تفاعلت مجموعة من الهيئات النقابية الصحية مع الخطوة الحكومية، التي علّقت استفادة الأطر الطبية والتمريضية وكل العاملين بالمؤسسات التابعة لوزارة الصحة من العطلة الصيفية، بكثير من الامتعاض والاستياء، مستنكرة "القرارات الفجائية" التي لا تراعي ظروف المهنيين. في هذا السياق، قالت المنظمة الديمقراطية للصحة إنه "على إثر القرار المفاجئ والمرتجل لوزارة الصحة؛ القاضي بتعليق العطل الإدارية بالنسبة للمهنيين، التي حددتها في عشرة أيام بعد عناء شهور من الجهد المتواصل للتصدي للوباء، تراجعت عن قرارها دون سابق إنذار، بل تطالب المستفيدين من الالتحاق بمقرات عملهم في غضون 48 ساعة". وأضافت الهيئة النقابية، في بيان توصلت هسبريس بنسخة منه، أن الوزارة "لم تراعِ ظروف المهنيين الاجتماعية والصحية والنفسية، وكذا الانعكاسات السلبية المترتبة عنها، خاصة أن معظمهم قد برمج سفره رفقة أبنائه وذويه، مع ما كلفه ذلك من أداء لكلفة المبيت والإقامة، وما صاحبها من مصاريف جانبية لقضاء العطلة، ليجدوا أنفسهم مضطرين ومرغمين على العودة إلى مقرات عملهم تحت الجبر والإكراه". وتابعت: "يقع هذا في وقت أبانت الأطر الصحية بكافة مشاربها عن مجهودات جبارة وتضحيات جسام خلال الجائحة، وفي ظل غياب لكل تحفيز مادي أو معنوي، خلافا لما جرى به العمل في عدد من البلدان العربية والأوروبية والإفريقية، بل تمت مجازاتهم بخصم ثلاثة أيام من أجورهم الهزيلة التي أنهكتها الاقتطاعات والقروض". لذلك، طالب المكتب الوطني للمنظمة ب"التراجع الفوري عنه، ويحمل وزارة الصحة تبعات حرمان موظفيها من حق مشروع مكتسب، والذي لا تستدعي معه الحالة الوبائية الراهنة هذا التهويل والاستنفار"، مطالبا "وزارة الصحة بالإسراع بصرف مستحقات وتعويضات كوفيد-19 على شكل منحة دون أي إقصاء أو تمييز". من جهتها، لفتت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام إلى أن "الأطر الطبية والتمريضية قاومت وما زالت أزمة "كورونا" بالصفوف الأمامية، منذ ما يربو عن خمسة أشهر، وساهمت من رواتبها ووقتها وجهدها، واصطبرت لضعف الإمكانيات وقلة الموارد البشرية، وكثير من الاختلالات التدبيرية، وقلة وسائل الوقاية الفردية والجماعية، والتضحية بالنفس وراحتها، دون مراعاة فتات التحفيزات التي حُرِمَتْ منها، على خلاف ما حصل بدول أخرى، وحتى ببلدنا ببعض القطاعات". ومضت مسترسلة: "ومع ذلك، دفعنا بقواعدنا باتجاه الانخراط الكلي لمحاربة الفيروس دفاعاً عن المواطنين، وُجُوباً بِلا رِياء أو مِنّة، مع التعليق المؤقت لكل الأشكال النضالية المتسلسلة بدون انقطاع على مدى تولي ثلاثة وزراء للصحة، دفاعاً عن ملفنا المطلبي الوطني المشروع". "وفي الوقت الذي صفق فيه العالم لهذه الأطقم، واعترف الجميع بالدور الأساسي الذي تلعبه أطقم القطاع الصحي العمومي، ونوه بها صاحب الجلالة في كل خطبه، تقابلهم وزارة الصحة بالتنكر للملف المطلبي الوطني، بل وتختمها بقرارات انفرادية وارتجالية؛ فبعد أن قلصت حقهم في الترويح عن النفس فقط في عشرة أيام لتفادي الاحتراق الوظيفي والتأزم النفسي، ها هي ذي تتراجع بإلغاء مُجْحِف مركزي متسرع"، وفق البيان. كما دعت النقابة إلى "التراجع عن هذا التضييق الذي لا يليق، والذي لا يزيد الوضع إلا تأزما ويعرض الأطر الصحية للاستنزاف الوظيفي، ومزيد من الضغط النفسي، وهي التي يجب أن ترتاح من الجهود الجبارة التي قامت بها في الفترة السابقة، استعداداً للموجة الثانية التي من المحتمل وقوعها الخريف المقبل". من جانبها، استنكرت النقابة الوطنية للصحة العمومية بدورها ما وصفته ب"الارتجالية" في تدبير الموارد البشرية، مستنكرة "مقاربة وزارة الصحة التي كانت ومازالت تنهج ذات الأبعاد الأحادية محدودة الأفق وبنظرة فوقية، طابعها الأساسي إنكار منطلقات الشراكة الاجتماعية، ورفض الحوار مع ممثلي الشغيلة الصحية تحت ذرائع عديدة". وسجلت النقابة عينها "الأزمة الخانقة وحالة الاحتقان الشديد الذي تسببت فيه الوزارة الوصية في مقاربتها لملفات الموارد البشرية؛ وأولها رفض القائمين على الشأن الصحي رفضا قاطعا مأسسة الحوار الاجتماعي القطاعي كآلية حقيقة لمعالجة مشاكل القطاع واختلالات المنظومة الصحية، والتماطل الذي يسود ملف التحفيزات المادية للأطر الصحية أسوة بجميع المهنيين على الصعيد العالمي". واستغربت الهيئة "القرار الأحادي المتسرع والمرفوض الذي من شأنه تأزيم الأوضاع المهنية، واتساع حالة من الإحباط والاحتراق المهني السائدة في صفوف العاملين بالقطاع، نتيجة الاستنزاف وكثرة ضغط العمل منذ اندلاع الجائحة"، مطالبة "وزارة الصحة إقرار سياسية حقيقية من شأنها التحفيز المادي والمعنوي الحقيقي للأطر الصحية بكل فئاتها تماشيا مع باطن خطاب العرش". إلى ذلك، نادت النقابة الصحية ب"تمتيع الأطر الصحية بحقوقهم الأساسية في العطل السنوية دون قيد أو شرط"، مانحة "التنظيمات الجهوية والإقليمية والمحلية صلاحية تدبير الأشكال النضالية، أمام مقرات العمل والمندوبيات والمستشفيات الجامعية والجهوية والإقليمية والمؤسسات العمومية الصحية طيلة الأسبوع الجاري".