اعتاد سكان المدن المغربية على مشاهدة مجموعة من قنينات الغاز داخل محلات البيع بالتقسيط للمواد الغذائية أو خارجها داخل الأحياء السكنية، وتعايشوا مع ذلك المشهد زمنا طويلا؛ لكن ظهور بعض المحلات التي تعد أنواعا من "المسمن" و"البطبوط" وغيرهما من الأكلات والوجبات مستعملة في ذلك غاز البوطان، بدأ يطرح مخاوف الجيران من السكان أو التجار. ففي مراكش مثلا، انتشرت هذه الأفرنة الغازية بشكل عشوائي وسط عدد من أحياء المقاطعات. وحسب تصريحات متطابقة لهسبريس من تجار وجمعويين، فقد أضحى ممر مولاي رشيد المحاذي لساحة جامع الفنا، والذي يعج بزوار المدينة وأهلها بمثابة "قنبلة موقوتة"، تتهدد سلامة المواطنين. قنابل موقوتة مصطفى المقودي، عن جمعية الإخلاص التي تضم تجار ومهنيي ممر مولاي رشيد والشوارع المحيطة بالساحة العالمية، أوضح لهسبريس أن كل المقاهي أصبحت تفتح فرنا لطهي المسمن والبطبوط والحرشة، مستعملين في ذلك ما يناهز 12 قنينة غاز؛ وهو ما يشكل تهديدا مستمرا لكل من المحلات التجارية والفنادق وزوار الممر المذكور. وأضاف الفاعل الجمعوي ذاته أنه إذا كانت هذه الظاهرة تقتصر بممر مولاي رشيد على تناول وجبة الفطور صباحا، فإن أزقة المدينة العتيقة المجاورة لساحة جامع الفنا، كدرب ضابشي، تعرف انتشار اكبيرا لمحلات تستعمل قنينات الغاز طيلة النهار، ضاربا مثلا بفرن يوجد بزقاق بالممر المذكور يضم عددا من الفنادق؛ وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على سلامة وأمن المواطنين والزوار الأجانب. وطالب المقودي الجهات المعنية بسلامة وأمن المواطنين وزوار المدينة بالتدخل للتفكير في طريقة مناسبة لتقنين هذه الظاهرة، والحد منها في منطقة تشكل قلب مدينة مراكش والسياحة المغربية. مصدر رزق مصطفى، صاحب محل لإعداد المسمن والبطبوط والخبز لتوزيعه على نقط بيع متعددة بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، يقول إن "قنينات الغاز تنتشر في كل مكان، بالمنازل وبمحلات المواد الغذائية داخل الأحياء الشعبية وغيرها". وأضاف المتحدث نفسه "أن كل محل يشغل ثلاث نساء يعلن بما يكسبنه أسرهن"، مشيرا إلى "أن هذه المحلات تقوم بإعداد خبز كما تعده رباب البيوت، ونقوم بطهيه داخل أفران تقليدية"، مؤكدا أن "الكل مستفيد من هذه الحرفة". وفسر الحرفي عينه حملة مجموعة من أرباب الأفرنة التقليدية عليهم "بغير السليمة لأن كل قطاع يعد خبزا معينا"، موردا أن "الأرزاق قسمها الله من فوق سبع سماوات"، ومشيرا إلى أن أية خطوة بإغلاق المحلات المذكورة ستشكل تهديدا لاقتصاد أسر عديدة"، على حد قوله. المراقبة بعدية من جهتها، تقول خديجة الفضي، نائبة رئيس المجلس الجماعي لمدينة مراكش المكلفة بالمكتب الصحي الجماعي، لهسبريس، إن "كل من تضرر عليه وضع شكاية بولاية جهة مراكش أسفي.. وحينها، سنقوم بتكوين لجنة تقنية لزيارة المحل المشتكى به". وأضافت المتحدثة ذاتها أن "هذه المحلات تفتح بدون ترخيص من المجلس الجماعي. ومن ثم، يتوجب على المتضررين من كل محل أن يقوموا بوضع شكاية؛ وهو ما يعطينا حق التدخل لمراقبة المكان ومدى احترامه للشروط المطلوبة في الوقاية من خطر قنينات غاز البوطان"، تقول الفضي. هناك حل أما أحمد الشهبوني، رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت، فقد دق ناقوس الخطر، عبر هسبريس؛ لأن لا المسؤولين، حسبه، يعيرون الخطر المحدق بالسكان أي اعتبار، لعدم سهرهم على تطبيق القانون، ولا السكان الذين يقطنون بجوار ما أسماه "بقنابل موقوتة" يحتجون أو يتقدمون بشكايات إلى السلطة المنتخبة والمحلية والمجتمع المدني. واسترسل المتحدث ذاته، قائلا: "هناك حلول بسيطة ينص عليها القانون، للوقاية من خطر هذه القنينات المنتشرة بكثرة بمحلات للأكل ولإعداد المسمن وغيره بكل أزقة المدينة العتيقة وباقي أحياء عاصمة النخيل، وكذا بالمنازل؛ أولها توظيف آلة تكشف عن الدخان الناتج عن تسرب الغاز، فتطلق رنات وأصواتا تحذر من اندلاع النيران". الحل الثاني يورد الفاعل الجمعوي نفسه، يتمثل في "ضرورة حضور آلة لإطفاء النيران بهذه المحلات". أما الحل الثالث، فيتجلى في "مطالبة شركات غاز البوطان بتوفير قنينات مجهزة بصمام أمان، يسمح بمرور الغاز عندما تكون النار متقدة، أما إذا توقفت بسبب الرياح مثلا، فإنه يمنع استمرار تدفقه إلى جهاز الطبخ أو تسخين الماء بشكل أتوماتيكي".