بحلول الملك محمد السادس، مساء أمس بالعاصمة السعودية الرياض، للمشاركة اليوم في القمة المغربية الخليجية، ل"دعم الشراكة القائمة بين المغرب ودول الخليج"، بصم المغرب على تعميق صلته بدول مجلس التعاون الخليجي كشريك عربي رئيسي، في سياق علاقات تاريخية وإستراتيجية ممتدة، لا تتغير بما يجري على الساحة الدولية والإقليمية. وتعد القمة الخليجية المغربية الأولى من نوعها، وستخصص أجندتها ل"إعطاء دفعة جديدة للشراكة الإستراتيجية ومتعددة الأبعاد القائمة بين المغرب ومجلس التعاون لدول الخليج العربي"؛ فيما سيكون الموعد "مناسبة للتشاور وتنسيق المواقف في مواجهة التحديات والتهديدات التي تعرفها المنطقة العربية"، حسب بلاغ للديوان الملكي. وإلى جانب تعزيز عمل عربي مشترك على مستوى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة البحث في مواقف موحدة تجاه قضايا محاربة التطرف والإرهاب، والأوضاع في سوريا واليمن والعراق وليبيا، والدفع بالقضية الفلسطينية صوب الحل عن طريق المفاوضات مع الطرف الإسرائيلي، إلا أن الملف الاقتصادي يبقى حاضرا بقوة في أجندة القمة الخليجية المغربية. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن حجم المبادلات التجارية بين المغرب ودول الخليج ارتفع خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقلت الحصة من إجمالي المبادلات التجارية للمغرب من 3.6% عام 2000 إلى 4.9 % سنة 2014، لتستقر عند مبلغ 3 مليارات دولار، في وقت تعد الرياض أول مستورد للصادرات المغربية في منطقة الخليج، (بقيمة 100 مليون دولار، تعادلها نسبة 52.4% من إجمالي الصادرات نحو المنطقة)؛ فيما تأتي الإمارات ثانية بنسبة 33.5%. أما واردات المغرب من دول مجلس التعاون الخليجي، فقد ارتفعت بدورها، لتبلغ قيمة 2.7 مليارات دولار عام 2014، أي 6.9 % من إجمالي واردات المملكة المغربية؛ فيما يظهر الاهتمام الاقتصادي الوثيق جليا بين الأطراف ذاتها من خلال الهبات والمنح المالية القادمة من دول الخليج صوب المملكة المغربية، والتي بلغت عام 2014 قيمة 4 مليارات دولار، حسب أرقام رسمية. ويبحث المغرب تعميق الشراكة مع "السعودية وأخواتها" لتصل مرحلة جد متقدمة، منذ توقيعه على الشراكة الإستراتيجية التي تجمع الرباط بالمجلس رسميا منذ عام 2011؛ وهي الشراكة التي تضمنت وقتها عرضا للمغرب إلى جانب الأردن للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، ليتم التوافق على صيغة "شراكة متقدمة". ويعتبر اختيار الرياض لعقد القمة الخليجية المغربية، الأولى من نوعها، رسالة طمأنة بإبداء دول الخليج اهتمامها المستمر بالرباط. وتجدر الإشارة إلى أن آخر موعد استضافته السعودية في هذا الإطار هو الاجتماع الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، الذي انعقد بالرياض مطلع مارس الماضي، وعرف حضورا مغربيا رسميا، إلى جانب الأردن. ويشدد المغرب على أن موقفه ثابت "تجاه الالتزام بمواجهة أي تهديد تتعرض له دول المجلس بكل حزم ومسؤولية"، ليحيل على أن المملكة ودول الخليج "قطعت أشواطا مهمة منذ اتفاقية الشراكة والتعاون التي جمعت الأطراف قبل خمس سنوات، خاصة على المستوى الإستراتيجي والسياسي والتنموي والاقتصادي والإنساني والثقافي".