تقع جماعة تيزكيت على بعد 7 كيلومترات شمال مدينة إفران، تم إحداثها سنة 1959، وعدد سكانها لا يتعدى 10.962 نسمة، حسب إحصاء سنة 2014 بالمغرب، وتتوفر على مساحة 10.700 هكتارا من أشجار البلوط، وعلى مؤهلات طبيعية أخرى هامة تتمثل في آلاف الهكتارات من الأراضي الفلاحية الخصبة وكمية هائلة من المياه العذبة. حياة بدائية ترتبط حياة سكان تيزكيت بشكل كبير بالتساقطات المطرية التي تهب لمواشيهم الكلأ والزرع، فإن كثرت كانت السنة جيدة وإن قلّت كانت المعاناة من نصيبهم. صحيا، لازالت ساكنة المنطقة تعتمد بشكل كبير على طرق بدائية في العلاج، بدءا من "التّحْميرة" في تضميد الجروح، ووصولا إلى "حْجابْ الفقيه" لعلاج الحمى وتهدئه أوجاع الأسنان وغيرها. وللحصول على الماء، فإن أقل ما يجب فعله هو تجنيد فردين من كل أسرة يتخصصان في البحث عن هذه المادة الحيوية وجلبها من سواقي وعيون جبال المنطقة. أما السوق الأسبوعي الوحيد بالمنطقة فهو مركز سبت عين لحناش، الذي كان إلى عهد قريب وجهة لكل السكان واشتهر بجودة رؤوس الأغنام والماعز والدجاج البلدي، لكن تم خصمُ نصف مساحته الأرضية لتشيّد عليها إعدادية تأهيلية ودار الطالبة ومرافق أخرى، بينما أصبح النصف المتبقي عبارة عن أوحال أدت إلى نفور المتسوقين والتجار على حد سواء. صادفت زيارة هسبريس لمدير المصالح الإدارية بالجماعة قدوم مواطنين تقدموا بشكاية واستفسار عن سبب تأخر التسوية النهائية لوضعية بقعهم الأرضية بتجزئة "جنان أطلس". إدريس امعماع، نائب رئيس ودادية جنان أطلس، أدلى، بالمناسبة، بتصريح لهسبريس قال فيه: "منذ سنة 2009 وملف التجزئة في الرفوف بالرغم من أداء واجبات شراء البقع 100%، وعددها 509 بقع أرضية، وكلما تساءلنا على المشكل المعيق لتسوية وضعية التجزئة كان جواب المسؤولين بالجماعة أنهم في انتظار التأشير على ملف التجزئة من طرف العمالة". ردا على ذلك، قال مسؤول بعمالة إفران في تصريح لهسبريس: "كثفت مصالح العمالة مجهودها وحلت العديد من الإشكاليات التي كانت عالقة منذ انطلاق أشغال تجزئة جنان أطلس، من قبيل الإنارة وغيرها، والتي كانت تعيق التسوية النهائية للمشروع، وحاليا الملف أصبح جاهزا ويوجد قيد تأشيرة عامل الإقليم وسيتم ذلك في القريب العاجل". من جهته، قال لحسن أوفريكو، شاعر أمازيغي قاطن بمنطقة لرجام، في تصريح بخصوص السوق الأسبوعي: "نعاني من مشكل تحويل السوق الذي أصبح ضيقا، ما يؤدي إلى احتلال الطريق أمام المارة؛ لأن التجار يعرضون سلعهم على قارعتها بينما جل الطرقات المؤدية إلى الدواوير غير صالحة". وأضاف أوفريكو: "لدينا أيضا مشكلة عدم ربط منازلنا بدوار لرجام بالتيار الكهربائي رغم الانتهاء من أشغال تثبيت الأعمدة والخيوط الكهربائية، إضافة إلى إيقاف تشغيل مضخة رفع مياه الشرب من البئر لفائدة الساكنة، ويترافق كل هذا مع انبعاث روائح كريهة تزكم الأنوف من المزبلة التي أحدثت من طرف منتجي الدواجن بالمنطقة دون تخطيط مسبق؛ فعدنا بذلك بمستوى عيشنا مئات السنين إلى الوراء". هدر مدرسي تبدو فرعيات مدرسية ابتدائية متناثرة هنا وهناك على جنبات الطرق تفصل بينها مسافات طويلة، وهي بعيدة عن منازل التلاميذ المتفرقة وسط الجبال والسهول دون توفر وسائل النقل، ما يتطلب منهم ساعات طوال للوصول إلى حجرات الدرس، مع معاناة إضافية جراء تقلبات الطقس بالمنطقة. أحمد أمريني، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بإقليم إفران، قال معلقا على هذا الوضع: "لا زلنا منشغلين في التفكير مع القطاعات الأخرى وجمعيات المجتمع المدني لإيجاد السبل لاقتناء حافلات للنقل المدرسي لتلاميذ المدارس الابتدائية، وأنا بدوري أتساءل عن عدم