ما كان يدور في فلك التكهنات قبل بضعة أسابيع بات الآن أقرب إلى الحقيقة، فكل المؤشرات والظواهر تدل على أن البرتغالي كريستيانو رونالدو في طريقه إلى مغادرة نادي ريال مدريد الإسباني. وبدأت أحداث هذه القصة في 25 مايو الماضي، بعد ثلاث دقائق فقط من فورز ريال مدريد باللقب الثالث عشر في بطولة دوري أبطال أوروبا. وكان ذلك عندما فجر النجم البرتغالي مفاجأة من العيار الثقيل بالتلميح إلى إمكانية مغادرة النادي الملكي؛ إذ قال في تصريحات صحافية: "كان من الجميل اللعب في ريال مدريد". وأبدى زملاء رونالدو في غرفة الملابس، وخاصة قائد ريال مدريد، سيرخيو راموس، عدم تقبلهم لهذه الكلمات التي عكرت عليهم صفو الاحتفال باللقب. وعلى إثر ذلك، عدّل رونالدو قليلا من تصريحاته، لكنه حافظ على المضمون والمقصد، عندما قال: "ربما أخطأت اللحظة". وتبع ذلك سيل من التكهنات في الصحافة البرتغالية التي أشارت إلى اقتراب رحيل رونالدو عن ريال مدريد، كما سبق لها وأن فعلت قبل عام، لكن الأمر انتهى حينها بقرار من إدارة النادي الإسباني بتحسين عقد نجمها الأول. وامتنع رونالدو طوال مشاركته في بطولة كأس العالم 2018 بروسيا عن الإدلاء بأي تصريحات، ولم يقم بهذا إلا مضطرا في مناسبتين عندما اختير كأفضل لاعب في مباراتين بدور المجموعات، ولم يذكر خلالهما أي أمور تتعلق بمستقبله في ريال مدريد. وبعد توديع البرتغال للمونديال الروسي، غادر رونالدو في صمت تام، ومر بالمنطقة المختلطة عقب مباراة أوروجواي في دور الستة عشر ووجهه تعلوه ابتسامة فخر نابعة مما حققه خلال مشاركته القصيرة في المونديال. بعد ذلك مباشرة، أشارت صحيفة "لا جازيتا ديلو سبورت" الإيطالية إلى اقتراب رونالدو من الانضمام لصفوف يوفنتوس الإيطالي، وقالت: "الأمر جدي". وكان هذا البيان بمثابة القطعة الأخيرة الناقصة لاستكمال حل الأحجية، التي كانت تتعلق بهوية الفريق الأكثر جدية في مسألة شراء اللاعب. وانطلاقا من هذه النقطة بدأت وسائل الإعلام الإسبانية في إثارة بلبلة كبيرة حول القيمة المالية لانتقال رونالدو إلى النادي الإيطالي؛ ففي الوقت التي قالت فيه القناة التليفزيونية الإسبانية السادسة إن ريال مدريد توصل إلى اتفاق مع يوفنتوس سيحصل بمقتضاه على 100 مليون يورو (116 مليون دولار) مقابل الاستغناء عن خدمات قائد البرتغال، أشارت مصادر إعلامية أخرى إلى أن ريال مدريد طلب 350 مليون يورو، بل ذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك مؤكدا أن النادي الملكي سيفعّل الشرط الجزائي بعقد رونالدو الذي يصل إلى مليار يورو. لكن المؤكد وسط كل هذا الكم الكبير من التناقضات هو أن ريال مدريد لم يقم بنفي المعلومات والأخبار المثارة حول هذه القضية، بل على النقيض قام بإصدار بيان، مساء أول أمس الاثنين، أكد فيه أنه لم يقدم أي عرض مالي للبرازيلي نيمار دا سيلفا، بحسب ما أشار إليه التليفزيون الرسمي لإسبانيا. من جانبها، سكبت صحيفة "ماركا" الإسبانية اليوم المزيد من الزيت على النار؛ إذ أكدت أن رونالدو، أو بالأحرى فريق العمل التابع له، يبحث عن منزل في مدينة تورينو الإيطالية، مقر يوفنتوس. وأشارت الصحيفة إلى أن رونالدو بات يفكر خارج أسوار ريال مدريد، الذي كان بيتا له طوال السنوات العشر الأخيرة وحطم بين جدرانه جميع الأرقام القياسية الممكنة. ويبدو أن تطور أحداث هذه القصة بات أمرا مرهونا بمرور الوقت، فلم يتبق في هذا الصدد سوى الانتظار ورؤية مشهد النهاية: هل سيتم التعاقد؟ وما هو المقابل المادي؟ وانتقل كريستيانو رونالدو، 33 عاما، إلى ريال مدريد في 2009، وكان في تلك الآونة يمثل صفقة الانتقال الأغلى في تاريخ كرة القدم (96 مليون يورو). وتحول رونالدو في ريال مدريد إلى أسطورة حقيقية، وفاز بأربعة ألقاب في بطولة دوري أبطال أوروبا، كما أصبح الهداف التاريخي لهذا النادي. *د.ب.أ