تبنى فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيا قانونيا جديدا لحالة المدافع الحقوقي الفاضل ابريكة، المعتقل السابق بسجون جبهة البوليساريو مع المدون ابا بوزيد والصحافي محمود زيدان. ويعتبر هذا الرأي القانوني بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير؛ كونه إشهادا قانونيا صريحا يفضح الانتهاكات ويصوب المفاهيم، خاصة وأنه صادر عن آلية أممية أنشئت بموجب قرار رقم 1991/42 عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان بجنيف. وتهدف هذه الآلية إلى التحقيق في حالات الاحتجاز والاعتقال التعسفي عبر العالم التي لا تتماشى مع المعايير الدولية ومقاصد القانون الدولي الإنساني. الآلية الأممية استهلت رأيها القانوني، حصلت جريدة هسبريس الإلكترونية على نسخة منه، بالتعريف بالضحية الفاضل ابريكة، المواطن الإسباني من أصول مغربية صحراوية، الذي انخرط في صفوف جبهة البوليساريو الانفصالية وهو في ال 14 من العمر، قبل أن يستقر في إسبانيا منذ سنة 2002 . وقال التقرير إن الضحية الفاضل ابريكة قام بزيارة لعائلته بمخيمات تندوف في مطلع سنة 2019، وهو المدافع عن حقوق الإنسان والمناضل من أجل آرائه السياسية المتعارضة مع التوجه السياسي والإيديولوجي للتنظيم الانفصالي. وأكد التقرير المفصل أن الضحية اعتقل في 18 يونيو 2019، أثناء خروجه من مصحة طبية بمخيمات تندوف، من طرف عناصر المليشيات المسلحة، في سياق يتسم باستعمال العنف المفرط وغير المبرر تحت ظروف مهينة غير إنسانية وحاطة من الكرامة. وأضاف التقرير أن "الميليشيات المسلحة قادت المدافع عن حقوق الإنسان إلى مكان مجهول معصب العينين وتحت أقدام خاطفيه بدون أي سند أو إجراء قانوني، ولا حتى وجود أدلة إدانة واضحة". ودائما حسب منطوق الرأي القانوني لهذه الآلية الأممية، فقد شكلت الدوافع الانتقامية أهم الأسباب في الاحتجاز التعسفي للفاضل بريكة على ضوء نشاطه الحقوقي وتوجهاته السياسية المعارضة، بالإضافة إلى دفاعه المستميت عن المختطف قسرا المغيب بطريقة ممنهجة الدكتور الخليل أحمد ابريه في الجزائر لأكثر من عقد ونيف. وأفاد الرأي القانوني الجديد بأن مشاركة الضحية في وقفة احتجاجية أمام السفارة الجزائرية بمدريد من أجل الكشف عن مصير المختطف قسرا الخليل أحمد ابريه وظروف وملابسات اختفائه، لكونه أحد مؤسسي تنسيقية الخليل أحمد ابريه، تبقى من أهم الأسباب وراء اعتقاله، زيادة على خلفية التظاهر أمام مقر مفوضية غوث اللاجئين بالرابوني للتنديد بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في حق المحتجزين بمخيمات تندوف من طرف قيادة البوليساريو. وعلى هذا الأساس، يؤكد الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي، من خلال رأيه القانوني 07/2020 الدورة 87، أنه أحيط علما بعملية الاحتجاز، حيث لم تتخذ الإجراءات القانونية المعمول بها في هذا الإطار ولا الضمانات المطلوبة للحماية والسلامة الجسدية والنفسية للضحية الفاضل ابريكة، وهو ما يفسر أن الاعتقال/الاحتجاز كان تعسفيا وخارجا عن الإطار القانوني ويتنافى مع كل مبادئ حقوق الإنسان ومقاصد القانون الدولي الإنساني، يضيف الرأي القانوني. وأورد المصدر ذاته أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 يؤكد في مادته التاسعة أنه "لا يجوز اعتقال أي إنسان أو احتجازه أو نفيه تعسفا"، كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966، الذي صادقت عليه الجزائر في 12 سبتمبر 1989، يؤكد في المادة التاسعة منه أن "لكل فرد الحق في الحرية والأمان على شخصه ولا يجوز حرمان أحد منهما إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه ". وبناء على ما سبق، يورد الرأي القانوني، فإن السلطة الجزائرية هي المسؤول المباشر عن كل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تقع على أراضيها، وبالتالي فإنها تتحمل كل التبعات القانونية والأخلاقية حسب القانون الدولي انطلاقا من مبدأ الإقليمية. كما لا يمكنها بأي حال من الأحوال تفويض السلطة القانونية على جزء من أراضيها لطرف غير مخاطب قانونيا بقوة سلطة الأمر الواقع. وعليه، فطبقا للفقرة 20 من المنهج المتبع للفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي عبر التوصيات المذيلة في الرأي القانوني، فقد تمت إحالة الملف إلى مكتب المقرر الدولي الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وخلص الرأي القانوني، الذي تتوفر هسبريس على نسخته الكاملة، إلى مطالبة الحكومة الجزائرية بإخبار الفريق العامل عن الإجراءات المتخذة لتطبيق هذه التوصيات، وذلك في إطار مجموعة من التساؤلات تتعلق أساسا بتعويض الفاضل ابريكة عن الضرر الذي لحقه، إلى جانب نتائج التحقيق الذي أجرته السلطات الجزائرية. وتساءل الفريق الأممي الساهر على هذا التقرير عن مآل تغيير الدولة الجزائرية لتشريعاتها حتى تُصبح ملائمة ومطابقة للقانون الدولي، وخاصة ما يعنى بهذا الرأي القانوني. كما طالب فريق العمل الدولي الحكومة الجزائرية بالإخبار عن أي صعوبات تُعيق تطبيق هذه التوصيات، وتوفير المعلومات المطلوبة في أجل لا يتعدى ستة أشهر.