يأمل وزير الدفاع المستقيل والتكنوقراطي المرشح للانتخابات الرئاسية المبكرة في تونس "إعادة الارتقاء الاجتماعي" في بلاده، وتغيير النظام البرلماني المزدوج الذي نص عليه الدستور، على ما أفاد في حوار مع وكالة فرانس برس. والزبيدي، البالغ من العمر 69 عاما، طبيب تسلم وزارات عدة في السابق، ولم يدخل قط غمار المنافسة الانتخابية من قبل. وظهر الرجل بشكل لافت في الأيام القليلة التي سبقت وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، حين دعاه الأخير إلى اجتماعات ثنائية معه، وبدأت الأوساط السياسية تتداول اسمه على أنه مرشح محتمل للانتخابات الرئاسية. يؤكد الزبيدي أنه "بورقيبي"، نسبة إلى أوّل رئيس لتونس إثر الاستقلال، الحبيب بورقيبة، الذي اهتم كثيرا بقطاعي التعليم والصحة في بلاده، واللذين تراجعا كثيرا خلال السنوات الأخيرة . ولد الزبيدي في مدينة صغيرة في محافظة المهدية الساحلية (شرق)، وتلقى تعليما في مدرسة داخلية حكومية قبل السفر إلى فرنسا ومواصلة دراسته..يقول في حديثه: "أريد إعادة الارتقاء الاجتماعي". وشدد الزبيدي على ضرورة تحسين قطاع النقل والمطاعم المدرسية، مضيفا: "من الأساسي أن تكون الخدمات العمومية جيدة ومتاحة للكل". ويحدد دستور البلاد الذي صادق عليه البرلمان في 2014 بعد سنوات من حكم زين العابدين بن علي أن صلاحيات رئيس الدولة تنحصر في الدفاع والخارجية فقط. تعديل الدستور يدعو الزبيدي إلى تعديل الدستور من أجل وضع حد للحكم "برأسين"، ويشير إلى موضوع الصراع السياسي الذي دار بين السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، معتبرا أن "تداعيات هذا النظام الهجين هي فشل للدولة والسلطة، والحكم لا يتجزأ"؛ كما يعتبر أن "الشعب التونسي هو الذي يختار بين نظام برلماني أو رئاسي" من خلال استفتاء، ويتابع: "التونسيون يخشون ذلك لأننا عايشنا خمسين سنة نظاما رئاسيا دون رقابة قوية من البرلمان، وما نتج عنه من انحرافات". شغل الزبيدي لفترة منصب وزير الصحة خلال نظام بن علي، وعٌين وزيرا للدفاع بعد أسبوعين من الثورة التونسية عام 2011 حين كان الباجي قائد السبسي رئيسا للوزراء. واستمر الزبيدي في منصبه في حكومة "النهضة" ليتركها لاحقا، مبررا قراره بتزايد الاحتقان والتجاذبات السياسية في البلاد؛ غير أنه وبطلب من السبسي عاد إلى وزارة الدفاع في 2017. يشدد المرشح المستقل على أنه مستعد للعمل مع "كل الأحزاب للمصلحة الوطنية"، متصديا لأي محاولة لإعادة الصراع بين من يدعم الإسلاميين ومن يناهضهم، والذي انتهي في 2014 بوصول الباجي إلى كرسي الرئاسة. ويتمتع الزبيدي بصفات الرجل الهادئ والمستقيم والبعيد عن كل التجاذبات السياسية والصراعات. يبدي الرجل استعداده لمناقشة اتفاق تعاون مع الاتحاد الأوروبي هو بصدد الدرس حاليا، رغم الانتقادات التي يواجهها هذا الاتفاق المشترك، خصوصا في علاقته بقطاعات الزراعة والخدمات، ويقول في هذا الصدد: "لنا موقع متقدم مع الاتحاد الأوروبي، ونأمل تدعيم التعاون...لكن الاتحاد الأوروبي يعي جيدا أن تونس تمر بفترات صعبة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وأظن أنه سيتم التوقيع على هذا الاتفاق"؛ كما يأمل في تعزيز الدبلوماسية مع البلدان الإفريقية عبر رفع عدد السفارات التونسية من عشر إلى عشرين. وعلى غرار السبسي، يريد الزبيدي تدعيم العلاقات مع سوريا بإعادة فتح السفارة السورية في تونس، والمغلقة منذ 2012، معللا ذلك بالقول: "لدينا مصالح اقتصادية مشتركة، وكذلك في مجال الأمن والاستعلامات"؛ وبالأخص بعد أن التحق العديد من الشباب التونسيين إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية. وفي ما يتعلق بالملف الليبي والأطراف المتصارعة، يؤكد الزبيدي على مواصلة فكرة "الحياد الإيجابي"، وعدم دعم أي طرف على حساب الآخر. *أ.ف.ب