بعدما رفع شعار إنقاذ الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وتلميع صورته المشوهة بالفضائح لدى تسلمه رئاسته في فبراير 2016، وجد السويسري جاني إنفانتينو نفسه الخميس موضع تحقيق جنائي في "تواطؤ" و"سلوك جرمي" فتحه في حقه الخميس قضاء بلاده على خلفية اجتماعاته بالمدعي العام المستقيل مايكل لاوبر. وأعلن القضاء في بيان أن المدعي الخاص ستيفان كيلر "توصل إلى استنتاج مفاده أن...هناك دلائل على سلوك جرمي" يحيط بالاجتماعات بين إنفانتينو ولاوبر ورينالدو أرنولد، صديق الطفولة لرئيس فيفا، والذي أصبح المدعي العام الأول لمنطقة هو-فاليه. وتطرق البيان إلى مخالفات تشمل "إساءة استخدام الوظائف العامة وخرق السرية الرسمية ومساعدة المخالفين والتحريض على هذه الأفعال". ولم ينف إنفانتينو حصول الاجتماعات، وواصل حتى اليوم الدفاع عن تصرفاته؛ ونقل عنه بيان ل"فيفا" الخميس قوله: "أن تلتقي المدعي العام السويسري هو أمر مشروع تماما وقانوني تماما"، مشددا على أنه "ليس انتهاكا لأي شيء، بل على العكس؛ إنه جزء من الواجبات الائتمانية لرئيس فيفا". "أين كان فيفا" في 2015؟ وتمسكا بالشعارات التي أطلقها لدى تسلمه رئاسة الهيئة، قال إنفانتينو: "يتذكر الناس جيدا أين كان فيفا كمؤسسة عام 2015، وكم كانت هناك حاجة إلى تدخل قضائي جوهري للمساعدة في استعادة صدقية المنظمة. بصفتي رئيسا لفيفا، كان هدفي من اليوم الأول، ومازال، مساعدة السلطات في التحقيق في مخالفات الماضي في فيفا". وانتخب إنفانتينو رئيسا مطلع عام 2016، بعد أسابيع من تكشف فضائح فساد مدوية أطاحت برؤوس كبرى في الاتحاد ومقره مدينة زوريخ، يتقدمها سلفه ومواطنه جوزيف بلاتر، والرئيس السابق للاتحاد الأوروبي للعبة "ويفا" الفرنسي ميشال بلاتيني. وفتحت لجنة برلمانية إجراء بشأن عزل لاوبر في مايو الماضي، على خلفية الاشتباه في تواطؤ مع إنفانتينو على خلفية لقاءات غير رسمية بينهما. واستبق لاوبر خلاصة الإجراء بإعلانه الأسبوع الماضي تقديم استقالته من منصبه بعد جدل مطول حول طريقة تعامله مع تحقيقات فضيحة الفساد في الاتحاد الدولي، التي عرفت ب"فيفاغيت"، وذلك بعدما استبعد العام الماضي عن هذا التحقيق؛ كما تمت معاقبته بتخفيض راتبه بنسبة 8٪ لعام واحد بسبب كذبه و"عرقلة" التحقيق التأديبي الذي استهدفه. وأتت الاستقالة بعد قرار المحكمة الإدارية الاتحادية التي لجأ إليها لاوبر نفسه للطعن في العقوبة في حقه. وأكدت المحكمة حصول "خروقات في واجبات المدعي العام، خاصة في ما يتعلق بالاجتماع الثالث مع رئيس فيفا"، الذي اعتبرته المحكمة أيضا "انتهاكا خطيرا لواجبات العمل"؛ وأوضحت أيضا أنها توصلت إلى خلاصة مفادها أن المدعي العام "أضر بسمعة" النيابة العامة وأنه "غير واع وغير مقتنع بعدم قانونية أفعاله"، لكنها قامت رغم ذلك بتخفيض عقوبة الخصم من راتبه من 8٪ إلى 5٪. وقال لاوبر في بيان استقالته: "أحترم قرار المحكمة الإدارية الاتحادية"، لكنه جدد رفضه "بشدة اتهام الكذب". ووفقًا لتقرير للهيئة المشرفة في مكتب المدعي العام، فإن لاوبر (54 عامًا) الذي كان مسؤولا عن الإجراءات المتعلقة بفضائح فيفا، "انتهك العديد من مهام منصبه" عبر الاجتماع بشكل غير رسمي مع إنفانتينو في ثلاث مناسبات خلال عامي 2016 و2017. وتابع التقرير: "فشل لاوبر مرارًا وتكرارًا في قول الحقيقة، وتصرف بطريقة غير عادلة، وانتهك مدونة قواعد السلوك الخاصة بمكتب المدعي العام السويسري، وأعاق تحقيق الهيئة المشرفة لمكتب المدعي العام". ولم ينف الاتحاد الدولي حصول هذه اللقاءات، لكنه شدد على أنها كانت تهدف إلى إظهار استعداد الفيفا "للتعاون مع القضاء السويسري". لكن الغموض القانوني الذي عُقدت فيه تلك اللقاءات يثير مسألة التواطؤ المحتمل بين فيفا والقضاء. "في تصرف السلطات السويسرية" وفي تعليقه على قرار الخميس، أكد فيفا في بيان أنه "أخذ علما بقرار المدعي العام الفدرالي السويسري الخاص بفتح تحقيق بشأن الاجتماعات التي شارك فيها رئيس فيفا جاني إنفانتينو والمدعي العام السويسري مايكل لاوبر"، مشددا على أن "فيفا، مع رئيس فيفا، في تصرف السلطات السويسرية"، وزاد: "وكما كنا دائما، سوف نتعاون بشكل كامل مع هذا التحقيق". وفتح مكتب المدعي العام تحقيقا في أوائل 2016 بعيد انتخاب إنفانتينو، بشأن منحه حقوق البث التلفزيوني لشركة خارجية في إطار وظيفته السابقة كمدير الشؤون القانونية في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "ويفا". ووفقا لصحيفة "تريبون دو جونيف" السويسرية، كان إنفانتينو "قلقا" من هذا التحقيق وكتب بهذا الشأن إلى صديق الطفولة أرنولد. ونفى كل من لاوبر وإنفانتينو ارتكاب أي مخالفات، ولم ينكر الأخير حصول الاجتماعات، لكنه وصفها بأنها "شرعية تماما" و"قانونية تماما". ولم يطوِ الاتحاد الدولي حتى اليوم ذيول فضيحة الفساد التي هزته منذ 27 مايو 2015، يوم داهمت السلطات السويسرية أحد الفنادق الفخمة في مدينة زيوريخ، وأوقفت مسؤولين تمت إدانة عدد منهم في الولاياتالمتحدة.