رغم عمرها البالغ نحو 900 عام لا تزال العاصمة الروسية موسكو مدينة تستحق الاكتشاف حيث أن التعرف على جمالها وطرقها المذهلة وثقافتها المتنوعة وأكلاتها الغنية يعد حلم ملايين الأشخاص الذين يزورون سنويا "قلب" روسيا. بمساحتها البالغة ألفي و511 كيلومتر مربع وعدد سكانها ال12 مليون ونصف مليون نسمة تعد موسكو أكبر مدن أوروبا. وتستضيف موسكو بملعب "لوجنيكي" المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2018 المقرر انطلاقها في 14 يونيو المقبل وكذلك نهائي البطولة في 15 يونيو ، لذا فهي أهم المدن ال11 المضيفة للعرس الأهم في عالم الساحرة المستديرة. "الساحة الحمراء" في موسكو، بجانب "الكرملين" (يمين) و"كاتدرائية القديس باسيل" في الخلفية ولبدء الجولة في موسكو نجد بوسط المدينة شارع "أربات" الحيوي للمشاه الذي يضم فنانيي الشوارع وأكشاك لبيع التذكارات حيث من المستحيل مغادرته دون شراء الدمية الروسية الشهيرة "ماتريوشكا" والتذكارات التقليدية. وبعد السير لبضع دقائق نصل إلى "الكرملين" و"الساحة الحمراء" حيث تجتمع السلطة مع الجمال المعماري وهي زيارة إجبارية لكل من تخطو قدماه مدينة القباب الذهبية سواء بغرض السياحة أو العمل أو لتشجيع منتخبه الوطني. وعلى بعد بضعة أمتار من الكرملين يمكن اكتشاف الحي القديم عند مدخل حديقة "زاريادي"، مساحة خضراء بوسط موسكو مفتوحة للعامة على مدار 24 ساعة. سائحون يزورون حديقة "زاريادي" بوسط موسكو ومن أبرز معالم الحديقة، جسرها العائم فوق جزء من نهر موسكوفا حيث يمكن من هناك التقاط أروع الصور التذكارية للأسوار الحمراء للكرملين والقوارب الترفيهية بمياه النهر الرئيسي بالعاصمة. بعد "زاريادي" تستمر النزهة باتجاه الشمال لتصل إلى "ساحة الثورة" ومنها إلى "ساحة تيترالنايا" التي تضم عددا من المسارح بينها مسرح "البولشوي" الأسطوري. وعلى بعد أمتار قليلة نجد هناك شارع "نفيرسكايا" الشريان التجاري بالمدينة، المليء بالمحلات والمتاجر الحصرية. صورة لشارع "نفيرسكايا" الشريان الرئيسي التجاري في المدينة المليء بالمحلات والمتاجر الحصرية أسرار مترو أنفاق موسكو: وللشعرور بنبض المدينة يجب ركوب مترو موسكو الذي هو بمثابة قصر حقيقي تحت الأرض يضم 176 محطة تم تشييد أغلبها على الطراز السوفييتي التقليدي. ومن المحطات التي تستحق الزيارة محطات "كومسومولسكايا" و"كييفسكايا نوفوسلوبوديسكايا" و"ماياكوفسكايا" و"بولستشاد ريفوليوتسي" التي تم افتتاحها بين 1938 و1953. استضافت محطة "ماياكوفسكايا" في عام 1941 خطاب الديكتاتور السوفييتي جوزيف ستالين بمناسبة الذكرى السنوية لثورة أكتوبر. واختارتها السلطات وقتها لموقعها العميق بعيدا عن قصف الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، إذ تقع على عمق 33 مترا تحت الأرض. يحتفظ مترو موسكو بكثير من الأسرار. وتقول إحدى الأسطورات الحضرية بأن العاصمة الروسية تضم أو كانت تضم شبكتي مترو. مترو موسكو، أبرز المعالم الخلابة بالمدينة. فبالحقبة السوفييتية، يُحكى