قال محمد السكتاوي، المدير العامُّ لفرع منظمة العفو الدولية بالمغرب، إنَّ السياق السياسي يتحكّمُ في مسار تطوّر أحكام الإعدام بالمغرب، مستدلّا على ذلك بمؤشر عدد أحكام الإعدام التي أصدرتها محاكمُ المملكة ما بين 2007 و2015، حيثُ انخفضَ في سنتة 2011 (5 أحكام)، التي عرفتْ حَراكا مجتمعيّا، وسنة 2012 (7 أحكام)، مرجعا ذلكَ إلى الضغط الذي مارستْه "حركة 20 فبراير". وفي سنة 2013 ارتفعتْ أحكام الإعدام إلى 10 أحكام، ثم تراجعت إلى 10 في سنتي 2014 و2015، وعلّق السكتاوي على هذه الأرقام التي تضمنها التقرير السنوي ل"أمنيستي" حول أحكام الإعدام، بالقول: "السياق السياسي يتحكم في مُنحنيات أحكام الإعدام بالمغرب، فحين كان هناك ضغطٌ لحركة 20 فبراير تراجع عدد الأحكام، وحين استقرَّ الأمر للحاكمين عادَ العدد إلى الارتفاع". وسُجّلَ أكبرُ عدد من أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم المغربية ما بين سنتي 2007 و2015، في سنة 2009، حيث وصل عددها إلى 13 حُكما، وبلغ عدد الأحكام الصادرة في سنتي 2008 و2010 أربعة أحكام في كلّ سنة، وفي سنة 2007 صدرَ حُكم واحد بالإعدام. ويبلغ عدد الأشخاص المحكومين بالإعدام في المغرب، مع متمّ عام 2015، والموجودين رهن الاعتقال، 122 شخصا، من بينهم 3 نساء. وعلى الرغم من أنَّ المغربَ لم يُنفّذْ أيّ عملية إعدام منذ عام 1993، إلا أنَّ السكتاوي قالَ إنَّ ذلك ليس كافيا، "ففي أيِّ لحظة يُمكن أنْ تعودَ العقوبة، ما دامَ أنّها لمْ تُلغَ بشكل تامّ في القانون الجنائي"، واعتبرَ المتحدّث أنَّ الإبقاء على عقوبة الإعدام في مسوّدة القانون الجنائي "يُعتبر استخفافا بالدستور وبالمواثيق الدولية، ويدلّ على أنَّ الخلفيّة التي كانتْ سائدة خلال سنوات الرصاص ما زالت هي المتحكّمة في صياغة القوانين"، على حدّ تعبيره. السكتاوي انتقدَ موقف الحكومة الحالية من إلغاء عقوبة الإعدام، قائلا: "إذا كانت الحكومة تحظى بدعم شعبي كما تزعم، فلا يمكن أن تقف ضدّ إرادة الشعب وتستمرَّ في الإبقاء على هذه العقوبة"، وردّا على أحد الصحافيين، الذي قالَ إنَّ الملكَ هوَ صاحب القرار الأعلى، قال السكتاوي: "نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ونعرف أنّ الحكومة هي التي قدمت مسوّدة مشروع القانون الجنائي، ونُطالبُ صاحبَ المشروع بحذف عقوبة الإعدام منه". المدير العامّ لفرع منظمة العفو الدولية بالمغرب اعتبر أنَّ عقوبة الإعدام غيرُ دستورية، لكونها تتعارض مع الفصل 20 من الدستور، الذي ينصّ على أنَّ الحق في الحياة هو أوّل الحقوق لكل إنسان، متسائلا: "كيف يمكن الحفاظ على باقي الحقوق الفرعية التي جاء بها الدستور ونلغي الحق الأول؟"، داعيا قضاة المحاكم إلى التوقف عن النطق بأحكام الإعدام "لعدم دستوريّتها". وقلّلَ السكتاوي من تأثير الأصوات الداعية إلى الإبقاء على عقوبة الإعدام، قائلا إنّه في غياب أيّ استطلاع حولَ توجّه الرأي العامّ إزاء هذه العقوبة، لا يُمكن الحديث عن رفْض المجتمع لإلغائها، معتبرا أنه لا مانع من إلغائها حتّى في حال وجود أغلبيّة تؤيّد الإبقاء عليها، مُحيلا على تجربة فرنسا، التي ألغت العقوبة في وقت كانَ فيه 62 بالمائة من الفرنسيين ضدّ إلغائها، "والآن يمكن القول إنّ أزيد من 90 بالمائة من الفرنسيين مع إلغاء عقوبة الإعدام"، يقول المتحدث. وبَدا السكتاوي متفائلا بشأن تحقيق هدف إلغاء عقوبة الإعدام من القانون الجنائي المغربي، فبعد أنْ قال إنَّ المغربِ يوجد في "رُتبة طيّبة" ضمن الدول المحافظة على عقوبات الإعدام، أوْضح أنّ منظمة العفو الدولية ستستمر في الترافُع لدى الحكومة المغربية لإلغاء هذه العقوبة، ومواصلة الحملات الهادفة إلى الوصول إلى هذا المبتغى مع جمعيات ومنظمات حقوقية أخرى، وأضاف: "لقد حققنا الكثير، وعملُنا لن يذهب سُدىً".