اتفقت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ونقابة مقاولات القطاع الخاص على تطبيق غرامات مالية لمواجهة ظاهرة تأخر آجال أداء مستحقات المقاولات، سواء من طرف المؤسسات العمومية أو المقاولات الخاصة. ويعني هذا القرار جميع الفاعلين من إدارات عمومية وجماعات ترابية ومؤسسات ومقاولات عمومية، إضافة إلى القطاع الخاص، وسيطبق بعد تعديل القانون رقم 49.15 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة وسن أحكام خاصة بآجال الأداء. ويستوجب الأمر أولاً مرور التعديل عبر المسطرة التشريعية في الغرفتين الأولى والثانية من البرلمان بعد المصادقة عليه من قبل الحكومة، ولا يُتوقع أن يأخذ وقتاً طويلاً على اعتبار أن الظاهرة تحظى بالإجماع على ضرورة محاربتها. وجرت المصادقة على مقترح تطبيق غرامات مالية في هذا الصدد خلال الاجتماع الذي انعقد أمس الجمعة لمرصد آجال الأداء التابع لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، وجمع بين الوزير محمد بنشعبون والرئيس الجديد للاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج. وتأتي هذه الخطوة الجديدة لمعاقبة المؤسسات والمقاولات المتأخرة عن أداء المستحقات بعدما لم تنفع الإجراءات السابقة، المتمثلة في النشر الدوري لأسماء المؤسسات والمقاولات المسجلة لأطول وأقصر أجل أداء، في الحد من الظاهرة. وبحسب آخر إحصاء لمرصد آجال الأداء، فإن شركة صورياد دوزيم تعتبر أكبر مقاولة عمومية تتأخر في أداء مستحقات المقاولات التي تتعامل معها بأجل يصل إلى 370 يوما، يليها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ب187 يوما، فشركة سونارجيس ب180 يوما، ومعهد باستور ب159 يوما. كما يوجد ضمن اللائحة السوداء للمؤسسات العمومية المتأخرة في الأداء وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية في أقاليم الجنوب ب159 يوما، ومركزية الشراء والتنمية للمنطقة المنجمية لتافيلالت وفجيج ب150 يوما، ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ب131 يوما، والمعهد الوطني للبحث الزراعي ب120 يوما. وسيكون على هذه المؤسسات العمومية سالفة الذكر أداء غرامات مالية بسبب تأخرها في أداء مستحقات المقاولات، وهو ما سيزيد من تأزم وضعيتها المالية، خصوصاً القناة العمومية "دوزيم" التي تعيش عجزاً مالياً كبيراً سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن نبه الحكومة إليه مراراً. وسيتم العمل على تقديم مقترحات لكيفية تطبيق هذه الغرامات المالية من طرف فريق عمل قبل نهاية شهر مارس لاعتمادها في البرلمان بهدف الحد من هذه الظاهرة، وتحسين مناخ الأعمال في البلاد. وكان الملك محمد السادس قد نبه سنة 2018 إلى خطورة هذه الظاهرة وتأثيرها على الاقتصاد الوطني، ودعا الحكومة إلى العمل على أن تقوم الإدارات العمومية والجماعات الترابية بأداء ما بذمتها من مستحقات تجاه المقاولات. وبخصوص القطاع العام، سيتم الاشتغال على المراحل الأولى من مسلسل الفوترة من أجل الحد من التأخيرات غير الواضحة، وكذلك الاعتماد التدريجي للإيداع الإلكتروني للفواتير على مستوى المؤسسات والمقاولات العمومية. وبالإضافة إلى تأخر آجال أداء المستحقات من قبل مقاولات ومؤسسات الدولة، هناك مستحقات أخرى متأخرة ضمن مقاولات القطاع الخاص بلغت مستويات مقلقة للغاية، حيث وصلت نهاية سنة 2019 إلى أكثر من 420 مليار درهم. ويؤكد الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن 40 في المائة من إفلاس المقاولات سببها الاختلالات المتعلقة بالتأخر في الأداء، خصوصاً المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة التي تتأثر من حيث السيولة وتضطر لإعلان إفلاسها، وبالتالي ضياع مناصب الشغل. وبحسب مُعطيات صادرة عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وصل معدل آجال الأداء برسم سنة 2018 إلى 202 يوم بالنسبة للمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة، و113 يوما بالنسبة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، و88 يوما بالنسبة للمقاولات الكبرى.