في إطار الاختصاصات الجديدة الموكلة لها، أطلقت رئاسة النيابة العامة، اليوم الاثنين بالرباط، آلية جديدة لتلقي شكايات وتبليغات عموم الشعب المغربي بشأن الرشوة والابتزاز ومختلف صور الفساد، من أجل محاصرة هذه الظاهرة التي تنخر جسم الإدارات العمومية وتسيء إلى سمعة المغرب في مختلف التقارير الدولية. وخصصت رئاسة النيابة العامة مركزاً للاستماع يتواجد في مقرها المركزي، يقوم الموظفون فيه باستقبال مكالمات المواطنين طيلة أيام العمل من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى الرابعة بعد الزوال، وبإمكان المغاربة التبليغ عما يتعرضون له من ابتزاز أو رشوة أو ما يقفون عليه من جرائم الفساد بالاتصال بالرقم (0537718888). وتعالج مكالمات المواطنين من طرف مركز الاتصال برئاسة النيابة العامة، المجهز بمختلف الوسائل التكنولوجية، حيث يقوم الموظفون بإحالة المكالمة مباشرة على القاضي المكلف بعد التأكد من كونها تتعلق بإحدى جرائم الفساد. وبعد ذلك، يعمل القضاة المخصصون لهذه المهمة على ربط الاتصال مباشرة بالنيابة العامة من أجل التنسيق مع المُبلغ لضبط المشتبه فيه في حالة تلبس. في هذا الصدد، قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، في كلمة بالمناسبة خلال حفل تدشين فضاء استقبال الشكايات، إن الخط الهاتفي المباشر موضوع رهن إشارة الشعب المغربي للتبليغ عن الفساد والرشوة والابتزاز الذي يتم في الإدارات العمومية أو المصالح القضائية أو في أي جهة أخرى من مرافق الدولة. وأوضح عبد النباوي أن "الغاية من الخط الجديد تكمن في ضبط حالات التلبس بالرشوة؛ وذلك عن طريق تكليف النيابة العامة المعنية بالاهتمام بشكاية الشخص المبلغ ووضع الكمائن اللازمة"، مورداً أن الخطوة تهدف أيضاً إلى إيصال رسالة واضحة إلى كل الممارسين للفساد في قطاع الخدمات العمومية، "وهو الأمر الذي يعطي للأبحاث القضائية نوعا من المصداقية لأن حالة التلبس لا تترك مجالا للشك". وتابع الوكيل العام للملك: "نعول على هذه الخدمة من أجل ردع الأشخاص الذين في قلوبهم زيغ، ونعول عليها أيضا لتشجيع المواطنين للتبليغ عن عمليات الفساد، لأن كل أنواع الرشوة واختلاس المال العام لا تتم في واضحة النهار، بل تتم بطريقة خفية وسرية". وأكد المسؤول القضائي أنه بدون مساهمة المواطنين والمبلغين والأشخاص الذين يقع ابتزازهم لا يمكن محاربة هذه الظاهرة، مشددا على أن "النيابة العامة لا تشتغل خارج الدولة، بل نشتغل كسلطة من سلطات الدولة تأكيداً لانخراطنا في ورش استراتيجية محاربة الفساد". بدوره، شدد محمد بن عبد القادر، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية، على أن الخط الهاتفي يأتي لتعزيز دولة الحق والقانون وقيم النزاهة في الحياة العامة. واعتبر المسؤول الحكومي أن التبليغ عن مظاهر الفساد "ليس بإجراء تقني إداري، بل من منظور الاستراتيجية الوطنية هو ارتقاء نحو شكل من أشكال التواصل والتفاعل مع المواطنين"، موردا أن "هذه الطريقة تضمن فعالية أكثر واشتراكا مكثفا للمواطنين بأحدث الأساليب المعتمدة في هذا المجال". وبالإضافة إلى الإجراءات التي تقوم بها الحكومة، يضيف الوزير بن عبد القادر، "تكون الدولة تساهم في تعزيز قيم المواطنة والنزاهة حتى يصبح المواطن فاعلا وليس سلبيا في مجال محاربة الفساد". وزاد: "الدولة بمختلف سلطاتها معبأة من أجل إنجاح هذه الرؤية لأن هناك اليوم إرادة سياسية لدى الجميع". تجدر الإشارة إلى أن هذا الرقم ليس مجانياً كما جرت العادة مع "الرقم الأخضر"، بل هو مؤدى عنه بقيمة تبلغ 50 سنتيماً للدقيقة، وقال عبد النباوي إن "سعر المكالمة بسيط جدا وليس عائقاً أمام المغاربة للتبليغ عن مظاهر الفساد".