أكد مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أنه تم وضع تصور لاستكمال هياكل المجلس ووضع مخطط إستراتيجي للسنوات العشر المقبلة، مؤكدا نجاح أي مشروع مرتبط بنهج الحكامة والابتعاد عن المقاربات العشوائية والبرامج الآنية الضيقة غير الواقعية. وقال فارس، في جلسة افتتاح السنة القضائية 2019، في كلمته ضمن الجلسة الرسمية بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2019، إن سنة 2018 شهدت تشخيصا دقيقا للوضعية القضائية ل29 محكمة. تأديب وترقية القضاة وأضاف رئيس محكمة النقض في كلمته، التي ألقاها بحضور محمد عبد النبوي، الوكيل العام لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة: "تم إعداد 97 تقريرا للتفتيش اللامركزي، وتم استقبال 6376 شكاية، كما تمت إحالة 24 قاضيا في إطار مسطرة التأديب، التي أسفرت عن إصدار عقوبات مختلفة تتراوح بين العزل والإنذار وعدم المؤاخذة في حق قاضيين". وتم تعيين 218 من القضاة الجدد بمختلف المحاكم، وفق ما أكده مصطفى فارس، الذي أوضح أن هذه التعيينات تأتي "تعزيزا للرصيد البشري"، منبها في الآن نفسه إلى "ضرورة انكباب المعهد العالي للقضاء بجدية وحزم من أجل إيجاد حلول لإشكاليات التكوين الأساسي والمستمر، حتى يتم الوصول إلى شخصية القاضي بكل حمولاتها وأخلاقياتها"، ومؤكدا على "ضرورة إشراف المجلس الأعلى على رئاسة المعهد العالي للقضاء". "كما تمت ترقية 509 قضاة هذه السنة، فضلا عن تكليف وانتداب عدد منهم من أجل حسن سير عمل بعض المحاكم. وشهدت هذه السنة أيضا تباري 72 من القضاة على مناصب المسؤولية، وتعيين 17 منهم لأول مرة كجيل جديد"، يورد فارس، منوها في الآن نفسه بتبوّؤ المرأة القاضية لعدد من المناصب عن استحقاق وتميز، وداعيا المسؤولين القضائيين إلى العمل الجاد والانفتاح على كل المكونات والتجاوب مع الانتظارات بروح الفريق الواحد والتمسك بالأخلاقيات والممارسات الفضلى. مؤشرات محفزة واستعرض الرئيس المنتدب عددا من المؤشرات الإحصائية التي تعكس المجهود القضائي الكبير الذي بذل، سواء على مستوى محاكم الموضوع أو محكمة النقض، موضحا في هذا السياق أن سنة 2018 عرفت إصدار 3172202 حكم، أي بزيادة قدرها 16 في المائة مقارنة بالسنة الماضية. ووصل متوسط المحكوم عند كل قاض إلى 1137 حكما في السنة، أي بزيادة قدرها 18 في المائة؛ كما سجلت سنة 2018 زيادة في نسبة القضايا المسجلة بهذه المحاكم تقدر ب17.5 في المائة، وانخفض الرائج بنسبة 1.5 في مقارنة بسنة 2017 . وأشار فارس إلى أن "محكمة النقض استطاعت خلال سنة 2018 بفضل العمل الدؤوب لقضاتها وأطرها وموظفيها تحقيق نتائج مهمة ومتميزة رغم كل الإكراهات، إذ عرفت تزايدا كبيرا في نسبة القضايا المسجلة، وصل إلى 80 في المائة ما بين سنتي 2011 و2017". تسريع وتيرة معالجة الأحكام وأوضح فارس أن 72 في المائة من الأحكام الصادرة عن محكمة النقض لم تتجاوز السنة، مشددا على ضرورة إرساء تعاون حقيقي داخل جسم أسرة العدالة بعيدا عن الانتماءات والمزايدات، ومؤكدا أن القاضي لا يعلن إلا نتيجة عمل الآخرين، وأن على الجميع تحمل مسؤوليته. كما رصد الرئيس المنتدب في كلمته عددا من الاجتهادات الصادرة عن محكمة النقض التي تعكس الحماية القضائية للحقوق والحريات، وتجسد انخراط القضاة في مسيرة الإصلاح بمقاربة واقعية، ومنها قرارات تتعلق بتكريس مبدأ المساواة والحق في الدفاع والمحاكمة العادلة والمسؤولية والمحاسبة وحماية المال العام وضمان الأمن العقاري والأسري والبيئي، وتكريس بيئة آمنة للاستثمار وضمان الحق في الشغل وفي الصحة وحقوق الطفل. ودعا مصطفى فارس كافة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف إلى افتتاح السنة القضائية بدوائرهم يوم الإثنين 4 فبراير 2019، وأن يحرصوا على تفعيل التوجيهات الإصلاحية بكل حزم ومسؤولية.