يهدف هذا المقال إلى الإجابة عن السؤال العملي التالي: "ماذا أفعل لأتعلم اللغة الإنجليزية بما ينسجم مع أغراضي العملية وفي أقصر وقت ممكن؟" فقد أصبحت اللغة الإنجليزية لغة وظيفية دولية لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق النجاح العملي في مغرب اليوم، سواء في بعض القطاعات المهنية كالسياحة والتكنولوجيا والتجارة الدولية، أو في الدراسة والبحث العلمي. لذلك فإن بعض معاهد الدراسات الخاصة، كمعاهد التجارة والتسيير والتكنولوجيا، أصبحت لا تكتفي فقط بإدراج اللغة الإنجليزية في مقرراتها، بل أصبحت تغامر بتدريس بعض المواد بهذه اللغة في أفق الرفع من عدد المواد المدرسة بها. انتشار اللغة الإنجليزية حسب إحصائيات ديڤيد كريسطل (D. Crystal "World English: Past, Present and Future" 1999)، فإن عدد الأشخاص في العالم الذين لغتهم الأم هي اللغة الإنجليزية يصل إلى حوالي 400 مليون. "اللغة الأم"، عند العلماء، هي اللغة التي يتعلمها الطفل في "الفترة الدقيقة" (The critical Period) في وسط طبيعي كالأسرة، و"الفترة الدقيقة" هي الفترة من عمر الفرد التي تمتد من 3 أشهر إلى 5 سنوات). وعدد الأشخاص الذين يتكلمون اللغة الإنجليزية بصفتها لغة ثانية، حسب إحصائيات جامعة أوطاوا الكندية، هو508 ملايين. "اللغة الثانية" هي اللغة التي ليست لغة أمّا ولكنها تستعمل في المحيط القريب للشخص. لذلك فإن اللغة الإنجليزية هي أول لغة أجنبية سيصير متكلموها غير الأصليين أكبر من عدد متكلميها الأصليين. وعدد متعلمي اللغة الإنجليزية بصفتها لغة أجنبية هو 600 مليون، مما يعني أن هناك مليارا و400 مليون متكلم بالإنجليزية في العالم (حوالي ربع سكان الأرض). وإذا أضفنا إلى هذا أن تقديرات القنصلية البريطانية تشير إلى أن حوالي مليار شخص يقبلون على تعلم اللغة الإنجليزية دوليا، فإننا سندرك الانتشار غير المسبوق الذي أصبحت تتمتع به هذه اللغة. التعلم الفعال نقول إن متعلم اللغة الإنجليزية يتعلم اللغة الإنجليزية بشكل "فعّال" إذا كان يتعلمها بسرعة (في أقصر وقت ممكن) وبنتائج تجعل تمكنه منها قريبة من تمكن المتكلم الأصلي (يتحدث بها بطلاقة المتكلم الأصلي)، وبما يفي أغراضه العملية (يجيد استعمالها في حاجاته التواصلية العملية كالدراسة أو السياحة أو المراسلات التجارية، إلخ). فكيف يحقق المتعلم مطلب الفعالية في تعلمه للغة الإنجليزية؟ كيف يتعلم الراشد الإنجليزيةَ بشكل فعال؟ إذا كنت شخصا راشدا (adult) وأردت أن تتعلم اللغة الإنجليزية بفعالية، فعليك باتباع الخطوات التالية: أولا صحّح فهمك للغة عموما واللغة الإنجليزية خصوصا: فتعلم لغة من اللغات هو إنجاز مبهر؛ لأنه ليس مجرد تحصيل لعلم من العلوم بل هو اكتساب لنظام تواصلي شديد التعقيد يعبر عن ثقافة معقدة تطور لقرون حتى يصل إلى حاله الراهن. وتعلم اللغة ليس أمرا يسيرا في ذاته كما أنه ليس عسيرا في ذاته؛ لأن يسر تعلم اللغة أو عسرها متعلق بمنهج تدريسها لا بخصائصها الذاتية. فلا تنجرّ إلى ما يردده العوام من أن صرف اللغة الإنجليزية بسيط، فهذه البساطة تخفي غابة من التراكيب المعقدة، أو أن تهجية الإنجليزية معقدة، فهناك قواعد بسيطة تساعدك على التهجية. يسر تعلم اللغة أعسره متوقف على منهج تدريسها لا على خصائصها اللغوية. الإنجليزية ليست أيسر أو أعسر من لغتك الأم التي تتحدث بها بطلاقة دون أن تكون واعيا بقواعدها. ثانيا اتخذ قرارا بخصوص اللهجة الإنجليزية التي ترغب في تعلمها. فالتنويعة المعيارية للغة الإنجليزية هي تلك التي تستخدم في أمريكا وكندا وبريطانيا واستراليا ونيوزيلاندا وجنوب إفريقيا. ومعظم متعلمي الإنجليزية يتعلمون هذه الصيغة المعيارية بلكنتيها الأمريكية أو البريطانية اللتين تختلفان عن بعضهما البعض اختلافا هيّنا في أسلوب الكتابة (مثلا: تستعمل الإنجليزية البريطانية ou حيث تستعمل الأمريكية o في كلمات مثل behavior التي صيغتها البريطانية هي behaviour) والنطق (مثلا: تنطق الراء الأمريكية بلَيّ مقدمة اللسان إلى الخلف في كلمات مثل girl بينما تحذف هذه الراء في مثل هذه المواضع في اللهجة البريطانية)، وفي بعض المفردات المعجمية (مثلا: بينما نقول anymore ، بمعنى "ليس بعد"، في اللهجة الأمريكية، نقول any longer في اللهجة البريطانية). المهم أن تختار لهجة واحدة حتى يكون تعليمك منسجما وثابتا. ثالثا حدد هدفك من تعلم اللغة الإنجليزية حتى تعرف نوعية البرامج الدراسية التي ستساعدك. إذا كنت ترغب في تعلم الإنجليزية من أجل التواصل اليومي العام، فأفضل مقرر دراسي يمكنك استخدامه هو Interchange الذي يوفر مادة تعلمية لغوية غنية، ويتكون من كتاب قرائي ملون وكتاب تمارين بالأبيض والأسود وقرص تعلمي يحمّل على الحاسوب مُعَدّا بأساليب بيداغوجية فعالة ومبتكرة. هناك أيضا مقرر Dynamic English يحتوي على المكونات نفسها ويضيف إليها أفلاما وثائقية داعمة للتعلمات اللغوية. وإذا كنت ترغب في تعلم اللغة الإنجليزية لأسباب مهنية، كأن تكون نيتك تعلم الإنجليزية للتواصل في مجال التجارة أو السياحة أو البحث العلمي، فما عليك إلا أن تستعمل أحد مقررات أوكسفرد (Oxford) التي تعلم الإنجليزية لأغراض محددة "English for Specific Purposes". رابعا إذا لم يكن مستواك في الإنجليزية منعدما فلا تكتف بتحديد مستواك في اللغة الإنجليزية بنفسك. أسهل طريقة تحدد بها مستواك هي أن تستعمل اختبار "ماكميلان"، المكون من 50 سؤالا، الذي تستخدمه معظم معاهد تعليم اللغة الإنجليزية. بعد أن تجتاز هذا الاختبار، وبعد أن يصححه أستاذ متخصص في تعليم الإنجليزية لغير الناطقين بها، سيحدد مستواك الذي إما أن يكون "ابتدائيا" أو "قبل متوسط" أو "متوسطا" أو "متقدما" أو درجة محددة بين هذه المستويات. بعد أن تعرف مستواك في الإنجليزية، سيمكنك معرفة مستوى المقرر الدراسي الذي ستختاره. خامسا عليك أن تتوقع أن تعلم اللغة الإنجليزية بشكل فعال سيكلفك الكثير من الوقت والمال والجهد. إذا لم تُضَحِّ بهذه الموارد، فلا تتوقع نتائج فعالة. اللغة ستعطيك ذاتها، فقط إذا أعطيتها من ذاتك. لذلك فإن أفضل طريقة للتعلم اللغوي الفعال هي أن تلتحق بأحد معاهد تعلم اللغة الإنجليزية التي تتوفر فيها الشروط التالية: 1 تستخدم مقررات دراسية فعالة كتلك التي ذكرنا أعلاه. 2 يدرس فيها أساتذة متخصصون ومدربون بشكل جيد من مستوى الماستر في الدراسات الإنجليزية فما فوق. 3 تنظم الحصص الدراسية لتدريس ما بين 30 و50 ساعة في كل ثلاثة أشهر. 4 تتوفر على سياسة لغوية واضحة: نوعية اللهجة الإنجليزية، انجليزية عامة أو محددة الغرض، إلخ. يتراوح ثمن معظم المناهج الدراسية في كل مستوى من المستويات ما بين 250 و500 درهم. ليس هناك بديل عن الدراسة المواظبة (أي التي لا توقف فيها) والمكثفة (أي بغلاف زمني لا يقل عن 3 ساعات أسبوعيا) والمحفزة (أي التي ننخرط فيها برغبة). سادسا تذكر أن أساس تعلم اللغة وتثبيتها ليس هو استعمالها فقط، كما يعتقد العامة من الناس، بل هو الانفتاح على المُدخلات اللغوية المسموعة والمقروءة. فلا يمكن أن تستعمل لغة لست متمكنا من معجمها وأبنيتها الصرفية التركيبية وأنظمتها الصوتية وأساليبها التداولية وقيمها السوسيولسانية. لذلك فبالإضافة إلى تعلمك في معهد بالمواصفات المذكورة أعلاه، ينبغي أن تختار أفلاما أو تسجيلات صوتية مصنفة حسب المستوى، وكتبا مصنفة حسب المستوى، وأن تسطر برنامجا للاستماع والقراءة. يُنصح بأن تشاهد فيلمين، أو أن تستمع لشريطين مسجلين، في الأسبوع الواحد، على أن يكون طول الفيلم أو التسجيل ساعتين. ينبغي أيضا أن تقرأ 120 صفحة في الشهر الواحد، أي 6 صفحات كل يوم لمدة 5 أيام في الأسبوع. لتسهل عملية القراءة التي يستصعبها الكثير من الناس، يمكنك أن تقرأ صفحتين صباحا، وصفحتين في الظهيرة، وصفحتين ليلا. من الضروري أن تستشير متخصصا في تحديد نوعية الأفلام والتسجيلات والمقروءات المناسبة لمستواك اللغوي. يمكن للأخصائي أيضا أن يرشدك إلى نوعية المُدخلات التي تناسب اهتماماتك الشخصية. خلاصة تعلم اللغة الإنجليزية إنجاز كبير ينبغي أن يتهيّأ له الراغب في تعلم هذه اللغة كما يتهيّأ لكل الإنجازات المهمة في حياته، كاقتناء سيارة أو بناء بيت أو اختيار رفيق حياة. * منسق ماستر اللسانيات والدراسات الإنجليزية المتقدمة بجامعة القاضي عياض [email protected]