قال الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، إن التحول العميق الذي عرفته كوريا الجنوبية من الناحية الاقتصادية، وفي ظرف وجيز، يجعل السؤال يفرض نفسه على المسؤولين السياسيين والفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني حول دعامات هذا التطور، من خلال الارتقاء بالمنتوج الداخلي الفردي من 60 دولارا إلى 30 ألف دولار في فترة 40 إلى 45 سنة تقريبا. وعزا المالكي، في كلمة ألقاها بجامعة "هانكوك" بالعاصمة سيول إحدى أكبر الجامعات الكورية خلال لقاء مع طلبة البكالوريوس في تخصص الترجمة باللغة العربية وبعض الطلبة من تخصصات أخرى ومجموعة من أساتذة الكلية في موضوع "منهج كوريا التنموي نموذج لاستلهام النموذج التنموي الجديد للمغرب". السبب الأول لهذه النهضة إلى الدور المحوري لمهام الدولة، "بالرغم من المد والجزر فيما يخص كل ما له علاقة بحقوق الإنسان، وعامة بالبناء الديمقراطي، حيث عاشت كوريا امتحانا عسيرا في فترات معينة تحت ظل نظام دكتاتوري، لكن بالمقابل استطاعت الاستفادة من هذا الدرس القاسي كثيرا، واستخلصت كل الدروس الواجب استخلاصها". وأضاف رئيس مجلس النواب أن الدولة الكورية "لعبت دورا مهما في إطار ترسيخ ما يسمى باقتصاد السوق، واعتبرت دوما أن لها مهاما إستراتيجية أساسية، بالإضافة إلى كل ما له علاقة بالأمن والاستقرار، وجعلت محور تفكيرها ينصب أساسا على المستقبل، وبالتالي عملت على ضمان تكوين جيل جديد من الشعب الكوري المتعلم والقادر على رفع التحديات". المالكي، الذي عبّر عن اعتزازه بمخاطبة طلبة كوريين يتقنون العربية، أورد سببا ثانيا للنهضة الكورية شخّصه في الانفتاح الخارجي، معتبرا إياه عاملا أساسيا "علينا أن نستفيد منه في المغرب، بحيث إن 90 في المائة من اقتصادها هو منفتح على العالم الخارجي". أما بالنسبة إلى المغرب، يواصل المالكي، "فرغم توفره على مخططات تنموية قطاعية مهمة جدا، فإنه ليس هناك تنسيق متين بين هذه المخططات، فرغم تواجد برامج قطاعية لكن ليست هناك استراتيجية اقتصادية، والأمر يتمثل في غياب إلى حد ما منظور شمولي لما يجب أن يكون عليه اقتصاد المغرب في العشر أو العشرين سنة المقبلة". السبب الثالث الذي أورده رئيس مجلس النواب في محاضرته اعتبره مرتبطا بالتنافسية، "أي الإبداع في المجال العلمي والتكنولوجي، فحسب المعطيات المعروفة، فالمجتمع الكوري هو مجتمع اتجه نحو الانتاج، لكن كوريا في نفس الوقت كان لها الفضل في تطوير إبداعها في إنتاجاتها خاصة في المجال الإلكتروني، وكذلك في مجال صنع السيارات وفي مجال المواصلات، وهو له علاقة وارتباط بطبيعة النظام التربوي والتعليمي والتكويني، هذا النظام ينطلق من ما يجب ان يكون عليه المواطن الكوري في المستقبل، ويعتبر الاستثمار في ما نسميه نحن بالعنصر البشري، هو الركيزة الأساسية لنجاح ما يعيشه الشعب الكوري". وختم المالكي مداخلته بسبب رابع "نوعي" ويرتبط بمنظومة القيم، معتبرا أن "تقديس" العمل هو المفتاح، "وهو بناء المستقبل، وتوفير الشروط لاحترام الآخر، وهو بكل بساطة ما جعل اليوم مختلفا عن الأمس، والغد حتميا سيكون مختلفا عن اليوم. وهذه الأشياء هي التي جعلت من كوريا ومن الشعب الكوري والمواطن الكوري، لا يعيش سجين الحاضر، بل يعيش سجين ما يجب أن يكون عليه غدا وبعد غد". كما اعتبر المالكي، الذي يزور كوريا الجنوبية في إطار زيارة عمل بدعوة من رئيس الجمعية الوطنية، أن التعاون بين المغرب وكوريا "هو تعاون يعرف في السنوات القليلة الأخيرة حركية قوية جدا على مستوى تبادل الزيارات حكوميا، وبكيفية خاصة على مستوى البرلمان بكيفية خاصة ما يزيد عن عشرين سنة تقريبا والزيارات متبادلة في كل الظروف منذ سنة 2000 إلى يومنا هذا، فالتعاون في عدة مستويات".