"طريق الموت"... هكذا تسمي ساكنة جماعة الركادة أولاد جرار المقطع الطرقي الذي يربطها بمدينة تزنيت على طول 16 كلم، نظرا للعدد الكبير من أبناء المنطقة الذين لقوا حتفهم خلال السنوات الماضية، في حوادث سير مميتة بهذا المقطع "الضيِّق" الممتد بالطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين شمال المغرب وجنوبه، لما تشهده من حركية مهمة على امتداد السنة. طريق الموت حصدت أرواح العشرات من الأبرياء بأولاد جرار باختلاف أعمارهم، إلا أن فئة مستعملي الدراجات بصنفيها، كان لها النصيب الأكبر في نسبة الضحايا، خصوصا في صفوف المتمدرسين أثناء تنقلهم بين منازلهم ومؤسساتهم التعليمية، والسبب يعود إلى ضيق عرض الطريق الذي يصل في أكثر من نقطة إلى 5.80 متر فقط، إلى جانب انعدام ممر خاص براكبي الدراجات. تدشين بوليف بقي حبيس الرفوف في إطار احتفالات اليوم الوطني للسلامة الطرقية سنة 2016، أشرف محمد نجيب بوليف، كاتب الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك المكلف بالنقل، على تدشين مشروع تهيئة طريق خاص بالدراجات بين تزنيت وجماعة الركادة، بأهداف لخصتها ورقته التقنية في توسيع المقطع السالف الذكر وتقديم خدمة ذات جودة عالية لفائدة مستعمليه، إلى جانب الرفع من مستوى السلامة الطرقية. المشروع، الذي خصص له كغلاف مالي 16 مليون درهم وحدد شهر أبريل من سنة 2016 كموعد لفتح أظرفته، لم يتعدّ بروتوكول التدشين، ليبقى حبيس رفوف مديرية التجهيز بتزنيت لأزيد من سنتين ونصف لأسباب ما زالت مجهولة إلى حدود اليوم. احتجاج الساكنة حسن ومنير شابان في عمر الزهور لقيا مصرعهما قبل سنة من اليوم في اصطدام مركبة فلاحية بدراجة نارية كانا على متنها في اتجاه تزنيت، وهو الحادث الذي أجج غضب ساكنة جماعة الركادة، وخرجت للاحتجاج والمطالبة بالكشف عن مصير مشروع ممر الدراجات الذي سبق تدشينه، والتسريع بإنجازه على أرض الواقع، قبل أن تتلقى وعودا بالاستجابة لمطالبها من طرف السلطات المحلية بعد لقاء جمعها بمسؤولي مديرية التجهيز والنقل بتزنيت وبعض الفاعلين بالمنطقة. الموضوع نفسه دفع أيضا رئيس المجلس الجماعي الركادة إلى مراسلة عامل إقليمتزنيت وكتابة الدولة المكلفة بالنقل، وهي المراسلة التي أجابت عنها الجهات المسؤولة بتطمينات تفيد قرب بدء الأشغال قبل بداية سنة 2019. إعادة التدشين بتاريخ 25 فبراير 2019، أعاد عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل، عملية تدشين تهيئة مشروع ممر الدراجات بطريق أولاد جرار تزنيت، بعد مرور ثلاث سنوات على التدشين الأول الذي سبق أن أشرف عليه كاتب الدولة المكلف بالنقل. وأوضحت البطاقة التقنية للمشروع ذاته أنه يدخل في إطار البرنامج الخاص بمنشآت السلامة “PSAS” على طول 16 كلم بعرض مسطبة يبلغ 12 متراً، وعرض قارعة ب10 أمتار، وعرض أكتاد ب 1*2 متر، فيما سيستمر إنجازه طيلة سنة كاملة. توقف الأشغال فرحة ساكنة جماعة الركادة لم تكتمل للمرة الثانية، بسبب توقف أشغال إنجاز المشروع من طرف المقاولة الفائزة بالصفقة التي اكتفت إلى حدود اليوم بإزالة الأشجار المحاذية وحفر جنبات الطريق فقط، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول دور المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل بتزنيت بصفتها الجهة المكلفة بتتبع المشروع. جمال البركاوي، الفاعل الجمعوي بجماعة الركادة، قال، في تصريح لهسبريس حول الموضوع: "كنا قد استبشرنا خيرا بالتدشين الوزاري الأخير لمشروع تهيئة ممر الدراجات بين أولاد جرار وتزنيت، إلا أننا فؤجئنا حاليا ولمدة تفوق الشهرين، بتوقف أشغال توسيع هذا المقطع الطرقي دون أن نعلم الأسباب الكامنة وراء ذلك". وكشف المتحدث ذاته أن "الشركة المكلفة لم تتعدّ أشغالها إنجاز حفر كبيرة بجنبات الطريق دون أن تكلف نفسها تثبيت علامات تشوير وتنبيه للأمر، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على مستعملي هذا المقطع، خصوصا أثناء الفترة الليلية". وتابع البركاوي قائلا: "طريق أولاد جرار- تزنيت خطفت منا عددا كبيرا من أبناء المنطقة دون سابق إنذار، آخرهم أحرضان والعبلاوي وبوجدور وهم شباب في عمر الزهور لا ذنب لهم سوى أنهم اختاروا سلك طريق الموت عبر دراجاتهم"، مضيفا إن "تدخل عامل الإقليم للوقوف على أسباب توقف أشغال المشروع أصبح ضرورة ملحة، وإلا أننا سنجد أنفسنا أمام مسؤولية بدون محاسبة". مسؤول يوضِّح ولمعرفة أسباب توقف مشروع تهيئة ممرات الدراجات بين جماعة الركادة وتزنيت، اتصلت جريدة هسبريس بعبد العزيز بوقسيم، المدير الإقليمي للتجهيز والنقل واللوجيستيك، الذي أوضح أن "أشغال إنجاز المشروع لم تتوقف، وكل ما في الأمر أن المقاول المكلف يعمل طيلة الأسابيع الماضية على استخراج مواد البناء من مقلع مؤقت بالمنطقة مخصص لهذا الغرض".