استخدام الحافلة الوحيدة للنقل المدرسي من طرف الجماعة القروية على الأقل لتعمل على التخفيف من حدة المشكل الحاصل الآن". من جانبها حفيظة يشو، رئيسة جمعية دار الطالبة عين لحناش، قالت في تصريح لهسبريس: "نحن نعيش أول تجربة لنا في إنشاء روض للأطفال، والانطلاقة جيدة، لكن الانتشار ضعيف بسبب انعدام وسيلة لنقل الأطفال نظرا لبعدهم عن المؤسسة، ونشتغل حاليا بدعم من التعاون الوطني من حيث التجهيزات، كما تقوم الجمعية بتأجير الأطر العاملة بالمؤسسة، ونعمل كذلك على تعليم الصناعة التقليدية للنساء بالمنطقة". صحّة عليلة تضم جماعة تيزكيت ثلاث مؤسسات صحية، وتتوفر على مركز صحي من الدرجة الثانية، بالإضافة إلى دار للولادة بزاوية سيدي عبد السلام بها طبيب واحد، ومستوصف، ودار للولادة بمركز سبت عين لحناش بدون طبيب، ومستوصف بمنطقة سيدي إبراهيم. وكل هذه المراكز لا ترقى إلى تطلعات المرضى؛ إذ يقتصر دورها على توفير التلقيح للأطفال الصغار. حميد باجة، أحد ساكنة دوار سيدي ابراهيم، قال في تصريح لهسبريس: "لا أدوية ولا طبيب بمستوصف سيدي ابراهيم ولا حتى سيارة إسعاف أو وسائل النقل العمومي، ما عدا النقل السري الذي ينعدم أحيانا أمام وجود دوريات الدرك على الطرقات، إضافة إلى البعد عن مدينة إفران، كلها عوامل أدت بالمنطقة إلى عزلة حقيقية". وأوضح عمر لطفي، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، أنه "إذا ما عدنا إلى الخريطة الصحية لا نجد مستوصفات صحية بها دور للولادة، لكنها قد تتواجد بالمؤسسات الصحية التي يتوفر فيها الطبيب، ونحن نتوفر عليها بجماعة تيزكيت نظرا لخصوصية هذا المركز وبعده عن مدينة إفران، أما بخصوص عدم توفر الأدوية فهذا معطى غير صحيح، وتغطية حاجيات المرضى قد تصل إلى 80% لكن تقديم بعض الأدوية يحتاج إلى وصفة طبية، وهذا ما يغيب عندنا في سيدي ابراهيم وسبت عين لحناش". وأضاف المندوب الإقليمي: "هذا النوع من المؤسسات الصحية دورها تقديم خدمات تمريضية، ونحن نتوفر على شراكة مع الجماعة لتوفير تنقل الطبيب مرة في الأسبوع إلى مركز سبت عين لحناش قصد تقديم خدمات طبية للساكنة، كما نقوم بتنظيم قوافل طبية بالمناطق التي لا يتوفر فيها الطبيب تقريبا مرة كل ثلاثة أشهر، وبالمناسبة نقوم بتوعية السكان بالابتعاد عن التداوي بالطرق التقليدية العشوائية التي قد تؤدي إلى نتائج عكسية". آسية استيتو، إحدى ساكنات مركز سبت عين لحناش، صرّحت لهسبريس قائلة: "أكبر مشكل نعيشه في المنطقة هو انعدام الماء الصالح للشرب والبحث عنه يتطلب منا جهد كبيرا ووقتا طويلا، ما يؤثر على سيرورة يومنا أمام متطلبات أخرى كرعاية أطفالنا، وغياب الأدوية بالمستوصف". ومن جهته قال محمد حسيوي، رئيس المجلس الجماعي لتيزكيت، في تصريح لهسبريس، إن سبب بعض المشاكل المذكورة هو "ضعف المواد المالية للجماعة التي لا تمكن من برمجة مشاريع تنموية بالمنطقة، أما مشكل انعدام الماء الصالح للشرب بمركز سبت عين لحناش فقد وقعنا اتفاقية شراكة مع المكتب الوطني للماء والكهرباء من أجل إنجاز مشروع لتزويد المركز بالماء الصالح للشرب، قيمته الإجمالية 7.51 مليون درهم، سيتم توفيرها من الطرفين". وأضاف: "راسلنا المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية لأجل دفع مساهمتنا البالغة 3.755 مليون درهم، التي لا تستطيع ميزانية الجماعة توفيرها. أما مشكل انطلاق ربط دوار لرجام، فإننا ننتظر نهاية أشغال المشروع الذي لازال داخل الحيز الزمني المخصص له. أما إيقاف مضخة رفع مياه الشرب للساكنة بالدوار ذاته، فراجع إلى توقف نشاط الجمعية التي أسندت لها أمور تزويد الساكنة بالماء"، يختم المسؤول الجماعي حديثه لهسبريس.