بعد أن كان تدبير الإجراءات الرامية إلى الحد من انتشار فيروس "كورنا" المستجد منحصرا في يد الحكومة وبعض مؤسسات الدولة، فُسح المجال أمام النقابات العمالية للمشاركة في الجهود المبذولة. وبقدْر ترحيبها بإشراكها ضمن مكوّنات جبهة مواجهة فيروس "كورونا"، بعد اللقاء الذي جمعها أول أمس الإثنين برئيس الحكومة ووزير الشغل، اعتبرت المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية أن جهود الحكومة كانت ستكون أكثر فعالية في الشق المتصل بالطبقة الشغيلة لو تم إشراكها منذ البداية. وقال الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إن الحكومة كان عليها أن تُشرك النقابات العمالية في لجنة اليقظة الاقتصادية، المشرفة على تدبير إجراءات محاصرة "كوفيد-19"، التي تضمّ ممثلي الباطرونا، في حين غاب عنها ممثلو العمال. وسينصبّ عمل الحركة النقابية بشكل أكبر على تقديم مقترحات والبحث عن حلول للتداعيات التي خلفتها التدابير الاحترازية ضد فيروس كورونا على الطبقة العاملة، المتمثلة بالأساس في فقدان عدد من العمال لمناصب عملهم، ولو مؤقتا، وعدم استفادة بعضهم من التعويض عن التوقف عن العمل. وأشار الميلودي موخاريق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن أرباب المقاولات سرّحوا عشرات العمّال خلال الأيام الأخيرة بسبب تراجع الإنتاج الناجم عن بُطء الحركة التجارية وتقييد حركة السوق، منبها إلى ضرورة الحزم في هذا الجانب "حتى لا يستغلّ أرباب العمل الظرفية الراهنة لتسريح العمال". وسبق للحكومة أن واجهت إشكال توقف العمال عن العمل بتخصيص تعويض شهري لهم قدره 1000 درهم في شهر مارس و2000 درهم في أبريل ومايو ويونيو، لكنّ هذا التعويض لا يشمل سوى العمال المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ولم يستطع جميع العمال الحصول على الدعم المالي المصروف لهم من مخصصات الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا، بمن فيهم العمال المنخرطون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لعدم التصريح بعدد منهم في شهر فبراير. واعتبر الميلودي موخاريق أن الحكومة كان بإمكانها أن تتفادى مثل هذه المشاكل لو أشركت النقابات العمالية في لجنة اليقظة الخاصة بمواجهة فيروس كورونا. وأضاف أن "الحكومة تشترط أن يكون الأجير منخرطا في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى غاية شهر فبراير ليستفيد من الدعم، وهذا يعني أن الأجراء غير المصرح بهم في الشهر الماضي لن يستفيدوا، وقد طلبنا من رئيس الحكومة تدارك هذا الأمر". من جهة ثانية، عبرت النقابات العمالية لرئيس الحكومة عن انزعاجها من قرار تجميد الترقية بالنسبة لموظفي القطاع العام وشبه العام، "لكونه كان قرارا انفراديا وأثار فقط زوبعة، دونما وجود حاجة إليه"، يقول الكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل، مبرزا أن نقابته طلبت من رئيس الحكومة سحب هذا القرار. ووعد رئيس الحكومة النقابات العمالية بإعادة النظر في مسألة تجميد ترقية موظفي القطاع العام وشبه العام، بعد تحاوز الظرفية الراهنة، وذلك بتمكين الموظفين المعنيين من الاستفادة من الترقية بأثر رجعي، لكن موخاريق اعتبر أن قرار التجميد "كان في الأصل قرارا خاطئا". ودعا المتحدث ذاته الحكومة إلى تفادي الأخطاء التي سقطت فيها بخصوص تدبير إجراءات محاصرة فيروس "كورونا" في الشق المتعلق بالطبقة العاملة، قائلا إن "الظرفية الراهنة تقتضي توحيد جهود كافة مكونات المجتمع، ونحن كحركة نقابية وطبقة عمالية مستعدون للعمل سويا قصد تجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر".