لازال تأخّر إيجاد حل لملف وسطاء التأمين يُفرز مزيدا من التداعيات على الاقتصاد الوطني، ففي ظل عدم مبادرة الجهات المعنية بإيجاد حل لهذا المشكل، دخلت وكالات تأجير السيارات في مقاطعةِ اقتناء السيارات الجديدة في المغرب، "لعدم توفّر تأمين بثمن معقول يمكن تحمّله". وانطلقت مقاطعة وكالات تأجير السيارات لشراء السيارات الجديدة منذ فاتح شتنبر الماضي، وستستمر "إلى أجل غير مسمّى"، حسب بلاغ صادر عن فدرالية جمعيات وكالات كراء السيارات بالمغرب، التي تضمّ تسع عشرة جمعية من مختلف مناطق المغرب. ويُتوقع أن تكون لقرار مقاطعة شراء السيارات الجديدة من طرف وكالات كراء السيارات تداعيات سلبية على قطاع بيع السيارات الجديدة في المغرب، خاصة أنّ عدد الوكالات المقاطعة يصل إلى 3000 وكالة، وتتوفر على أسطول يصل إلى 45 ألف سيارة. كما سيُؤزّم قرار المقاطعة وضعية قطاع التأمينات الذي يعيش على وقع مشاكل منذ شهور، في ظل شكاوى وسطاء التأمين من "المنافسة غير القانونية لشركات التأمين والأبناك"، إذ يتجاوز رقم معاملات وكالات كراء السيارات مع وكالات التأمين 337 مليون درهم. فدرالية جمعيات وكالات كراء السيارات بالمغرب اشتكت من "تحكّم شركات التأمين في السوق المغربي"، ومن "الكيل بمكيالين بخصوص التأمين على السيارات في قطاع النقل السياحي وسيارات الأجرة التي لم يطرأ عليها أي تغيير، ورفع السعر ضد المخاطر على السيارات التي تؤجرها بدون سائق". يونس بوبكري، رئيس جمعية وسطاء مستثمري التأمين، عزا سبب ارتفاع أسعار التأمينات إلى "غياب الرقابة من طرف المؤسسات الرقابية، وهو ما يجعل المؤسسات البنكية تتفق على تحديد الثمن في ما بينها، ليجد الزبناء أنفسهم أمام أثمان شبه موحدة، في ظل غياب المنافسة"، مضيفا: "لا يُعقل أنّ يجد الزبون السعر نفسه مطبّقا عند جميع شركات التأمين". وأضاف المتحدث ذاته: "الهجمة التي يعاني منها وسطاء التأمين لم تبدأ اليوم، بل بدأت منذ مدة، إذ إن إحدى المؤسسات البنكية المعروفة كانت تبيع جميع فروع التأمينات منذ سنة 2016؛ وقد راسلنا بنك المغرب، ووزارة الاقتصاد والمالية، ولكن دون جدوى". وكانت قضية وسطاء التأمينات محطّ سؤال وجهته المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إلى كل من وزير الاقتصاد والمالية، ووزير العدل، أشارت فيه إلى أن وسطاء التأمينات "يعانون من تجاوزات قانونية، وتصرفات غير مهنية، وقرارات تعسفية من طرف شركات التأمين". وسبق لوسطاء التأمين أن لجؤوا إلى مجلس المنافسة، حيث تمّ الاستماع إليهم، وحُرر محضر حول قضيتهم، وراسلوا أيضا وسيط المملكة. "لكن لم نحصل إلى حد الآن على أي رد"، يقول يونس بوبكري، معتبرا أنّ الوضع الذي يعيشه قطاع التأمينات في المغرب، في الوقت الراهن، "خطيرا جدا".