ستكون العمالة المنزلية الوافدة المتخصصة في مجال النقل، بالمجتمع السعودي، أمام رحلة البحث عن فرصة عمل في قطاع جديد، في أعقاب أمر ملكي يسمح للإناث بقيادة السيارة في المملكة. السعوديون، كانوا مساء الثلاثاء على موعد الإعلان عن قرار وصفته وسائل الإعلام العالمية بالتاريخي، الذي يقضي بالسماح للمرأة السعودية (وفق شروط)، بالحصول على رخصة سياقة السيارة. وبعد عقود من المنع، الذي كان علماء يرجعونه إلى أسباب دينية في المقام الأول، سيكون بإمكان السعوديات قيادة السيارة اعتبارا من يونيو المقبل. في ميزان الاقتصاد، يحمل القرار إيجابيات تفوق السلبيات، مرتبطة بانتعاش سوق تجارة السيارات والتأمين والإقراض، والتوفير المالي للعائلات التي كانت تشغل سائقا لديها. وفر مالي رميح بن محمد الرميح رئيس هيئة النقل العام السعودية (حكومية)، قال إن السماح للمرأة بقيادة السيارة، سيوفر للدولة مليارات الريالات كانت "تهدر" على نفقات النقل التعليمي واستقدام السائقين. جاءت تصريحات الرميح وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية (واس)، بعد يوم من إصدار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرا بالسماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة. وأضاف أن الأمر الملكي "كفيل بإعادة مليارات الريالات إلى الاقتصاد الوطني، كانت مهدرة على نفقات النقل التعليمي للمعلمات والطالبات والعاملات، وعلى استقدام السائقين الأجانب، وتكاليف تشغيلهم المرتفعة". وقالت "هيئة كبار العلماء" في السعودية إن غالبية أعضائها لا يرون مانعا في قيادة المرأة للسيارة، مؤكدة على أن الملك سلمان بن عبدالعزيز "توخى مصلحة بلده وشعبه في ضوء ما تقرره الشريعة" عندما سمح للمرأة بالقيادة. تجارة السيارات والتأمين ولن تتوقف الفوائد الاقتصادية عند توفير تكلفة السائقين المستقدمين من الخارج، بل تمتد لقطاعات اقتصادية أخرى. وعلى رأس القطاعات المستفيدة من القرار: قطاع وكالات السيارات، وقطاع التأمين، وقطاع البنوك، وقطاع التجزئة. وبدأت القطاعات المستفيدة فعليا في الدعاية لمنتجاتها لجذب المرأة، في محاولة للفوز بأكبر حصة ممكنة من الأموال المتوقع ضخها خلال الفترة المقبلة. ومن المتوقع أن تنتعش مبيعات السيارات، مع بدء نفاذ القرار نتيجة لارتفاع الطلب من النساء بعدما سُمح لهن بالقيادة. وبلغت واردات السعودية من السيارات خلال العام الماضي، نحو 79.4 مليار ريال (26 مليار دولار)، حسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء. وسيكون قطاع التأمين حاضرا، بفضل زيادة أقساط التأمين المتوقعة نتيجة زيادة أعداد وثائق التأمين على السيارات التي ستدخل الخدمة. وارتفع إجمالي أقساط التامين على السيارات في السعودية 12.6 بالمائة خلال العام الماضي، إلى 12.2 مليار ريال (3.3 مليار دولار)، كثاني أكبر قطاع بعد التأمين الصحي، حسب بيانات البنك المركزي. ووفقا لأحدث احصاءات ادارة المرور في السعودية، بلغ عدد الحوادث المرورية في المملكة، 533.4 ألفا، خلال العام 1437ه (2016) وشهدت شركات قطاع التأمين المدرجة في البورصة المحلية ارتفاعات جماعية، أمس الأربعاء، تفاعلا مع الأمر الملكي. كذلك، سيكون القطاع البنكي السعودي مستفيداً من الأمر الملكي، عبر تقديمه عروض شراء السيارات بالتقسيط على عدة سنوات. وبلغت قيمة واردات القطاع الخاص من السيارات الممولة من المصارف التجارية، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، 14.7 مليار ريال (3.92 مليار دولار)، وفقا لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي). يشار إلى أن معدل البطالة بين السعوديات بلغ 34.5 بالمائة بنهاية العام الماضي، وفقا لبيانات سوق العمل الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء. متضررون على الجانب الآخر، ستتضرر الشركات العاملة في قطاع سيارات الأجرة في البلاد، والتي كانت تعتمد بشكل رئيس على نقل النساء في إيراداتها. ويعمل في السعودية عدد كبير من شركات سيارات الأجرة، إضافة إلى شركات تطبيقات سيارات الأجرة وعلى رأسهم شركتي "أوبر" و"كريم"، بجانب سيارات الأجرة الفردية. وفي محاولة للاستفادة من القرار، أعلنت شركة كريم أمس الثلاثاء، في بيان، انها ستوفر 100 ألف وظيفة للنساء للعمل ككباتن (سائقات). وأظهرت البيانات الربع سنوية لسوق العمل في السعودية، التي تصدر عن الهيئة العامة للاحصاء (حكومي)، أن عدد المسجلين بمهنة سائق خاص لدى الأسر في البلاد بلغ نحو 1.38 مليونا بنهاية الربع الأول من العام الجاري. ويبلغ متوسط الراتب الشهري للسائق نحو 1985 ريال شهريا (529.3 دولارا)، بما يعني أن الأسر في السعودية تدفع رواتب للسائقين شهريا قيمتها نحو 2.74 مليار ريال (730 مليون دولار)، أو 32.88 مليار ريال (8.77 مليار دولار) سنويا. ويشكل السائقون 59.2 بالمائة من العمالة المنزلية التى تستقدمها السعودية من الخارج، والبالغة 2.33 مليونا، فيما تمثل 12.7 بالمائة من العمالة الأجنبية في السعودية بشكل عام، والبالغة 10.85 ملايين. وسبق للمليادير السعودي الوليد بن طلال، أن أشار في وقت سابق من العام الجاري إلى وفر بقيمة 30 مليار ريال سنويا (8 مليارات دولار)، في حال السماح للمرأة بقيادة السيارة. وتتركز رؤية 2030، على رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 بالمائة إلى 30 بالمائة. وبهذا القرار، ينتهي وضع السعودية باعتبارها الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر قيادة المرأة للسيارة.