بينما أحمل في يدي جريدة " الأسبوع الصحفي " ، استوقفني رجل في عقده السابع على ما يبدو ، وطلب مني الأسبوعية ، لم أتردد فناولته اياها ، ظننت أن الرجل يريد أن يطلع على آخر الأخبار أو شيء من هذا القبيل ، واذا به يتجه مباشرة نحو الصفحة الثامنة بالصحيفة ، وبالضبط الى ركن " ماخفي كان أعظم "، فأشار لي بأصبعه الى خبر في هذا الركن ،فهمت من خلال ذلك أن الشيخ يريد مني أن أقرأ الخبر ، ثم سلمني الجريدة شاكرًا ، قرأت الخبر - الخبر مضمونه رفض الوزير الأول عباس الفاسي استقبال مندوب حزبه في فاس شباط (الصورة)، حيث جاء هذا الأخير لزيارته في الوزارة-. تساءلت في نفسي ما الفكرة التي يريد هذا الشيخ أن يوصلها الى ذهني ؟ ولماذا هذا الخبر بالضبط عن باقي الأخبار الأخرى ؟...مجموعة من الأسئلة راودتني في تلك اللحظة... "" عرفت من خلال ذلك من أن الشيخ الفاسي يريد أن يبرز لي المكانة التي وصل اليها شباط - وهو بالمناسبة عمدة مدينة فاس - حتى من قبل زعيم حزبه عباس الفاسي ، ومن أنه أصبح غير مرغوب فيه داخل حزب الاستقلال نظرا لسياساته البراغماتية والنفعية... فلنعد قليل الى الوراء ، وبالضبط الى مشروع اعادة تهيئة شارع الحسن الثاني ، وما عرفه هذا المشروع من اهدار للمال العام بالملايير ( 7 ملايير ؛ حسب مايروج في الكواليس )..فالرخام مثلا استورد من الصين علماً أن الرخام موجود بالمغرب وغير بعيد عن المدينة الا بكيلومترات قليلة..وأحسن جودة من الرخام الصيني.. فالعاصمة العلمية - والتي لم تعد كذلك - عرفت أوج انحطاطها في عهد الشباطية ( نسبة الى شباط ) ..فمن بين المشاكل التي أصبحت تتخبط فيها المدينة ؛ غياب الأمن وانتشار الجريمة والسرقة..حيث أصبحت العديد من الأحياء بفاس تحكمها عصابات ..الفقر المدقع..بالاضافة الى تزايد عدد أطفال الشوارع بشكل مخيف ..وما الى ذلك من المشاكل التي تعاني منها المدينة. سبق للصحافي " عبد الحميد العوني " أن كتب كتاباً تحت عنوان " المافيا الفاسية " ومنه استعرنا عنواننا لهذا المقال...فعلا هناك مافيا فاسية بما تحمل الكلمة من معنى تتحكم في دواليب المدينة.. العاصمة العلمية في حاجة الى من يعيد لها اشعاعها الثقافي والحضاري والعلمي الذي كانت عليه سابقا. [email protected]