يحدث هذا في المغرب فقط؛ الحزب المتصدر للانتخابات لم يستطع أمينه العام تشكيل حكومة، والحزب الثاني في نتائج الاستحقاقات يستقيل أمينه العام بعد سنة ونيف على جلوسه فوق الكرسي، وحزب ضعيف عدديا يحصل على رئاسة مجلس النواب، وآخر في الحكومة بسبب علاقة غرامية سياسية. لا منطق في سياستنا، ولن يكون هناك منطق في الأيام المقبلة على الأقل؛ فتحرر "الجرار" من سائقه الجديد/ القديم، إلياس العماري، وإبعاد فتيل "المصباح" عن يد عبد الإله بنكيران، ربما يمنح الضوء الأخضر لتحالف النقيضين. تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة روجت له عدد من الجهات، قبل وبعد انتخابات أكتوبر 2017، للتخفيف من وقع تحالف مستقبلي يقول كثيرون إنه "هجين"، لم يكن ليقبله، وفق الشروط القائمة، عقل الناخبين ولا السياسيون والمحللون، فضلا عن أن يهضمه مناضلو الحزبين، لكن هناك أكثر من طريقة للوصول إلى الهدف. استقالة إلياس العماري المفاجئة أحيت أمل تحالف "الجرار" و"المصباح" عند البعض، ولو بطريقة أخرى، أقل ضررا وضرارا. ولأن مصائب قوم عن قوم فوائد، بدأت عصبة داخل "البيجيدي" بالتفكير في التراجع عن رفع "فيتو" دخول "البام" إلى الحكومة، في تعديلها المستقبلي أو حتى بعد 4 سنوات. استقالة المسيح في هذا الوقت الدقيق ربما تكون وضعت حاجزا في طريق الولاية الثالثة لبنكيران. الرجل دون غريمه العماري، وواقع الصدام السياسي، قد لا يكون له دور مستقبلي في الحزب ولا ضمن أجندة السياسة العامة التي تحدث الملك عن خطوطها العريضة، تلميحا وتصريحا، التي تتلمس طريقا جديدا نحو النجاعة والفعالية في تدبير الشأن العام، بدل الحروب الكلامية والانتخابية. ولربما هذا بالذات ما سيمنح معارضي الأمين العام ل"المصباح" مبررا آخر لعدم تعديل القانون الداخلي للحزب لمنحه ولاية جديدة. هي نظرية بدأ أنصار العثماني في الترويج لها، بتوظيف مقولة الدفاع عن الديمقراطية الداخلية. ولأنه يجب التضحية، سيكون أمام الحزبين تقديم مقعدي أمينيهما العاميْن قربانا، ليتحررا من سلاسل قيادة أوصلتهما إلى النصر بالمواجهة؛ فالعماري وبنكيران اختارا، بإرادتهما أو رغما عنهما، أو بالضغط عليهما، كرسي الهزيمة بعد الفوز. ويحدث هذا في المغرب فقط. * صحافي مستقل