قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إنّ اليوم الدّولي للقضاء على العنف ضدّ النّساء يأتي في ظلّ استمرار الدّولة في التّخلّي عن تحمُّل مسؤوليّاتِها في مجال ضمان وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثّقافية، وهو ما اعتبرته "من أهمّ العوامل المنتِجَة للفقر والأمّيّة التي لازالت ظواهر مؤنَّثَة، حملت معها العنف الاقتصادي إلى مركز الصَّدَارة". وأضافت الجمعية، في بيان نشرته بمناسبة هذا اليوم، أنّ من بين نتائج تخلّي الدّولة عن مسؤوليتها انخراط العديد من النّساء في الحركات الاحتجاجية، وتصدُّرُهنّ لمُعظَمِها للمطالبَة بالحقّ في التّنمية في عدد من مناطق المغرب، في الرّيف وجرادة وإمضير وزاكورة ووارزازات، وفي كلّ المناطق التي تشهد حركات احتجاجية، كما لعبن دورا رياديّا في دعم أبنائهِنّ المعتقَلين على خلفيّة الحراكات الشّعبية، في إطار حركة عائلات المعتَقَلين السّياسيّين. وتوقّفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عند ظاهرة زواج القاصِرات، بوصفها مظهرا من مظاهر العنف ضدّ النّساء المستشري في المجتمع، وأضافت: "هو عنف قانوني، وجنسي، ومجتمعي، لازال يعرف تصاعدا مستمرّا في غياب تدابير قانونية تُجَرِّمُه، وتعاقِبُ مرتَكبيه للحدّ منه". وإلى جانب آفة زواج القاصرات التي تذهب ضحيَّتَها عشرات آلاف القاصرات سنويّا، حَسَبَ الجمعية، "مازال الاستغلال الاقتصادي للطّفلات مستمرّا، وهو ما يشكّل جريمة لا تقلّ خطورة ضدَّ حقوق النّساء، ويتمّ في ظروف تسلِبُهُنّ كلّ حقوقهن كطفلات، ويغتصب طفولتَهنّ، ويُعرِّضُهنّ لشتّى أنواع العنف الجسدي والجنسي". وترى الجمعية أنّ اختيارات الدّولة المغربية الاقتصادية والاجتماعية تكرّس العنف الاقتصادي المنظَّم، ولها وقعٌ أشدُّ على النّساء بسبب التّمييز الذي يعانين منه في جميع المجالات، إلى جانب هشاشة وضعهنّ الناتجة عن العنف المستشري ضدّهنّ، وضعف حمايتهنّ منه، خلافا لما يروِّجُه الخطاب الرّسمي بهذا الصّدد. وسجّلت الجمعية استمرار "تكريس التّمييز والنّظرة الدونية للمرأة في القوانين، ووسائل الإعلام، والكتب المدرسية، بوصفها مجالات يتمّ خلالَها تكريس التراتبيّة بين الجنسين، وتصريف ثقافة العنف المبني على نوع الجنس القائم على التّوزيع الجنسي للأدوار في المجتمع، والصّور النمطيّة للعلاقات بين الجنسين". وطالبت "AMDH" الدّولة بتحمّل مسؤوليّتها في مجال حماية المرأة من العنف، والتكفّل بالنّساء المعنّفات، عبر إقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يضمن حقّ النّساء في التعليم والصّحّة والشّغل القارّ والسّكن اللائق والكرامة الإنسانية، والنّصّ دستوريا على المساواة بين الجنسين في جميع المجالات دون قيد أو شرط. كما دعت الجمعية إلى الرّفع الكُلّيّ لجميع صيغ التحفّظ على اتفاقية القضاء على كافّة أشكال التّمييز ضد المرأة، وملاءَمة كافّة القوانين المحلية معها، واحترامها على أرض الواقع، وطالبت بالمراجعة الشّاملة لمقتضيات القانون المتعلّق بمحاربة العنف ضدّ النّساء، بما يضمن تعهّدات المغرب الدّولية في مجال القضاء على العنف ضدّ النّساء. ونادت الجمعية بتغيير جذري وشامل للتّشريع الجنائي بما يضمن الكرامة الإنسانية للمرأة واستقلالها في تملّك ذاتِها ككائن مستقِلّ، مطالبة الدّولة المغربية بتوفير سبل حماية المرأة من العنف، والحقّ في الوصول للعدالة، والإنصاف، والقضاء على "حالة اللاعقاب في جرائم العنف المسلَّط على النّساء"، مع تخليص الكتب المدرسية والموادّ التّعليمية وكلّ برامج التّربية من ثقافة التّمييز، وضرورة تجريم كلّ تعبير وإعلان يتضمّن سلوكا تمييزيّا بين النّساء والرّجال، من قبل وسائل الإعلام العمومية السّمعيّة والبصرية.