشهيرة لصاحبها،السلوك الجنسي الشاذ وشرعنته من بعض فقهاء النوازل...أصحاب الفقه المنحبس أصبحوا من "نجوم المجتمع" بامتياز في زمن الربيع العربي !! ثورة جنسية تتأسس في زمن الحكومة الملتحية، أعقبت حراكا اجتماعيا سياسيا، كما وقع في أوربا في الستينيات حتى سبعينيات القرن الماضي أدت إلى إحداث تغييرات واسعة بخصوص الطريقة الذي ينظر بها المجتمع إلى الجنس، كان من شأنها إعلان عصر جديد من إلغاء التعصب المرتبط بالجنس من بعض النواحي وتنحية طريقة التفكير التقليدية، كما أدت إلى نشوء تشريعات جديدة بشأن السلوك الجنسي،وإرساء حرية جنسية متنوعة غير مقيدة بالعرف أو الدين- كما يقول المؤرخ دايفد ألين- ثورة جنسية تأخذ موقعها في المغرب،وذلك ب: • تأسيس ثقافة جنسية جديدة،مهد لها مع مطلع عشرية الألفية الثالثة بإدخال مصطلحات كانت من قبل مجهولة وهي اليوم معلومة ومألوفة في القاموس الاجتماعي من قبل:الأم العازب، زنا المحارم، الشريك الجنسي،المثليون،العري العلني، الخيالات الشهوانية الجامحة، استخدام المواد الإباحية، والممارسات الجنسية...وآخرها العلاقة الجنسية خارج مؤسسة الزواج موضوع الساعة. • المطالبة بتأسيس إطارات قانونية على شكل جمعيات تنافح عن حقوق دعاة الحريات الجنسية. • التسرب الخفي في النسيج الاجتماعي المغربي عن طريق المهرجانات الفنية والتظاهرات الثقافية تحت يافطة التسامح الديني والتعايش الثقافي... القضايا الرئيسية مغيبة بينما القضايا الثانوية حاضرة بقوة ولها جنود خفاء كثر يخططون للمدى البعيد والقريب، الهدف من ذلك، تأسيس منظومة قيم مجتمعية جديدة من خلال: 1. افتعال أزمة مجتمعية، يصبح الدين في قفص الاتهام، ينعث فيه البعض بالتطرف والظلامية والإرهاب والطرف الآخر بالحداثة والتنوير. 2. توظيف "دعاة الإباحية" و"أصحاب الفقه المنحبس" في النزالات الهامشية من الفعل المتمرد إلى رد الفعل المتشنج. 3. التشويش على أصحاب المشروع المجتمعي المتكامل الذي يتأسس على قاعدة الأسرة الطاهرة ومجتمع العمران الأخوي.