لم تهدأ بعد الضجة التي أثيرت بشأن ترشيح عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، للانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من أكتوبر الجاري، باعتبار أن حق الترشيح المتضمن في الفصل ال30 من الدستور لا ينسحب على رئيس الحكومة، حتى أطلق بعض المتابعين للشأن السياسي في المغرب سجالا آخر حيال احتمال وجود "تنافٍ" بين مقعده البرلماني بسلا وبين تعيينه رئيسا للحكومة لولاية ثانية. وأثار أولئك المتابعون إمكانية وجود نوع من التنافي في جمع بنكيران لرئاسة الحكومة بعد تعيينه من لدن الملك محمد السادس، مساء الاثنين الماضي، قبل تنصيب الحكومة الجديدة، وبين صفته كبرلماني عن دائرة سلاالمدينة التي فاز فيها برسم الانتخابات التشريعية. "يتعلق الأمر في حالة بنكيران بحالة دستورية جديدة لم يسبق للنظام الدستوري والسياسي المغربي أن عاشها"، يؤكد الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الرباط، معلقا في تصريح لهسبريس على موضوع رئاسة بنكيران لحكومة تصريف أعمال، وتعيينه رئيسا للحكومة الجديدة، وانتدابه البرلماني. ويشرح اسليمي بأن "بنكيران يستمر في رئاسة حكومة تصريف الأمور الجارية إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، وهو في الوقت نفسه معين من لدن الملك كرئيس للحكومة بعد تصدر حزبه للانتخابات، كما أنه حاصل على انتداب انتخابي بعد فوزه بمقعد في مجلس النواب". ويرى الخبير السياسي بأن "بنكيران لا يفقد انتدابه الانتخابي بهذا التعيين، بل يحافظ عليه إلى حين تشكيل حكومته وتعيينها وتنصيبها"، مبرزا أن "قواعد حالات التنافي مع الوظيفة الحكومية التي عُين فيها بنكيران لا تسري عليه إلا بعد اكتمال مسار تشكيل الحكومة، وتعيينها كاملة من لدن الملك وتنصيبها من لدن مجلس النواب". وذهب اسليمي إلى أن "بنكيران يظل حاملا لصفة رئيس حكومة تصريف الأعمال وصفة رئيس الحكومة المعين لتشكيل حكومة جديدة، وهي صفة مؤقتة يستمر معها في حمل انتدابه الانتخابي البرلماني إلى حدود تعيين الحكومة وتنصيبها، آنذاك يخضع بنكيران لأجل شهرين". ويكمل المتحدث شرحه بأن "الأجل المحدد هو شهران، منصوص عليه في القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة"، متابعا بأن "الوضع القانوني لأعضائها لا يسري على أعضاء الحكومة إلا مع بداية اشتغالهم، حيث يكون كل عضو مطالبا بتسوية وضعيته داخل أجل شهرين". ولعل الغاية من هذه المقتضيات التي تسري على رئيس الحكومة المعين، يضيف اسليمي، "مرتبطة باحتياط قانوني يُفسر الحفاظ على صفة الانتداب الانتخابي البرلماني إذا ما تأخر رئيس الحكومة المعين لمدة طويلة في تشكيل حكومته أو فشل في تشكيلها، فيحافظ على انتدابه الانتخابي البرلماني بقوة القانون، لكنه يفقده داخل ظرف شهرين مع تشكيل الحكومة وتعيينها وتنصيبها". وحري بالذكر أن ترشيح بنكيران للانتخابات التشريعية سبق أن أثار جدلا كبيرا، وصل إلى حد أن اعتبره مراقبون بكونه غير قانوني؛ بسبب أن "رئيس الحكومة يحمل صفة الممثل القانوني للدولة، ويستحيل الجمع بين الإشراف على العملية الانتخابية وبين المنافسة مع خصومه".