احتفت جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة بالباحث في موسيقى الآلة عُمر المتيوي؛ وذلك بتنظيم قراءة في كتابه الصادر مؤخراً تحت عنوان "نوبة الاستهلال: تاريخ، تدوين وتحليل"، بحضور الأديب والمؤرخ عباس الجيراري وعدد من الباحثين المهتمين. وجرى تنظيم حفل القراءة حول هذا الكتاب الجديد، إضافة إلى سهرة موسيقية أندلسية من أداء مجموعة روافد موسيقية تحت إشراف عمر المتيوي، مساء السبت بالمكتبة الوطنية في العاصمة الرباط، في إطار فعاليات إكليل ثقافي الذي تنظمه الجمعية تحت شعار "مغرب التجديد" من فاتح إلى 20 يوليوز الجاري، ويتضمن ندوات فكرية وثقافية وسهرات فنية. وصدر الكتاب عن أكاديمية المملكة المغربية نهاية سنة 2018، وجرى تقديمه لأول مرة في مارس الماضي بمدينة طنجة. وقال صاحب الكتاب عُمر المتيوي، رئيس جمعية روافد موسيقية، في حديث لهسبريس، إن تقديم الكتاب بمدينة الرباط تشريف له، خصوصاً أنه منظم من طرف جمعية لها حضور ثقافي كبير في المغرب. وقال مصطفى الجوهري، أستاذ جامعي نائب رئيس جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، إن تنظيم هذا الحفل يأتي للاحتفاء بالتراث المغربي الأندلسي، وخاصة ما يتصل بهذا التراث من طرب الآلة، أو الموسيقى المغربية الأندلسية. وأورد الجواهري، في تصريح لهسبريس، أن "الاهتمام بهذا التراث كان في وقت مضى لا يلتفت إليه، لكن في الفترة الحديثة كثُر عشاقه وهواته وجمعياته، لكن ظل الأمر ضعيفاً بالنسبة للبحث العلمي في هذا الجانب التراثي". وزاد الباحث المتخصص في تاريخ الرباط قائلاً: "لكن هيأ الله بعض الوطنيين الغيورين والأساتذة الجامعيين أمثال عباس الجيراري الذين اهتموا بالتراث من جوانب متعددة، سواءً الزجل أو الموشحات أو الملحون أو الموسيقى الأندلسية المغربية، وجهوده في هذا الباب لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد". وأضاف المتحدث أن الفترة الأخيرة عرفت ظهور مجموعة من الدراسات والبحوث الأكاديمية من طرف هُواة وعشاق هذا الفن، وكان في طليعة هؤلاء عُمر المتيوي، واعتبر أن "ما يثلج الصدر أن المتيوي انطلق هاوياً لهذا الفن وانتهى محترفاً لأنه جاء من عالم آخر متعلق باختصاص الطب الصيدلي، لكن عشقه لطرب الآلة واحتكاكه بشيوخ الآلة أهله ليصبح واحدا من كتابه ومن المتطوعين لخدمة هذا الفن". وفي قراءة لمضمون هذا الكتاب، يرى الجوهري أنه "يطرح إشكالية مهمة تتعلق بالعودة إلى دراسة التراث الطربي الأندلسي المغربي من زاوية علمية متخصصة لا تعتمد فقط الرواية الشفهية أو عشق الفن بقدر ما يريد أن يصوغ نظرية موسيقية جديدة، بمعنى آخر هو يريد تطوير الدراسات الموسيقية المغربية من شقها الشفوية وحملها إلى عالم الكتابة والتدوين". والجديد في الكتاب، حسب الجواهري، هو "أنه استطاع أن يأتينا بنظرية جديدة في منظومة الموسيقى المغربية الأندلسية تتعلق بالصنعة والطبوع، ولكن أيضاً بالتنغيم"، وزاد قائلاً: "رؤيته (مؤلف الكتاب عمر المتيوي) تعتبر جديدة لكونه درس في المعاهد الموسيقية وتشبع بشيوخ هذا الفن، ولذلك ارتأى الاهتمام بهذه المنظومة المرتبطة أساساً بمنظومة النغم الذي يجب ألا ينطلق من الموسيقى الأوروبية بل من أصول هذا الفن". من جهته، قال عبد العزيز بن عبد الجليل، نائب رئيس المجمع العربي للموسيقى، في تصريح لهسبريس، إن "نوبة الاستهلال كتابٌ جليلٌ يهتم بتحليل النوبة دراسةً علميةً رصينةً، ويتضمن تدوين سائر المستعلمات الشعرية التي تحتوي عليها النوبة، أي بمقدار ما يفوق 200 صنعة من صنعات الموسيقى الأندلسية". وأوضح أن "أشياء كثيرة تميز هذا الكتاب عن غيره مما أنجز في تدوين الموسيقى الأندلسية"، مشيراً إلى أن "التدوين بدأه الأوروبيون قبل هذا العهد بزمن طويل، لكن المغاربة انخرطوا في الموضوع بدءً من العمل الذي أنجزه في تسعينيات القرن الماضي الأستاذ محمد بريول الذي أخرج نوبة عريفة الحسين مدونة حسب رواية الراحل عبد الكريم الرايس". وأكد الباحث في الموسيقى أن "العمل الذي أنجزه المتيوي قدم دراسة مستفيضة حول النوبة الأندلسية بصفة عامة وما عرفته هذه النوبة من تطور خلال المسيرة التاريخية الطويلة للموسيقى الأندلسية، ثم تحليل نوبة الاستهلال".