ظهرت انتقادات حقوقية نسائية لاذعة للتقرير الوطني الثالث الذي قدمته المملكة هذا الأسبوع، برسم آلية الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، في الشق المتعلق بحقوق المرأة، خاصة ما يتصلّ بالإجراءات التي باشرتها الحكومة حول العنف الممارس تجاه المغربيات. المغرب يقدم التقرير التقرير الوطني الذي قدمته المملكة أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، في شق "تعزيز حماية حقوق المرأة"، تحدث عن إدخال تعديلات على القانون الجنائي "بهدف حماية المرأة من العنف والاتجار"، عبر إلغاء بعض الأحكام أو إدخال ظروف مشددة على الأحكام التي تُعاقب على أفعال العنف والاغتصاب، مذكّرا بأن مشروع قانون المسطرة الجنائية "يعزز حماية حقوق النساء ضحايا العنف والاتجار". وأورد التقرير، الذي اطلعت عليه هسبريس، أن مشروع القانون "ينشئ التزام وحدات لرعاية النساء والأطفال التابعة للمحاكم باستقبال الضحايا وإبلاغهم بحقوقهم"؛ حيث أدين 12 ألف شخص بتهم ارتكاب العنف ضد المرأة في عام 2015، مشيرا إلى اعتماد مجلس الحكومة مشروع قانون يهم محاربة العنف ضد النساء في مارس 2016 واعتماده من طرف مجلس النواب في يوليوز من العام ذاته. ونقل التقرير الوطني ما وصفها بالإجراءات العديدة المتخذة في سياق تنفيذ مخطط "إكرام"، منها إنشاء 40 مرفقا متعدد الوظائف لفائدة النساء ضحايا العنف ووحدات لاستقبالهن في مصالح مراكز الشرطة القضائية، وقرابة 88 وحدة لاستقبالهن في المحاكم الابتدائية، و97 وحدة أخرى لرعاية النساء والأطفال في المستشفيات، إلى جانب إنشاء مراصد وطنية معنية بمكافحة العنف ضد المرأة وإصدار تقريرها الوطني الأول عام 2015، وأيضا المرصد الوطني لصورة المرأة في الإعلام، ومرصد مقاربة النوع الاجتماعي بالوظيفة العمومية، مع اعتماد مجلس النواب مشروع القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز. توصيات دولية للمغرب مقابل ذلك، أصدر أعضاء مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، المعني بالاستعراض الدوري الشامل في دورته 27 بجنيف خلال هذا الأسبوع، توصيات تهم ضرورة "سن قانون خاص وشامل حول العنف الممارس تجاه النساء بالمغرب"، وفق مقتضيات حمائية وزجرية، مع "تجريم الاغتصاب الزوجي ومراجعة قانون الأسرة بالشكل الذي يحول دون زواج القاصرات". واحتلت حقوق النساء مكانة مهمة خلال المناقشات التي عرفها الاستعراض الدوري الشامل لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب، بحر هذا الأسبوع؛ حيث نقلت هيئات حقوقية مغربية أن مجموعة من الدول أعضاء المجلس "تأسفت لكون الدولة المغربية سبق لها، خلال الدورة الأولى كما الثانية من الاستعراض الدوري الشامل لسنة 2008 وسنة 2012، أن صرحت أمام مجلس حقوق الإنسان عن نيتها في استصدار قانون حول العنف الممارس تجاه النساء غير أنه وبعد 9 سنوات لم يخرج أي قانون إلى حيز الوجود". وتشير المعطيات الحقوقية إلى أن عددا من الدول الأعضاء قدمت توصيات للحكومة المغربية انصبت على العديد من القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان للنساء؛ حيث سجل بعض الأعضاء أن مشروع قانون مكافحة العنف في صيغته الحالية المعروض على البرلمان في غرفته الثانية "غير كافٍ"، وشجعوا الدولة المغربية "على مراجعته ليتلاءم والمعايير الدولية في هذا المجال". وفيما عبّر المغرب عن نيته تدارس التوصيات وتقديم إجابات بخصوص قبولها أو رفضها، شملت التوصيات أيضا سنّ قانون شامل حول العنف الجنسي والعنف الأسري تجاه النساء، وأيضا منع تزويج الفتيات اللواتي تقل أعمارهن عن 18 سنة، فيما دعت دول أعضاء في المجلس المغربَ إلى تنفيذ الالتزامات بالقضاء على "جميع أشكال التمييز ضد الأطفال الناتجين عن علاقات خارج إطار الزوجية"، وعلى "تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج" ومنع التعدد، مع "ضمان المساواة المرتبطة بحضانة والولاية على الأبناء، والقضاء على اللامساواة في قضايا الإرث". هيئات نسائية على الخط بادر تحالف من الجمعيات غير الحكومية المغربية، بتنسيق مع الفرع المحلي للمنظمة الدولية "مرا" Mobilising for Rights Associates، بتوجيه تقرير إلى المجلس الأممي موازٍ حول العنف الممارس تجاه النساء بالمغرب، فيما سبق للهيئة ذاتها، ومقرها في الرباط وتعمل أيضا في كل من تونس وليبيا، أن نظمت بعثة للمناصرة الدولية أمام مجلس حقوق الإنسان خلال دورته السابقة في شهر مارس المنصرم، لتشجيع البعثات الرسمية الأعضاء في المجلس على تضمين توصيات مرتبطة بالعنف الممارس تجاه النساء خلال الاستعراض الدوري الشامل للمغرب. وشمل التقرير الموازي توصيات عديدة موجهة إلى حكومة سعد الدين العثماني، من بينها ضرورة "تحديد مكانة العهد الدولي في الهرم القانوني للدولة"، و"التأكيد على أن العنف الأسري هو انتهاك لحقوق المرأة بموجب الدستور"، مطالبا الحكومة ب"توضيح حال ومآل مشروع القانون الخاص بمناهضة العنف ضد النساء داخل أجندة العمل التشريعي ومسلسله"، مع "ضمان توسيع نطاق هذا المشروع ليتجاوز التعديلات الطفيفة التي أدرجت على مجموعة القانون الجنائي ليشكل جوابا شاملا عن واقع العنف ضد المرأة". وأوصت الهيئات ذاتها ب"اتخاذ الإجراءات اللازمة للإلغاء الفعلي لتعدد الزوجات"، و"توضيح التدابير التي اتخذتها الحكومة لضمان عدم استغلال إجراءات ثبوت الزوجية للتحايل على الشروط التي تقيد إمكانية تعدد الزوجات"، إلى جانب "توسيع تعريف التحرش الجنسي ليشمل جميع أشكال التحرش الجنسي، سواء في الأماكن العامة أو أماكن العمل"، مع "توفير الخدمات للقاصرين ضحايا الاغتصاب".