المملكة المغربية تجدد التزامها بكرامة الإنسان خلال المؤتمر الدولي لإلغاء عقوبة الإعدام    المتقاعد بين الإعفاء الضريبي والرفع من المعاش    البنك الدولي يساهم في تقييم البرامج الاجتماعية في المغرب    رئيس السنغال: وجود القواعد العسكرية الفرنسية في بلادنا يتعارض مع السيادة الوطنية    المبعوث الألماني إلى ليبيا يزور المغرب لبحث ملف الأزمة الليبية            واتساب يدمج التخصيص مع إعادة التوجيه..إليكم تفاصيل الميزات الجديدة    تشاد تنهي اتفاق التعاون الدفاعي مع فرنسا    وزيرة بريطانية تستقيل بعد اتهامها بالاحتيال في حادث يعود لعام 2013    حضور مغربي بارز في قوائم "ذا بيست" 2024.. حكيمي ورحيمي وبونو يتألقون عالميا    صدارة نهضة بركان "آمنة" والماص والجيش الملكي للاقتراب..    منع جماهير الرجاء من حضور مواجهة حسنية أكادير    اجتماع عاجل بين بيريز وأنشيلوتي لمناقشة أزمة ريال مدريد    وفاة شاب إثر تسمم غذائي في محل للأطعمة الجاهزة بأكادير    أونسا ترفع وتيرة مراقبة جودة زيت الزيتون بجهة بني ملال-خنيفرة    كلامْ.. ليْس للرَّأي النَّعامْ ! (الجزء الثالث)    الجيش الإسرائيلي يحظر انتقال السكان اللبنانيين إلى مجموعة من القرى جنوب البلاد    يوسفية برشيد يبحث عن ذاته في موقعة متكافئة أمام أولمبيك الدشيرة    المنتخب المغربي لكرة القدم النسوية يفوز وديا على نظيره البوتسواني (3-1)    الذهب يرتفع مع هبوط الدولار لكنه يتجه لتسجيل أسوأ أداء في 14 شهرا    الصناعات التحويلية.. ارتفاع الأثمان عند الإنتاج بنسبة 0,2%    معتقلو "حراك الريف" يطالبون بإنقاذ حياة نزلاء سجن طنجة 2 من انبعاثات معمل محاذ للسجن    كيوسك الجمعة | "أمو تضامن" يغطي 3,8 ملايين مواطن مع دعم مباشر للفئات الهشة    المغرب-قطر 2024.. المكتب الوطني للسياحة يعزز إشعاع مملكة الأنوار بالدوحة    "الأونروا": غزة تشهد أشد قصف استهدف مدنيين منذ الحرب العالمية الثانية    المخرج العالمي مارتن سكورسيزي: "ناس الغيوان" أبهرتني وأصبحت مصدراً للإلهام في مشواري الفني    الجديدة: مدرسة رائدة تتنفس روائح الأزبال    روسيا تعلن إسقاط 47 مسيّرة أوكرانية    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    خميس الحكامة يعود إلى الدار البيضاء والرميلي: المدينة على أبواب التحول إلى "متروبولية" ضخمة    فرنسا تعترف بإحدى مجازرها في السنغال.. والرئيس السينغالي يطالبها بإغلاق قواعدها في بلاده    علماء يكشفون عملية تصنيع قطعة أثرية يعود تاريخها إلى 3600 عام    أين اختفت مبادئ حقوق الإنسان في قضية بوعلام صنصال.. لماذا التزمت هذه المنظمات الصمت؟    ندوة تمويل المساواة: تخطيط وميزانية سياسات المساواة رافعة لفعالية "المساواة"    أسماء مغربية تتألق في "يوروبا ليغ"        استثمار استراتيجي لاتصالات المغرب لدعم التحول الرقمي بموريتانيا    المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم يتراجع في التصنيف الدولي    جوائز التميز الحكومي العربي .. محمد امهيدية افضل والي جهة على الصعيد العربي    الأمير مولاي رشيد يكتب عن مهرجان مراكش ويشيد بالمخرجة الشابة أسماء المدير        بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    انتهاء التحكيم الدولي في قضية "سامير" يجدد المطالب لأخنوش باستئناف التكرير ووقف التهرب من المسؤولية    أزيد من 12 ألف شخص حضروا "فيزا فور ميوزيك"    تلوث الهواء الناتج عن الحرائق يتسبب في 1.5 مليون وفاة سنوياً حول العالم    دراسة: جرعات نصف سنوية من عقار ليناكابافير تقلل خطر الإصابة بالإيدز    الفن يزين شوارع الدار البيضاء في الدورة التاسعة من "كازا موجا"    أهمية التطعيم ضد الأنفلونزا أثناء الحمل    ملخص الأيام الأولى للتراث والبيئة للجديدة    مبادرة تستحضر عطاءات محمد زنيبر في عوالم الأدب والتاريخ والسياسة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    حوار مع جني : لقاء !        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفية تلوات .. أمازيغية اقتحمت "قلعة الروايس" زمن الڭلاوي
نشر في هسبريس يوم 13 - 05 - 2017

غالبا ما يُقترن اسم منطقة تلوات نواحي ورزازات بالتهامي الڭلاوي، باشا مراكش، والصدر الأعظم المدني الڭلاوي. إلا أن الرايسة صفية، اعتزازا بمسقط رأسها الذي عرف أمجادا دوّنها التاريخ، حملت معها اسم قريتها كلقب لها، وبقيت معروفة باسم صفية أولت تلوات، أي صفية التي تنحدر من تلوات.
