في مالي، البلد ذي الغالبية المسلمة بغرب إفريقيا، تلهج الألسنة خلال شهر رمضان الأبرك بالدعاء والصلوات لأجل السلام والمصالحة والتوافق في وقت ما زال الوضع فيها مثيرا للقلق وسط وشمال البلاد، الواقعين فريسة للاضطرابات والتوترات القبلية والعنف من كل جانب. وفيما تبدو عملية السلام في الجزء الشمالي من البلاد متجهة أكثر فأكثر نحو الباب المسدود وسط اتهامات متبادلة بين أطراف النزاع بخصوص مسؤولية عرقلة حل الأزمة، فإن مناطق مختلفة وسط وشمال البلاد تشهد، في الأسابيع الأخيرة، تصاعدا في الهجمات الإرهابية المميتة. وكان الممثل الخاص للأمين العام الأممالمتحدة في مالي، محمد صالح النظيف، أكد "أننا أمام واقع يبرز أن اتفاق السلام لا يحرز أي تقدم، وأخشى أن نصل إلى الباب المسدود. ومن الجانب الآخر، يكسب أعداء السلام نقاطا أكثر وأعتقد أن هذا الوضع يجب أن يسائلنا". وفي هذا السياق، تم تأجيل الاجتماع التاسع للجنة تتبع اتفاق السلام الذي كان يفترض انعقاده في مطلع يونيو الجاري بباماكو، مجددا، حيث لم تجد الحكومة والمجموعات المسلحة توافقا حول عملية إحداث سلطات مؤقتة شمال البلاد. وإذا كانت المجموعات المسلحة (تنسيق حركات أزواد والأرضية) تفرض أن يشكل إحداث هذه السلطات المؤقتة "أولوية في جميع مناطق الشمال"، فإن باماكو تعتبر أن إحداث هذه السلطات يهم في المقام الأول البلديات التي تعرف اختلالات في مجالسها الجماعية". ويبدو أن الجماعات الجهادية قد استفادت، حسب ما يراه جميع الفاعلون الوطنيون والدوليون، من حالة المأزق هذه، حيث ضاعفت هجماتها المسلحة ضد قوات الجيش المالي وتجريدات القبعات الزرق المنتشرة في هذا البلد منذ سنة 2013. وخلال مؤتمر صحفي عقد مؤخرا في باماكو، أقر القائد الأعلى لبعثة الأممالمتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)، هيرفي غومارت، "بنقص في الاستعلامات والمعطيات حول العدو" في مكافحة الجهاديين، وقال "إن ما يعوزنا أساسا للتحرك هو النقص في المعلومة والاستخبارات". وحدا تدهور الأمن في مالي، وتنامي الهجمات الإرهابية ضد عناصر القبعات الزرق، والتي خلفت 12 قتيلا خلال شهر ماي وحده، بالأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى التوصية بتعزيز مهمة مينوسما. وتتوجه أنظار الماليين نحو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي سيحسم يوم 30 يونيو الجاري في تمديد مهمة بعثة مينوسما، وكذا في التوصيات التي قدمها الأمين العام الأممي بان كي مون لتعزيز القوة الأمميةبمالي. وفي انتظار ذلك، يؤدي مسلمو مالي صيامهم وقيامهم في جو من الخشوع والتقوى، متوجهين لله تعالى بالدعاء لحفظ بلادهم وإبقاءها "كلا لا يتجزأ". وفي رسالة بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، أعرب الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كيتا، عن "قناعته بأن الزعماء الدينيين والخطباء والوعاظ سيستحضرون مالي في خطبهم لتستفيد بلادنا من فوائد الصيام في شهر رمضان". وناشد في هذا الصدد "جميع الماليات والماليين تمتين روابط الأخوة والصداقة وتعزيز الأنشطة التضامنية لكي توطد هذه الأوبة العيش سوية والمصير المشترك في وطن موحد غير قابل للانقسام وغني بتنوعه". *و.م.ع