في سابقة من نوعها في تاريخ المؤسسة البرلمانية بالمغرب، أقدم العشرات من البرلمانيين على تأسيس تنسيقية للنواب المتقاعدين الذين لم يتمكنوا من الحصول على معاشات ما بعد نهاية الانتداب، بسبب إفلاس الصندوق الذي يدبر نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب. ويأتي تأسيس تنسيقية "معطلي نواب الأمة" في وقت اختار فيه الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب الحالي، ضرب جدار من الصمت حول الصيغة التي يتفاوض بخصوصها حول تقاعد النواب مع الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين المعروف بCNRA والتابع لصندوق الإيداع والتدبير لبحث مخرج لأزمة الصندوق المفلس. وتجاوز عجز نظام معاشات أعضاء مجلس النواب المسير من لدن الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، التابع لصندوق الإيداع والتدبير، قرابة 850 مليون سنتيم؛ وهو ما دفع الغرفة الأولى من البرلمان المغربي إلى تكليف محاسبي المجلس باقتراح حلول لتجاوز الأزمة. وتشير المعطيات، التي توفرت لهسبريس، إلى أن العجز المالي لتقاعد أعضاء مجلس النواب بلغ مع نهاية سنة 2016 لوحدها ما يقارب 3.7 ملايين درهم، في وقت بصمت عليه السنوات الثلاث الأخيرة على عجز وصل 4.7 ملايين درهم. ويعود سبب تأسيس التنسيقية الجديدة، التي تضم حوالي 270 نائبا من برلمانيي الولاية السابقة، بعد أن وصل صندوق التقاعد إلى الإفلاس؛ وهو ما دفع رئيس مجلس النواب الحالي الحبيب المالكي إلى عدم إحالة ملفاتهم على الصندوق لصرف معاشاتهم. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الاتفاقية التي أبرمها مجلس النواب منذ 1994 مع صندوق الإيداع والتدبير، والتي بمقتضاها يسير الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين نظام معاشات أعضاء مجلس النواب، أن تصرف المعاشات فور نهاية ولايتهم لم يتوصل نواب الأمة بأي درهم منها، بالرغم من مرور قرابة السنة بعد انتدابهم. وفي هذا الصدد، وجّه النواب البالغ عدد 270 برلمانيا مراسلة إلى مدير قطب الاحتياط لصندوق الإيداع والتدبير يطالبون فيها بصرف المعاشات لفائدة البرلمانيين المنتهية ولايتهم؛ وذلك بعد تجاهل رئيس مجلس النواب لمطالبهم ورفضه استقبالهم. وبعدما لم تفلح وساطات مقربين من المالكي لدفعه إلى عقد لقاءات مع المعنيين، كان جواب ال"سيدجي" ل"نواب الأمة المعطلين" صادما عندما أكد "عدم توصله، إلى حدود الساعة، بملفات المعنيين بالأمر المتعلقة بطلبات الاستفادة من المعاش؛ وهو ما يعني، حسبهم، "تلكؤا من لدن المالكي بعدم تقديم هذه الطلبات". وقد أشارت الرسالة، التي توصل بها النواب من صندوق الإيداع والتدبير والتي اطلعت هسبريس عليها، إلى أن "عملية تصفية معاشات أعضاء مجلس النواب تتم فور توصل الصندوق من لدن المجلس بأمر صرف هذه المعاشات"، مشددة على ضرورة إرفاق جميع الوثائق والمعطيات الضرورية لتحديد مبلغ المعاش. وهدد البرلمانيون المعنيون باللجوء إلى المحكمة الإدارية ضد رئيس مجلس النواب، في حال لم تصرف معاشاتهم، مسجلين أن من النواب السابقين من يتجاوز معاشه 20 ألف درهم ولا يزال يستفيد، في الوقت الذي يدفع فيه المالكي بأن هذا الصندوق أفلس لذلك لم يوقع الملفات ولم يحلها عليه. وتعود أسباب العجز الكبير الذي أصبح يهدد نظام معاشات النواب، الذي أثار نقاشا واسعا داخل الأوساط المجتمعية والسياسية، إلى تراكم العجز التقني للنظام خلال السنوات الأخيرة نتيجة ارتفاع حجم النفقات مقابل مبلغ التحصيل الذي يبقى قارا؛ وهو ما دفع صندوق الإيداع والتدبير، في مراسلة خاصة لمجلس النواب، إلى التأكيد على أن غياب أية تدابير استعجالية سيترتب عنه نفاد احتياطات النظام وعدم تمكن الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين من أداء مجموعة المعاشات لفائدة المتقاعدين، وهو ما يشكل إخلالا بالتزامات نظام المعاشات اتجاه المستفيدين. وتنظم معاشات البرلمانيين بالقانون رقم 24-92 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب، والذي تم تمديده إلى أعضاء مجلس المستشارين بمقتضى القانون رقم 99.53 من لدن الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، والذي ينص على أن البرلماني يتقاضى 1000 درهم عن كل سنة خدمة. ويتم، وفق القانونين، تحديد واجبات الاشتراك بالنسبة إلى النواب والمستشارين في 2900 درهم شهريا، وتحدد مساهمات مجلس النواب ومجلس المستشارين في المبلغ نفسه، معلنا أنه يحدد المعاش الشهري لأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس المستشارين في مجموع 1000 درهم عن كل سنة تشريعية كاملة؛ وهو مبلغ صاف معفى من الضريبة العامة على الدخل، ولا يخضع للتصريح.