تعيش الجلسات البرلمانية، منذ انطلاق حملة المقاطعة، على وقع مداخلات قوية لنواب المعارضة، إذ استعاد المغاربة شريط المواجهات الكلامية داخل البرلمان بعد مطالبة النائب "البامي" هشام الهاجري بحل البرلمان واستقالة الحكومة بهدف تدشين مصالحة بين السياسيين والشعب المغربي، وهو الأمر الذي سبقته تلويحات لنواب الحزب ذاته بطرح ملتمس رقابة يعصف بأغلبية "البيجيدي". وتَمُّرُ حكومة سعد الدين العثماني من فترة عصيبة بعد أن دخل حزب الاستقلال بدوره على خط المعارضة، وتقديمه لمشروع قانون مالية مُعدَّل يتضمن إجراءات استعجالية لرفع الأجور وحماية القدرة الشرائية وتشغيل العاطلين، ما جعل العثماني في ورطة حقيقية، حصرت أغلب خرجاته في ردود فعل حول مبادرات الشارع المغربي وأحزاب المعارضة. ويُتَابِعُ الرأي العام الوطني بترقب كبير أخبار سقوط الحكومة من عدمه، بعد أن عمد نشطاء إلى إطلاق عريضة إلكترونية تطالب الملك محمد السادس بإعفاء العثماني، لتليها مباشرة خطوة إسقاط الملك عبد الله الثاني للحكومة الأردنية، بعد أن عمت الاحتجاجات شوارع العاصمة عمان بسبب أسعار المحروقات. في هذا السياق قال محمد أبودرار، النائب البرلماني عن الأصالة والمعاصرة، إن "الحزب يطرح بشكل جاد على مستوى تنظيماته الداخلية قرار الدفع بملتمس رقابة من أجل إسقاط الحكومة، لأن الوضع الحالي كارثي وغير مطمئن، نظرا لتعامل الحكومة السيئ مع الحراكات الاجتماعية، وفي ظل الخرجات الإعلامية للوزراء الذين يدافعون عن الشركات بدل المواطن". وأكد أبودرار، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "من غير المعقول أن تَلزم الحكومة الصمت أمام الأرباح اللاأخلاقية التي تُحَقِقُهَا الشركات، وتتمادى في تزوير الأرقام لصالح الباطرونا، في تحركات لن تزيد سوى الطين بلة، وسَتُفْقِدُ أي أملٍ لدى الشعب في التغيير". وسجل النائب عن دائرة إفني أن "البام" كحزب مُتَمْوقعٍ في المعارضة "يجد نفسه أمام واقع خاص يَفْرِضُ عليه تحمل المسؤولية، خصوصا أن حزب الاستقلال هو الآخر دخل في نقاش حول أوضاع البلاد الحالية، ويتجه نحو إشهار ورقة ملتمس الرقابة رغم أنه لا تنسيق بين الحزبين إلى حدود الساعة". من جهته، أورد بلال التليدي، الباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي، أن "المغرب لا يتحمل أزمة سياسية أخرى لأنه يعيش أساسا على وقع الاحتقان، بما في ذلك صناع القرار، الذين يبحثون عن صيغة للتهدئة وإعادة الأمور إلى مسارها"، مردفا: "يبدو ذلك واضحا من خلال سلوك الحكومة التي تتخوف من أن تتحول المقاطعة إلى ربيع عربي بعدما وقع في الأردن". وأضاف التليدي، في تصريح لهسبريس، أن "حزب الأصالة والمعاصرة يعيش أزمة خانقة، وقدرته محدودة، وكل تحركاته ليست سوى محاولة من أجل تسويق صورة مضللة؛ فهو عاجز عن خلق مبادرة شعبية، نظرا لضعف قدرته التأطيرية والتعبوية". وأشار التليدي إلى أن "استيفاء الشرط الدستوري القاضي بإسقاط الحكومة عن طريق ملتمس الرقابة مستحيل بالعودة إلى أن حزب الاستقلال لا يمكنه مسايرة دعوات حزب الأصالة والمعاصرة، ولأن الأحزاب الأخرى داخل الأغلبية الحكومية". وزاد التليدي أن "الحالة الأردنية بعيدة عن المغرب، نظرا لكون البلاد تعيش احتقانا اجتماعيا له رسائل سياسية مفادها أن الأغنياء ورجال الأعمال يَسْتَغِلُونَ موارد الدولة على حساب باقي المواطنين، ما يُهَدِدُ بنسف الاستقرار"، مشيرا إلى أن "الدولة تلقت الرسالة"، وزاد: "هناك توجه الآن نحو إعادة الاعتبار لمجلس المنافسة، الذي سيعافي المستهلك المغربي وسيكشف الممارسات اللأخلاقية للشركات".