شعار المؤسسات التعليمية بالمغرب أيام مؤتمر مراكش تعرف المملكة ابتداء من هذا الأسبوع انطلاق مؤتمر المناخ "كوب 22" بمراكش، في إطار من التعبئة الشاملة لإنجاح هذا المحفل الدولي والخروج بقرارات هامة تثمن نتائج مؤتمر "كوب 21" حول التغيرات المناخية، وتطبيق مقتضيات اتفاقية باريس، في ظل تحمس وتعبئة المجتمع الدولي لفائدة البيئة والمناخ. وفي هذا تجسيد لاستمرارية انخراط المغرب المبكر في مجال التنمية المستدامة، بعدما كان سباقا إلى التوقيع على اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية خلال قمة الأرض في ريو دي جانيرو سنة 1992. وشهد المغرب منذ ذلك الحين سلسلة من الإجراءات العملية لحماية البيئة وفرض معايير ملزمة لعدم الإضرار بها، ومن ذلك حملة "زيرو ميكا"، التي عرفت تجاوبا مهما من طرف المغاربة، ما يعكس تزايد الاهتمام البيئي ومشكلاته لدى شريحة مهمة من المواطنين . لكن الأهم هو استغلال هذه المناسبة العالمية الكبرى التي يحضرها ملوك ورؤساء دول وشخصيات وازنة في السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني لغرس الوعي البيئي في الناشئة والأجيال الصاعدة، وهذا ما سيضمن استبطان القيم البيئية لدى رجال الغد، ما يسهل تحقيق مجتمع مستدام يجعل من خدمة البيئة أولوية قصوى لديه. ولا شك أن دور قطاع التربية والتكوين محوري في الانخراط في هذا الجهد النبيل من خلال مساهمة المؤسسات التعليمية في تأهيل التلاميذ لتحمل المسؤولية البيئية والشعور برهاناتها الحقيقية، من خلال تعبئة كاملة لكل المدارس والإعداديات والثانويات المغربية في إطار حملة كبرى للتحسيس بالتحديات البيئية المختلفة، كالاحتباس الحراري والحلول المناسبة للحد منه، وتعزيز التنمية المستدامة، وفق ما تسمح به مدارك المتعلمين؛ وذلك من خلال تفعيل مشاريع المؤسسات والنوادي البيئية وتنظيم عروض وخرجات للمعامل والغابات والسدود والشواطئ، وتأطير ورشات تحسيسية بمخاطر الانبعاثات الغازية، والتشجيع على التعرف على التزامات المغرب البيئية، التي تتجلى في تحسين البيئة المعيشية للمواطنين، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، وتشجيع استخدام تكنولوجيات الطاقة النظيفة، وكذا إطلاعهم على إستراتيجية مخطط المغرب الأخضر الذي يخص قطاعي الزراعة والصناعات الزراعية الحاسمين لتحقيق الأمن الغذائي في المملكة، إضافة إلى تعريفهم بالمشاريع المغربية الكبرى في مجال الطاقات المتجددة، سواء المزارع الريحية أو الشمسية، كمشروع نور بورزازات، أو المائية . إن خلق ثقافة بيئية متكاملة لدى المتعلمين واستثمار اللحظة التاريخية لمؤتمر مراكش الدولي سيجعل منهم جيلا مستقبليا على قدر كبير من الوعي البيئي واتخاذ القرار السليم في ما يتعلق بمعالجة المشكلات البيئية المختلفة، وذلك من خلال تنظيم مسابقات جهوية ووطنية حول المدارس والثانويات الإيكولوجية، وأجود مشاريع المؤسسات في ما يتعلق بالبيئة، وأفضل العروض والكتابات والرسوم حول المسائل البيئية. وهي فرصة ذهبية كذلك لانفتاح المجتمع المدني وجمعياته البيئية على المدارس والثانويات لتنشيط ورشات عملية، كغرس الأشجار مثلا، ومبادرات بيئية في فضاءاتها لترسيخ السلوك البيئي السوي في نفوس التلاميذ، دون أن ننسى طبعا تخليد المناسبات البيئية على طول السنة، كالاحتفال بالأيام الوطنية والدولية البيئية كيوم الأرض ويوم المياه العالمي ويوم الشجرة ويوم التنوع البيولوجي ويوم البيئة، ليتعزز رصيد الطفل المغربي بالمصطلحات البيئية وتنمو قدراته المعرفية والمهارية والقيمية بالقضايا البيئية المختلفة، سواء بالمدرسة أو المنزل أو الفضاء العام . ويبقى إدماج التربية البيئية في المناهج التعليمية ركنا أساسيا وتحديا جوهريا لرؤية المغرب البيئية لخلق جيل جديد يؤمن بالحفاظ على بيئته، ويناضل من أجل حمايتها واستدامتها إزاء نشاطات الإنسان المعادية ولامبالاته تجاهها. ويشمل هذا الإدماج كل المواد، كانت دينية كالتربية الإسلامية أو أدبية كالتاريخ والجغرافية ودروس اللغات الأربع، أو علمية كالرياضيات والعلوم الفيزيائية والطبيعية، ليكتسب التلميذ والطالب المغربي صفة المواطن العالمي القادر على الحد من الانبعاثات الكربونية في المستقبل القريب، والمدافع بشراسة عن كوكبه الأزرق .