الصورة: الدكتور أحمد الريسوني وأنا أقرأ مقال ذ.نور الدين زاوش في رده على ما جاء في الحوار الذي أجرته جريدة المساء مع الدكتور أحمد الريسوني بتاريخ 29 10 2011 ، وددت لو أنه لم يكتب بذلك الأسلوب الذي يدل على أن الأستاذ الزاوش لم ولن ينسى مشكلاته ومعاناته مع إخوانه من حزب العدالة والتنمية. والحق أقول أني أعرف ذ. نور الدين زاوش وهو طاقة وله قدرات ومؤهلات في مجالات عديدة . وكنت دائما أقول له أن يوجه هذه الطاقة ويستثمر هذه المؤهلات بشكل أفضل وأحسن من تسخيرها في كثرة الردود على هذه الجهة أو تلك . كنت قبل تأسيس حزب النهضة والفضيلة مع أخي نور الدين بمدينة جرادة ؛ حينما تم الإعلان عن ما سمي آنذاك "اليقظة والفضيلة ّ" داخل حزب العدالة والتنمية من طرف السيد الخالدي . فقلت له أي ذ. زاوش إذا فكر الخالدي في الانشقاق عن حزب العدالة والتنمية سيكون ذلك خطئا فادحا ، وإذا وقع الانشقاق سيولد الحزب ميتا. وبررت له ذلك بأن قراءة سريعة وعابرة لتاريخ الأحزاب المنشقة في المغرب يظهرأن جميع الأحزاب التي انشقت لآسباب وصراعات شخصية لم تستطع أن تحقق أي نجاح أو امتداد جماهيري ؛ بل أكثر من ذلك فإن بعضها إما أنه عاد إلى أمه التي انفصل عنها أو ذاب في حزب آخر.خذ نموذج الاتحاد الاشتراكي الذي بقي محافظا على مكانته بالرغم من الانشقاقات المتوالية ؛ في حين أن الذين انشقوا عنه لم يستطيعوا الصمود في المعترك السياسي بل مالبث هؤلاء المنشقون أن انقسموا على أنفسهم . هذا بخلاف الأحزاب السياسية التي كان انشقاقها لأسباب أيديولوجية أو خلافات مذهبية عميقة؛ فقد استطاعت أن تجد لها قاعدة صلبة . بعد هذه المقدمة أود أن أورد بعض الملاحظات على مقال أخي وعزيزي ذ. نور الدين زاوش والتي أتمنى أن يتسع صدره لتقبلها . إني لا أزعم لهذه الملاحظات أن تكون الحق الذي ليس وراءه إلا الباطل ؛ ولكني أرجو لها أن تكون من باب النصيحة المخلصة . 1 إني لست أبرئ حزب العدالة و التنمية من ارتكاب أخطاء وزلات سواء كانت داخلية تنظيمية أم خارجية ولكني في الوقت نفسه لست ممن يشيطن هذا الحزب كما فعل أخي نور الدين في كتابه الموسوم ب " الجالية اليسارية في حزب العدالة والتنمية " 2 إن إقحام تصريح د. الريسوني لجريدة أوجوردوي ماروك عن أهلية الملك للفتوى الشرعية والذي اعتبره ذ. زاوش تصريحا غريبا قد يفهم منه الاستقواء بالآخر من خلال الظهور بمظهر المدافع عن المؤسسة الملكية وإمارة المؤمنين في الوقت الذي يقدم فيه د. الريسوني خطئا في صورة المسيء لهذه المؤسسة . مع أن الدكتور الريسوني كان يصف واقعا يؤكده الملك نفسه بإدراكه عظمة وخطورة الفتوى حينما جعلها من صلاحية المجلس العلمي الأعلى الذي يتشرف برئاسته بنفسه . 3 أن يزعم ذ. زاوش أن الدكتور الريسوني قد أساء إلى السيد الخالدي والدكتور الخطيب رحمه الله من خلال هذا الحوار فهذا غير صحيح إلا إذا كان انتقاد مواقف الناس أو إبداء الرأي فيها أوذكر وقائع يعتبر إساءة . أما الحوار المنشور بجريدة المساء فلا يتضمن أي عبارة إساءة لشخصية السيد الخالدي أو الدكتور الخطيب رحمه الله . 4 إن الأستاذ زاوش يأخذ على د. الريسوني حكمه على الناس من غير تبين وأنى له أن يعرف خبايا الأمور وخفاياها إلا إذا كان يوحى إليه ، لكن ذ. زاوش يسقط في ما اتهم به د. الريسوني ، فهو يقول :" فما الذي جعل أستاذنا يخلط هذا الخلط العجيب ، ويرمي بهذا البهتان العظيم، إن لم تكن ضغائن لم تنس ، وجروح لم تشف ." ويقول أيضا :" أجزم يقينا أن د. الريسوني لم يدرس الورقة المذهبية لحزب النهضة والفضيلة ، ولم يعرف مواقفه وآراءه وتوجهاته ، ولم يكلف نفسه عناء البحث والتقصي ، لأنني ما أظنه يعرف الشيء ثم ينكره ." أليس هذا من باب محاكمة النوايا وما في قلوب العباد ؟ كيف استطعت أن تجزم يقينا ؟ هل أصبحت تعلم الغيب ؟ أم أن الدكتور الريسوني أخبرك بذلك ؟ 