عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الإثنين في فلوريدا، أول مهرجان انتخابي بعد إصابته بوباء "كوفيد-19" الذي أرغمه على تجميد حملته لعشرة أيام، مؤكدا لأنصاره أنه "قوي للغاية" قبل 22 يوما من المواجهة الرئاسية مع جو بايدن. وهتف للحشود المتجمعة في سانفورد بولاية فلوريدا عازما على إثبات عودته الصاخبة إلى السباق: "لقد تخطيته والآن يقولون إن لدي مناعة" ضد فيروس كورونا المستجد. وأضاف وسط ضحك أنصاره: "يمكنني أن أسير وسط هذا الحشد (...) أن أقبّل الحضور أجمعين، أن أقبّل الرجال والنساء الجميلات". وفي ظل استطلاعات للرأي تشير جميعها إلى تقدم بايدن عليه، يأمل الرئيس الجمهوري في ردم الهوة خلال الشوط الأخيرة من الحملة من خلال التنقل في أرجاء البلاد. وبعد أسبوع فقط من خروجه من المستشفى، بدا ترامب مفعما بالنشاط لدى إلقاء خطابه الذي استغرق أكثر من ساعة ولم يوفّر فيه أيا من أهدافه الانتخابية المعتادة إلا وهاجمه، من "المحتالة هيلاري" كلينتون إلى الصحافة "الفاسدة"، مع إطلاق تحذيرات شديدة من مخاطر "اليسار الراديكالي" والكابوس الاشتراكي". وسخر من نائب الرئيس السابق الذي يلقبه "جو النعس"، مؤكدا أنه لم يعد يشبه "أيا كان". ولم يشارك بايدن في أي تجمع انتخابي كبير منذ عدة أشهر، مشددا على ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية التي فرضتها السلطات الصحية للحد من تفشي الوباء. "أحب فلوريدا" وهتف ترامب: "أحب فلوريدا!"، متوددا إلى سكان الولاية التي قد تلعب دورا حاسما في الثالث من نوفمبر، غير آبه باستطلاعات الرأي التي تتوقع كلها هزيمته أمام بايدن. وقال: "كان الأمر مماثلا قبل أربع سنوات، كانوا يقولون إننا سنخسر فلوريدا"، مضيفا: "بعد 22 يوما، سنفوز بهذه الولاية وسنفوز بأربع سنوات إضافية في البيت الأبيض!" وحاول في خطابه استنهاض قاعدته الناخبة، مشيدا باختياره القاضية إيمي كوني باريت لشغل مقعد في المحكمة العليا. وبدأ مجلس الشيوخ الأميركي، الاثنين، جلسة الاستماع الى مرشحة ترامب البالغة من العمر 48 عاما وسط انقسام حاد بين الجمهوريين الذين أشادوا بقاضية "لامعة"، والديمقراطيين الذين نددوا بعملية تعيين متسرعة سترسخ الهيئة القضائية العليا لفترة طويلة في المعسكر المحافظ. وقال ترامب: "ستكون قاضية رائعة". وعند مغادرته قاعدة أندروز العسكرية القريبة من واشنطن، لم يكن الرئيس يضع كمامة، خلافا لجميع عناصر الجهاز السري المكلفين بأمنه والمساعدين المحيطين به، وفق سيناريو مدروس لإظهاره في موقع القوة. وبعيد إقلاع الطائرة الرئاسية، أعلن طبيب البيت الأبيض، شون كونلي، أن ترامب خضع لفحوص أظهرت نتائج سلبية تؤكد أنه لم يعد يحمل الفيروس "لعدة أيام متتالية" باستخدام فحص سريع. غير أن فحص "أبوت" هذا لا يعطي نتائج دقيقة مثل الفحوص شائعة الاستخدام. "مناعة" وإن كان ترامب يتباهى ب"مناعته" ضد المرض، إلا أن هذه المسألة ما تزال محاطة بكثير من العوامل غير المؤكدة؛ إذ لا يعرف تحديدا مدى الحماية الناجمة عن الأجسام المضادة التي يكتسبها المريض، ولا الفترة التي يدوم مفعولها. وكشفت دراسة نشرت نتائجها في مجلة "دي لانسيت" الطبية، الثلاثاء، أن أميركيا أصيب مرتين بوباء "كوفيد-19" بفارق شهر ونصف، وأن الإصابة الثانية كانت أكثر خطورة من الأولى. ويعمد فريق حملة بايدن منذ الإعلان في الأول من أكتوبر عن إصابة الرئيس والسيدة الأولى ميلانيا بالفيروس، إلى نشر نتائج فحوص "كوفيد-19" بشكل يومي، وجميعها سلبية حتى الآن. في المقابل، تبقى صحة الرئيس محاطة بالغموض؛ إذ يرفض فريقه الطبي أن يحدد متى خضع لآخر فحص جاءت نتيجته سلبية قبل إعلان إصابته بالوباء الذي أودى بأكثر من 214 ألف شخص في الولاياتالمتحدة. ويغذي هذا الغموض الشكوك حول خضوعه فعلا لأي فحص قبل أيام من فحصه الإيجابي. وقال بايدن: "كلما بقي ترامب رئيسا افتقر أكثر إلى حس المسؤولية"، وهو يتهم الرئيس بالتقليل من خطورة الفيروس. وأضاف بهذا الصدد أن "سلوكه الشخصي اللامسؤول منذ تشخيص إصابته كان شائنا". وعلق على مهرجان فلوريدا الانتخابي قائلا إن ترامب لا يحمل للولاية سوى "خطاب الانقسام" و"الخوف"، مضيفا: "لكن ما فشل في حمله لا يقل خطورة، فهو ليس لديه أي خطة للسيطرة على هذا الفيروس الذي خطف أرواح أكثر من 15 ألفا من سكان فلوريدا". ويتقدم المرشح الديمقراطي بحوالي عشر نقاط على خصمه الجمهوري في متوسط استطلاعات الرأي الوطنية، وعزز تفوقه في نوايا الأصوات في الولايات التي ستحسم الانتخابات. وأدلى أكثر من عشرة ملايين أميركي حتى الآن بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، سواء عبر البريد أو عبر التصويت المبكر، مسجلين رقما قياسيا وفق تعداد نشر الإثنين. وبعد فلوريدا، يزور ترامب، الثلاثاء، بنسيلفانيا، وهي أيضا من الولايات الأساسية، ثم أيوا الأربعاء، على أن يواصل مهرجاناته بشكل مكثف طوال الأسابيع الثلاثة المقبلة. *أ.ف.ب