على الرغم من البعد عن الوطن الأم، يتشبث أفراد الجالية المغربية المقيمون في العاصمة اليونانية أثينا بطقوس الصيام في أجواء رمضانية تشبه تلك التي تميز هذا الشهر الفضيل بالمملكة. بعد ساعات طويلة من العمل، لا تختلف موائد الإفطار من حيث الأطباق المعدة خصيصا لهذا الشهر الفضيل بأجواء ملؤها مشاعر الدفء والود والإيمان والتقاسم، التي تعم شهر رمضان، وخاصة التقاليد العريقة التي تميز هذا الشهر المبارك. ويبقى أفراد الجالية على صلة وثيقة بعادات أجدادهم ويولون أهمية خاصة للأطباق التي يتم تقديمها خلال وجبة الإفطار، مثل "الحريرة" و"السفوف" و"الشباكية". خلال الشهر الكريم، يجتمع أفراد الأسرة حول المائدة للاستمتاع بهذه الأطباق خلال وجبة الإفطار، وهي طقوس تتكرر كل يوم من رمضان في جو من التقوى تقديرا لهذا الشهر الكريم. وبعد الأذان لصلاة العشاء، يلتقي المصلون في أقرب مسجد، وغالبا ما يرتدون ملابس تقليدية، لأداء صلاة التراويح إلى جانب أفراد آخرين من الجالية المسلمة، على الرغم من الظروف الصعبة بسبب الفارق الزمني وساعات العمل في البلدان المضيفة، كما هو الحال في اليونان. وخلال الشهر الكريم، تتبادل الأسر المسلمة أيضا الزيارات بهدف تلقين الصغار أن الحياة تشكل تحديا، يتطلب رفعه وتحقيق الارتقاء الاجتماعي والتحمل والصبر والتضامن بين أفراد الجالية. وفي تصريح صحافي بهذه المناسبة، أكد المهاجر الخمسيني أحمد، الذي استقر في أثينا منذ وقت طويل، أن يوم رمضان هو بمثابة عيد يومي للمؤمنين، خاصة وأن شهر الصيام تزامن هذا العام مع فصل الربيع. وقال: "كمغاربة، نشعر بالفخر بإحياء شهر رمضان ونحن ملتزمون بمشاركة الشباب القيم والتقاليد النبيلة الخاصة بالشهر الكريم". وشدد على أنه من بين تقاليد الأجداد التي ما تزال حاضرة بقوة في الحياة اليومية للمغتربين، الاستعداد والإرادة لتقديم المساعدة والدعم للمحتاجين، خاصة وأن الجالية المسلمة في اليونان تتكون في غالبيتها من المهاجرين واللاجئين من البلدان التي دمرتها سنوات طويلة من الحرب. هؤلاء الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة يجدون دعما كبيرا لدى أفراد الجالية المغربية، الذين تشكل ثقافتهم الأصلية حافزا لتقديم المساعدة للفقراء خلال هذا الشهر الكريم قصد تخفيف معاناتهم ودعمهم. وعلى الرغم من عددهم القليل نسبيا، فإن أفراد الجالية المغربية في اليونان، الذين يقدرون بحوالي 4000 وفقا لسفارة المملكة، يتميزون بثقافتهم ومبادئهم الراسخة بقيم التضامن والتسامح، وقدرتهم على التكيف بسرعة مع السياق المجتمعي المحلي والتواصل بشكل أفضل، وهي صفات إيجابية مكنتهم من موقع خاص في المجتمع اليوناني. ففي اليونان، المسلمون هم أكبر أقلية دينية، ودون احتساب سكان تراقيا الشرقية، البالغ عددهم 150 ألف نسمة، في شمال اليونان، تقدر هذه الأقلية بحوالي 300 ألف، يعيش أكثر من 250 ألفا منهم في العاصمة أثينا، وهو رقم تعتبره وزارة التعليم اليونانية مهما ومبررا للغاية من أجل بناء أول مسجد رسمي في منطقة إيليوناس، سيطلق عليه اسم "مسجد أثينا"، من المقرر أن تفتح قريبا أبوابه أمام المصلين. *و.م.ع