قالت جيوفانا بربيريس، ممثلة منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) بالمغرب، إنّ ثمّة حاجة ماسة في عالم اليوم إلى قرارات سياسية حاسمة لضمان حق الأطفال ذوي إعاقة في الولوج إلى التعليم، وتنفيذ مضامين الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال. ونوّهت جيوفانا بربيريس بالتقدم الحاصل في مجال ولوج الأطفال ذوي إعاقة إلى التعليم في المغرب، لكنّها أكدت، في كلمة ألقتها في افتتاح ندوة دولية حول التربية الدامجة بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أنّ نسبة كبيرة من الأطفال ذوي إعاقة يعانون الأمرّين في سبيل الولوج إلى المدرسة. واستدّلت ممثلة يونيسف بالمغرب بأرقام الإحصاء العامّ للسكان والسكنة لسنة 2014، لتعبّر عن قلقها إزاءَ عدم تمكين الأطفال ذوي إعاقة من حقهم في التعليم؛ إذ تؤكّد هذه الأرقام أنّ فقط 37.8 في المئة من الأطفال في وضعية إعاقة، المتراوحة أعمارهم بين 6 و11 سنة، يدرسون، في حين تصل النسبة في صفوف الأطفال الذين لا يعانون من إعاقة إلى 98 في المئة. وحسب الإحصاء العام للسكان السكنى المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط، فإنّ 70 في المئة من الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب لا يتوفرون على أي مستوى دراسي، ولا يتعدى عدد المستفيدين من التعليم الأولي 4.6 في المئة، بينما لا تتجاوز نسبة الذين بلغوا مستوى التعليم الثانوي 8.5 في المئة، أما التعليم العالي فلا تتعدّى نسبة الذين بلغوه 1.5 في المئة. وعلّقت المسؤولية الأممية على هذه الأرقام بالقول: "من أجل ترسيخ مبدأ المساواة، يجب ضمان حق هؤلاء الأطفال في التمدرس، والبقاء في المدرسة، والاستفادة من تعليم ذي جودة"، مشيرة إلى أن برنامج التعاون بين المغرب ويونيسف مكّن من تسليط الضوء على مكامن أهم المعيقات التي تحول دون ولوج ونجاح الأطفال ذوي إعاقة في النظام التعليمي بالمملكة. وحصرت المتحدثة المعيقات التي تحول دون ولوج الأطفال ذوي إعاقة إلى المدرسة في ثلاثة، هي نقص المعرفة حول قدرات هؤلاء الأطفال والصور النمطية عنهم، والطرق البيداغوجية والمحيط المدرسي غير الملائم لاحتياجاتهم، وصعوبة وضع التدابير التعليمية الشاملة على المستويين الوطني والمحلي. من جهتها، قالت لطيفة جبابدي، عضو اللجنة الدائمة للمناهج والبرامج والتكوينات والوسائل الديداكتيكية بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إنّ المغرب مُلزَم بإعمال مقتضيات الاتفاقيات والعهود الدولية التي وقع عليها، مشيرة إلى أنّ الدستور ينص على ضمان تعليم عصري وذي جودة لكافة المواطنات والمواطنين، وتيسير تمتيع الأشخاص في وضعية إعاقة بمختلف الحقوق. وأبرزت جبابدي أنّ تمكين الأطفال في وضعية إعاقة من الحق في التعليم يتطلب توفّر دعامتين أساسيتين، هما الإرادة السياسية، وحشد الجهود لإحداث تغيير ثقافي يقطع مع التمثلات السلبية والأحكام المسبقة عن الأشخاص في وضعية إعاقة المترسخة في الأذهان، بما يمكّن من الوصول إلى قناعةٍ بأنّ الإعاقة تندرج ضمن الاختلاف الإنساني. ودعت المسؤولة بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى تكثيف جهود جميع الفاعلين من أجل خلق الشروط الملائمة لتمكين الأطفال في وضعية إعاقة من الحقوق الإنسانية كاملة، وفي مقدمتها الحق في التمدرس، ووضع مخطط وطني للتربية الدامجة يضع حدا للإقصاء الذي يطال هذه الفئة من أطفال المملكة. في هذا الإطار، قالت رحمة بورقية، رئيسة الهيئة الوطنية للتقييم بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إنّ الأطفال ذوي إعاقة "غالبا ما يُتكرون على الهامش في محيط لا يضمن لهم حقوقهم الإنسانية"، مضيفة: "نحن في المجلس الأعلى للتربية والتكوين نعبر عن انحيازنا الحقوقي لهذه الفئة من الأطفال، ونؤكد حق كل طفل في تربية دامجة".