5 زعم الأستاذ زاوش أن الدكتور الريسوني وقع في التكفير حينما نفى صفة ( الإسلامية ) عن حزب النهضة والفضيلة ، والأستاذ نور الدين زاوش يعرف جيدا أكثر من غيره أن هذا ليس من باب التكفير ، ولا أريد أن أطنب في بيان الفرق بين الإسلامي والمسلم ، من هنا لم يكن من داع لعبارات التهويل التي استعملها ذ. زاوش من قبيل :" حوب كبير أن تنفي صفة الإسلام ..." 6 حينما قال الدكتور الريسوني بأن قصة هذا الحزب معروفة فهدا ليس من المستور الخفي الذي لا يعلم إلا بالكشف أو الإلهام ، فالكل يعلم لأن القصة بدأت من مدينة وجدة والصراع الذي وقع بسبب ترشح الخالدي في الانتخابات البرلمانية . وهنا لا بد من شهادة حق أقولها : إن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لما رشحت السيد الخالدي ، سواء كان ذلك بشكل ديموقراطي أو إرضاء للدكتور الخطيب واعترافا بجميله ، كان على الحزب محليا أن يراعي تلك الملابسات وتلك الظرفية ؛ لكن البعض خالف قرار الحزب رغم محاولات قيادات في الآمانة العامة آنذاك ، فوقع ما وقع من وقوف مجموعة من أعضاء الحزب ضد لائحة الحزب بل والتعبئة ضدها في الشارع . وكان الأمر سيقف عند هذا الحد لولا الأحداث التي أعقبت ذلك من تدخل لحركة التوحيد على الخط والتي ارتكبت خطئا حينما تم طرد المجموعة التي دعمت الخالدي في الحقيقة دعمت قرار الأمانة العامة للحزب وكان هذا الخطأهو الشرارة الأولى التي ستدفع الخالدي ومن معه للتفكير في مستقبله في الحزب . وطبعا جاءت فكرة لجنة اليقظة والفضيلة من داخل حزب العدالة لتصبح في ما بعد حزب النهضة والفضيلة . 7 إذا كان الدكتور الريسوني قد وصف التحالف G8 بأنه مكر الليل والنهار ضد حزب العدالة والتنمية فهذا لا يحتاج إلى أن يكون الشخص وليا أو صاحب إلهام وكشف ؛ بل يحتاج ببساطة إلى الرجوع إلى التصريحات الواضحة والعديدة لزعماء البام منذ التأسيس وإلى الآن .وأنا أقول للأستاذ زاوش : لك الحق أنت أو غيرك في أن تدعي صفة الإسلامية لحزبك أو لأي حزب آخر، لكن كيف تفسر لنا تحالفك ( وأنت الحزب الإسلامي ) مع حزب ما فتئ يصرح ويكرر منذ أن تأسس أن مشروعه هو الوقوف في وجه الإسلاميين ؟ 8 أخي ذ. زاوش أنت تعرف جيدا القاعدة :" لا ينسب إلى ساكت قول ." فحينما حكم د. الريسوني على تحالف G8 بأنه تحالف باطل أو لا شيئ ، فهو لم يدعي أبدا أن أي تحالف يدخل فيه حزب العدالة والتنمية سيكون حقا ولو قال ذلك لكان مخطئا. 9 أخي ذ. زاوش أعرفك رجلا علميا في تخصصك وفي كثير من مناقشاتك ، لكني أعجب لهذا الاستنتاج الغريب الذي انتهيت إليه في قولك :" أخشى ما أخشاه أن يستفحل داء شيخنا حتى يحرم زواج المرأة المنتمية لحزب العدالة والتنمية بالرجل المنتمي لحزب النهضة والفضيلة ." إن هذا الاستنتاج لا تؤيده أي قاعدة من قواعد الاستدلال المنطقي . 10 أن تذكر د. الريسوني بمبدإ الحركة ( التعاون مع الغير من أجل الخير )فهذا شيء جميل جدا ، لكن الأجمل منه أن تعلم أولا إن كان هذا الغير يدعو فعلا إلى الخير . ألم تعلم أخي ذ. زاوش أن هذا الغير الذي تتحدث عنه هو من يستهدفك من خلال مشروعه المعلن صراحة أنت بالذات كمشروع إسلامي وكحزب إسلامي ؟ 11 أما أن تواجه د. الريسوني بتصريحات ذ. عبد الإله بنكيران بأن حزبه مفتوح على التحالف مع الجميع ، فهذه حجة داحضة من وجهين : الوجه الأول : أن هذا الكلام من باب العام المخصص بالضرورة . الوجه الثاني : لا قياس مع وجود فارق ، فالدكتور الريسوني يتحدث عن حزب النهضة والفضيلة من حيث إن التحالف قد وقع منه بالفعل لذا حق للدكتور الريسوني أو غيره أن يقوم هذا التحالف أو يبدي رأيه فيه . أما حزب العدالة والتنمية فلم يقع منه التحالف بعد ، فإذا وقع آنذاك لكل حادث حديث ولكل واقع موقف . وأخيرا أقول لك أخي ذ. واوش إن الدكتور الريسوني كان سيضيق واسعا لو أنه اعتبر حزب العدالة والتنمية وحده من يحمل المشروع الإسلامي في هذا البلد وهذا ما لم يقله الدكتور الريسوني لا في حواره هذا ولا في أي تصريح آخر. [email protected]