ازدادت سنة 1946 بمنطقة تلوات. اسمها صفية محمد أيت بنحدو. بدأت الغناء سنة 1959 وعمرها 13 سنة؛ حيث كانت تشارك رفقة نساء يكبرنها سنا في ترديد أحواش، بينما الرجال يضربون على الدفوف والطبول.
كانت مشاركتها تقتصر على الأعراس والحفلات التي كان قياد الڭلاوي ينظمونها في قصبة تلوات الشهيرة، إلا أن صوتها كان مميزا عن بقية اللواتي أُجبرن على ترديد اللازمات في حضرة القياد والأعيان، أحبت الغناء ونظمت الأشعار وهي ما تزال طفلة صغيرة.
قد تكون صفية، وهي شابة مفعمة بحب الفن والحياة، شعرت بأن صوتها لم يُخلق ليختفي وسط أصوات النساء أثناء ترديد اللازمات والمواويل الجماعية البدوية. فانفردَت بصوتها المتميز لتسجل به مواويل وأشعار ضمن النساء الأمازيغيات القليلات اللواتي تحدين قيود مجتمع محافظ، لتغني عن الحب والجمال وتقلبات الزمن وأمجاد قبيلتها.
المهتمون بفن الروايس سمعوا أغنية "وَاسيّيحْ أَتَاوْنْزَا" من حناجر كثيرة، فقد أعاد غنائها مغنون كثر وأدّاها العشرات منهم في الأعراس، إلا أن الرايسة صفية أولت تلوات قالت في لقاء تلفزي إنها من سجل هذه الأغنية بُعيد الاستقلال، وقد أذيعت سنة 1965 على أثير الإذاعة الوطنية.
عاصرت بمراكش كبار الروايس من أمثال عمر واهروش، الرايس محمد أوتاصورت، محمد الدمسيري، وتحدثت عن فضلهم عليها، ومساعدتهم لها في تسجيل أغانيها التي ما يزال محبو فن الروايس يرددونها في المجالس المهمة.
كتب عنها الإعلامي محمد والكاش في كتابه "تيرويسا" أنها "فنانة لا تتحمل الابتعاد عن الفن والغناء، ولها في رصيدها الفني تسع أغان مسجلة بالإذاعة الوطنية". ونقل عنها قولها في الكتاب ذاته: "أغاني فترتها كانت خالية من الصخب والضجيج، أغاني رقيقة تخاطب الوجدان والإحساس وتنبع من الطبيعة وفن أحواش"، وقولها: "المجتمع الأمازيغي لا يعتبر الشعر عيبا، بل العيب هو ألا يحسن المرء قرض الشعر، خاصة في أسايس".
وعن الرايسات اللواتي سبقنها إلى الغناء زمن الاستعمار وبعد الاستقلال ذكر كتاب "تيروسا" مجموعة من المغنيات الأمازيغيات نقلا عن أولت تلوات، مثل "خدوج تاوريكت، الرايسة فاطمة تاكرامت، الرايسة رقية تالكريشت"، وغيرهن.
غنّت عن الحب والقدر وتغير الأزمان والجمال؛ فأنشدت "ؤرڭين لاحباب ن يان ماغ إسامح"، "أياتاي أبو خمسة ن النجمات"، كما أدّت كذلك أغانٍ وطنية مثل "تاوادا" التي أنشدتها بعد عودتها من المسيرة الخضراء سنة 1975.
وتعد الرايسة صفية أولت تلوات من قلائل فناني جيلها الذين شاركوا بفنهم الأمازيغي في مهرجانات عالمية في كل من أمريكا، كندا، الدنمارك، الجزائر وفرنسا.
تغنت الرايسة صفية بِتلوات، وحملتها أينما ذهبت. قضت فترة عصيبة مريضة بمراكش في الفترة الأخيرة، تنكر الأحباب ونسي المحبون صوتا كان يصدح في المحافل بأغان أمازيغية قديمة وجديدة، تآلفت عليها الشيخوخة وقلة ذات اليد.
نشر بعض محبيها نداءَات لمساعدة عائلتها لتحمل مصاريف العلاج والإقامة بمراكش، لكن الموت كان سَبَّاقا إليها من مستمع ظل لفترة طويلة يردد "واسييح أتاونزا" دون أن يعرف صاحبتها. ولم يكن لها من سند سوى ابنتها الوحيدة وبعض الأهل والمقربين، لكنها ظلت تقاوم، وكأنها تنتظر عودتها إلى مسقط رأسها بتلوات لتسلم روحها إلى خالقها زوال العاشر من ماي 2017، وتبقى أغانيها في أذهان الناس، تدندنها صبابا في الهوامش البعيدة، في الحقول وفي الأعراس ومجالس الفرح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.