بإجماع كلّ الدول الإفريقية المشاركة في مؤتمر قمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية المنعقد في دورته الثامنة بمراكش، يواصلُ التحدي البيئي في القارة السمراء في تصدّر أجندات الحكومات المحلية، حيثُ استعرضت المملكة مؤهلاتها أمام أزيد من ثلاثة آلاف مشارك، في التَّصدي لتحديات المناخ بالقارة الإفريقية ومساعدة شركائها على "مواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية". وطوال أشغال اليوم الثالث من هذه القمة الإفريقية التي تتواصل إلى غاية 24 نونبر الجاري، سلط عدد من الفاعلين في المجتمعات المحلية بإفريقيا وشركاء من مناطق أخرى من العالم الضوء على الأهمية الكبرى للتنمية المستدامة، وكذا الدور الذي يمكن أن تلعبه الجماعات الترابية لمواجهة التحدي المتمثل في التكيف مع التغيرات المناخية. وفي هذا الصدد، قالت نزهة الوفي، كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، خلال جلسة عمل عقدتها مع جان باتيست لوموان، سكرتير الدولة لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية في الحكومة الفرنسية، إنَّ "إشكالية المناخ في القارة الإفريقية تشكل تهديدا حقيقيا صامتا يستوجب حل مستعجل من خلال تحويل هذا التحدي إلى فرصة لترجمته إلى مشاريع تنموية". المسؤولة الحكومية أشارت، في تصريح لجريدة هسبريس، إلى أهمية قمة المدن والحكومات المحلية التي تشكل محطة بارزة بعد مؤتمر القمة الإفريقي الأول، حيث اجتمع رؤساء الدول الأفريقية في مراكش على هامش الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف "كوب 22"، متوقفة عند "اللجان الثلاث التي أحدثت بمراكش، وهي لجان الساحل، والبلدان الجزرية، وحوض الكونغو بهدف الإجابة عن الإشكاليات الرئيسة والحقيقية التي تواجه أفريقيا". وعن جلسة العمل التي عقدتها مع نظيرها الفرنسي جان باتيست لوموان، أوضحت الوفي أن "اللقاء تطرّق إلى القضايا ذات البعد المشترك بين باريس والرباط، خاصة في مجال المناخ والتحديات البيئية" مقرة بأنّ "العلاقات بين فرنسا والمغرب تاريخية وتجمعنا أوجه تعاون متعددة في قضايا التنمية المستدامة، إذ سنحاولُ الاستفادة من خبرة الفرنسيين في إطار مشروع البرنامج الوطني لجودة الهواء ومشروع النقل المستدام". وفي هذا الصدد، تؤكد الوفي أن "الحكومة المغربية أعطت الانطلاقة لقانون المالية للإدارة المثالية الذي يدمج السيارات الكهرباء في المرافق الإدارية والحكومية، وهو قرار سيخلق مناصب شغل كبيرة لأن الأمر يتعلق بموضوع تصنيع جديد سيخلق فرص تكوين وعمل لمئات المغاربة"، مردفة أن "الموضوع الثالث الذي ناقشناه مع الوزير الفرنسي يتعلق بالقضية المناخية عن طريق مركز كفاءات التغير المناخي". من جانبه، أقرَّ جان باتيست لوموان، سكرتير الدولة لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية في الحكومة الفرنسية، بأن زيارته لمراكش تأتي في إطار التحضير لمؤتمر القمة الأفريقية الفرنسية المقبل الذي سيُعقد في عام 2020، طبقاً لما أعلنه رئيس الجمهورية الفرنسية في واغادوغو في نونبر 2017 والذي سيُخصص لموضوع المدينة المستدامة. وقال سكرتير الدولة الفرنسية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن فرنسا تمنح الأولوية لمكافحة تغير المناخ تمهيداً لانعقاد الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ في مدينة كاتوفيتسه من 3 إلى 14 دجنبر ولفعالية "الكوكب الواحد" التي ستُعقد في نيروبي عام 2019. جان باتيست لوموان، الذي أكد أنه التقى بالعديد من أصحاب القرار الأفارقة وناقش معهم الرهانات المتعلقة باستدامة المدن الأفريقية، أوضح أن "العلاقات المغربية الفرنسية تعيشُ أفضل مراحلها بعد افتتاح الخط السريع بين طنجة والدار البيضاء وأن التعاون الوثيق للغاية بين فرنسا والمغرب في مجال التنمية المستدامة سيتطور أكثر مع إطلاق مشاريع ذات بعد مشترك". وقارب مشاركون في ورشة أخرى خلال أشغال القمة عددا من المشاكل التي تعاني منها القارة الإفريقية؛ ومن بينها النمو السكاني السريع وزيادة نسب التحضر والضغط القوي على موارد الطاقة، لا سيما مع ارتفاع تكلفتها في كثير من الأحيان على البيئة. ويلتئم في قمة "أفريستي"، التي تنظم تحت الرعاية الملكية، أكثر من 5 آلاف مشارك، من ممثلي تدبير الشؤون المحلية بإفريقيا وشركاء ينتمون إلى مناطق أخرى من العالم ووزراء مكلفون بالجماعات المحلية والسكنى والتنمية الحضرية والوظيفة العمومية، إلى جانب السلطات والمنتخبين المحليين والمسؤولين عن الإدارات المحلية والمركزية، ومنظمات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين من القطاعين العام والخاص. ومن شأن هذه القمة، التي ستتواصلُ إلى غاية 24 نونبر الجاري، أن تكرس المكانة المحورية لإفريقيا المحلية في تحديد وتفعيل سياسات واستراتيجيات التنمية، والاندماج والتعاون بإفريقيا، فضلاً عن اقتراح آفاق جديدة من أجل مساهمة أكبر للجماعات الترابية بالقارة. وسيعمل المشاركون في هذا الحدث القاري على تحديد ميزات وخصوصيات مختلف أشكال الانتقال، بما يتماشى مع سياق وخصوصيات إفريقيا، فضلاً عن تحديد دور الجماعات الترابية في تفعيلها.