طرح مجموعة من الخبراء في مركز السيطرة على المخاطر "Control Risks"، وهي شركة استشارية متخصصة في إدارة المخاطر، تقريرًا مفصلًا لرصد أهم المخاطر السياسية والاقتصادية والأمنية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19" خلال عام 2020، ومن المتوقع استمرارها حتى بداية عام 2021. الخبراء، وضمن وثيقة تم نشرها عبر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، قالوا إنه مع استمرار انتشار جائحة "كوفيد 19"، يتوقع حدوث أحد السيناريوهات الآتية خلال الفترة المقبلة: السيناريو الأول، حسب التقرير، يرتبط بتدهور طويل المدى: وهنا يتنبأ الخبراء باستمرار انتشار الوباء على نطاق واسع نتيجة لفشل جهود الاحتواء عالميًّا ومحليًّا؛ لذا سيتم تقييد السفر والهجرة، ناهيك عن تأجيل الاجتماعات الدولية ومتعددة الأطراف إلى أجل غير مسمى؛ فضلًا عن تعطيل سلاسل التوريد الدولية نتيجة للقيود التجارية الصارمة. "ومن ثم سيدخل الاقتصاد العالمي في مرحلة من الركود التام، وفي النهاية ستؤدي الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية إلى عدم الاستقرار السياسي في معظم بلدان العالم"، يقول التقرير. السيناريو الثاني يهم انتعاشا غير متكافئ: وتقول الوثيقة إن الاقتصاد العالمي سيبدأ في الانتعاش بحلول أواخر عام 2020، ولكن بشكل غير متكافئ نتيجة لاختلاف البلدان في قدرتها على تخفيف الآثار الاقتصادية للجائحة، وهو ما يعني استمرار بعض البلدان في حالة الركود؛ كما سيزداد الوضع الأمني سوءًا، خاصةً في البلدان المتضررة، ومن ثم ستتصاعد التوترات بين الدول نتيجة للنزاعات حول الوصول إلى المعدات الطبية. السيناريو الثالث يهم انتعاشا محدودا: وتقول الوثيقة إنه رغم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية لجائحة "كوفيد 19"، ومعاناة بعض النظم الصحية المحلية أو الإقليمية من نقص الإمدادات الطبية الكافية؛ ستلجأ بعض البلدان إلى إعادة فتح اقتصادياتها، وستتخذ الشركات خطوات طوعية لتقليل التأثيرات السياسية والاقتصادية لجائحة "كوفيد 19" على طول سلاسل التوريد الخاصة بها. السيناريو الرابع، ويتعلق بانتعاش عالمي: وهنا يتوقع الخبراء أن العالم سينجح في السيطرة على وباء "كوفيد 19"، نتيجة لانخفاض عدد الإصابات والوفيات. وبناءً عليه سيتم استئناف العمليات التجارية مع تخفيف القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع تدريجيًّا على مستوى العالم. ومع ذلك ستظل المخاطر الأمنية مرتفعة حتى تستأنف جميع الاقتصاديات نشاطها بالكامل. وفي ما يهم المخاطر السياسية والاقتصادية والأمنية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19" عام 2020، والتي من المتوقع استمرارها حتى بداية عام 2021، فتهم أولًا ضعف الحكومات. "ويرى الخبراء أن معظم الحكومات، سواء الديمقراطية أو الأوتوقراطية، فشلت في التعامل مع الوباء، فبدلًا من الاستجابة التعاونية العالمية للوباء التي كانت ستعزز فرص النجاح في القضاء نهائيًّا على الفيروس؛ اكتفت أغلب الدول بتبادل المعدات الطبية، وتحركت كل حكومة بمفردها دون التعاون مع حكومات البلدان الأخرى، وهو ما أدى إلى ترسيخ الاستقطاب وانعدام الثقة بالحكومات، فضلًا عن تعزيز فرص النقاد الشعبويين للعولمة". ثانيًا، تتحدث الوثيقة عن شلل اقتصادي وضعف سياسي: "فمع التوقف المفاجئ للنشاط الاقتصادي خلال المراحل الأولى من الوباء، لم يتجلَّ الأثر السياسي للجائحة إلا من خلال التركيز على فكرة الالتفاف حول العلم". ثالثًا، زيادة الاحتجاجات الجماهيرية؛ "على النقيض مما يراه البعض، من أن جائحة كوفيد-19 من خلال سياسات الإغلاق والتباعد الاجتماعي فرضت غطاءً لتقليل الاحتجاجات والتجمعات الجماهيرية وكافة الأنشطة الاجتماعية". ويتوقع الخبراء أن انتشار جائحة كوفيد 19 سيشجع المواطنين على اللجوء إلى الاحتجاجات المباشرة أو غير المباشرة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بحقوقهم ومحاسبة الحكومات والشركات. رابعًا، التنافس الأمريكي الصيني: "يرى الخبراء أنه رغم نجاح الانتخابات الأمريكية في أوقات الأزمات الوطنية، كانتخابات عام 1864 وعام 1968، فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة ستكون مشحونة وغير مسبوقة؛ لأنها تأتي في إطار بوتقة جائحة عالمية من غير المتوقع انتهاؤها على المدى القصير". خامسًا، الأمن السيبراني: ويتوقع الخبراء أن العالم سيشهد هجومًا واسع النطاق على البنية التحتية الحيوية في النصف الثاني من عام 2020 حتى بداية عام 2021، وهو ما سيتجلى في زيادة معدلات الهجمات والاختراقات الإلكترونية لكافة الشركات والقطاعات، سواء المحلية أو العالمية نتيجة لجائحة "كوفيد-19" التي من المتوقع أن تستهدف المجتمعات الطبية والعلمية أيضًا على وجه الخصوص، لاسيما أن العمليات السيبرانية سهلة وغير مكلفة وصعب الوصول إليها.