أنه كان يُستخدم المترو "البديل" حصريا فقط من قبل أعضاء النخبة السياسية والعسكرية بالاتحاد السوفييتي للانتقال بسرعة بدون جذب الانتباه. مهما كانت الحقيقة، فمع مرور الأعوام باتت بنية النقل التحتية للعاصمة مهملة مع الوقت الذي كان يتزايد فيه أعداد سكانها. وبمنتصف تسعينات القرن الماضي، بعد الصدمات الاقتصادية التي أدت إلى سقوط الاتحاد السوفييتي، امتلأت موسكو بالسيارات ولم تتأخر في اكتساب شهرتها كأحد أكثر المدن ازدحاما في العالم حتى الآن. وامتدت الاختناقات المرورية التي باتت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية لأكثر من 50 كيلومترا. وهو ما دفع السلطات الواعية بخطورة المشكلة، للمضي قدما بالأعوام الأخيرة في مشروعات حضرية بهدف تخفيف الازدحام وتحسين الحركة المرورية، من بينها إنشاء شبكة طرق جديدة وسريعة والتي بدأت تؤثي أولى ثمارها. جانبها الترفيهي: ومن المعروف أن العاصمة الروسية تعد واحدة من المدن الأكثر غلاء في العالم، ولكن يؤكد كثير من السائحين أنهم لا يعانون كثيرا من مسألة الأسعار التي يرون أنها قريبة من أي عاصمة أوروبية. وما يميز المدينة العملاقة هو تنوع النشاطات الثقافية التي تقدمها حيث تحظى حاليا ب19 متحفا وطنيا و46 حضريا و128 خاصا، وجميعها ستكون مفتوحة للزيارة خلال المونديال، حسبما أكدت وزارة الثقافة الروسية لوكالة (إفي). وأكثر المتاحف الرائجة للروس وأيضا للسائحين الأجانب هي متاحف "الكرملين" وصالة "ترتياكوف" ومتحف الفنون الجميلة "بوشكين". وقررت صالة "ترتياكوف" التي تعد واحدة من أكبر المعارض الفنية في البلاد، استغلال المونديال للترويج للفن الروسي، فتح معرضها الدائم بوسط موسكو مجانا أمام الزائرين. النصب التذكاري للجندي المجهول، بجانب سور الكرملين وتاريخيا دائما ما كانت تجذب موسكو التجار من جميع أنحاء روسيا. فكانت تصل من الشمال إلى العاصمة الروسية الأسماك، ومن جبال الأورال الجلود، ومن الجنوب، الحبوب. وهكذا بدأ تدريجيا زيادة أعداد المباني التي تقدم إقامة وأطعمة للزوار لتكتسب موسكو سريعا شهرتها بكونها واحدة من المدن الأكثر مضيافة في روسيا. وحتى أواخر القرن التاسع عشر تقلص المطبخ بالمدينة إلى أطباق صغيرة تقليدية من المطبخ الروسي، الذي بات حاليا يرضي كافة أنواع التوقعات والأذواق. ولأولئك الذين يريدون تجربة أطباق روسية تقليدية، دفعت السلطات المعنية بمشروع "خريطة تذوق الطعام" في جميع أنحاء البلاد ومنها موسكو بالتأكيد. كما تروج السلطات لمفهوم "إفطار موسكو" الذي يضم مجموعة متنوعة من الأطباق الأكثر شيوعا في المطبخ الروسي. وتصرح إكاترينا شابوفالوفا منسقة مشروع "خريطة تذوق الطعام" لوكالة (إفي)، أنه "ليس مستبعدا أن يأتي اليوم الذي يستطيع فيه أن يختار زوار العاصمة في مطعم الفندق بين إفطار موسكو والإفطار الكونتيننتال والأمريكي". وتوضح شابوفالوفا أن المشروع يسلط الضوء بالأخص على "حلوى" موسكو ومصانعها للشوكولاتة والسكاكر المعروفة بجودتها التي اجتازت الحدود الروسية.