ينتقد كثير من الكتاب والمحللين السياسيين والعامة تعقيدات البيروقراطية (حكم وسلطة المكتب ) وما يسمى في مغربنا الغالي والغني ب: "المخزن" ويتخوف كثير من الناس من هذه الظاهرة، وفي رأيي المتواضع، إن السبب الرئيسي لهذا الخوف والتذمر مردهما سوء الفهم وجهل طبيعة هذا المصطلح الذي يربطه الكثير في أذهانهم بالتعقيدات والإجراءات الإدارية وبالسلطات وبكل من يجلس في مكتب من المكاتب الحكومية وغيرها ويتخذ قرارات رسمية ويصدر الأوامر وينفذها ويتحكم في الأوامر والنواهي في سلوك الناس في مجالات مختلفة. يسمى المخزن في المجتمعات البشرية بالإدارة العمومية التي تعتمد على النظام البيروقراطي في تنظيم وتدبير جميع شؤونها المعاشية المادية منها والروحية، بل هي التي تسير كل ما يتعلق بأمور الحياة والممات فيها . فالمخزن، كما يسميه المغاربة، هو الإدارة العمومية التي تشتمل على مؤسسات الدولة وتعتمد على هذا المصطلح الحديث الذي يطلق على ألبيروقراطية. وليست البيروقراطية إلا ذلك الجهاز والنظام والبنية التي تتكون من مكاتب تمارس من خلالها السلطة والحكم واتخاذ القرارات في جميع المؤسسات الاجتماعية الخاصة والعمومية، ويعتبر هذا الجهاز النواة والركيزة المحورية التي يتم من خلالها تنظيم المجتمعات الحديثة وتدبير شؤونها وتجسد ما يسمى بالدولة*. فالبيروقراطية إذن ليست هي المخزن لأن المؤسسات الخاصة تعتمد عليها أيضا لتسيير شؤونها. ما هو إذن الإطار العلمي الذي يساعد على فهم جذور هذا الجهاز التنظيمي الذي تعتمد عليه المجتمعات البشرية لإدارة وتسيير شؤونها؟ سأحاول في هذه العجالة إلقاء بعض الضوء على مفهوم البيروقراطية كمصطلح ذهني شامل تعتمد عليه الأنظمة الحديثة كما يعتمد عليه ما نسميه في المغرب "المخزن" الذي يكتنفه كثير من الغموض في أذهان كثير من الناس مع المعذرة للمتخصصين في الميدان. لقد اتفق كثير من علماء الاجتماع أن ماكس فيبر (1864-1930)، العالم الألماني، هو الذي يرجع إليه الفضل في تحليل مفهوم البيروقراطية (الجهاز الإداري) وساهم في إضفاء الحيوية الفكرية الحديثة إلى علم الاجتماع وبالخصوص فيما يتعلق بالأنظمة العامة المعقدة وقد اعتبر مصطلح البيروقراطية كنموذج وتصور ذهني مثالي حديث النشأة في تطور التجمع البشري وبالخصوص في المجتمعات الغربية الصناعية المتقدمة في مجالات متعددة تتعلق بتنظيم وتدبير جميع أوجه الحياة. وقد ساهم أيضا في تطوير النظريات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية . ولتسهيل عملية فهم نظريته للبيروقراطية لابد من الإلمام بالمنهجية التي اتبعها في تحليله للمجتمعات البشرية لأنها تشكل البنية الأساسية للنظرية. منطلقه العلمي هو اعتبار القيم الاجتماعية العنصر المهيمن والركيزة الأساسية والدافع الفعلي في نشأة الرأسمالية وتطور المجتمعات وتقدمها وبناء المؤسسات الصناعية والاقتصادية الحديثة التي تعتمد على النظام البيروقراطي على عكس ما انطلق منه كارل ماركس الذي ركز على العناصر المادية بما فيها من وسائل الإنتاج في محاولته لتحليل وفهم تطور المجتمعات وبناء النظرية المادية المعروفة بالماركسية. ركز فيبر على تحليل الأخلاق والمثل العليا الدينية البروتستانتية وبالخصوص الكلفانية (John Calvin ) واستنتج من تحليلاته تأثيرها البالغ في تطوير الرأسمالية والمنظمات الصناعية والاقتصادية والسياسية وعلى العموم المنظمات الاجتماعية الحديثة التي تعتمد على الأجهزة البيروقراطية لتسيير شئونها. منهجية ماكس فيبر: يرى فيبر أن المنهجية (Methodology) التي يتبعها العالم تختلف حسب الموضوع أو الظواهر التي يريد العالم دراستها وبحثها ويؤكد على الدارس أهمية بحث الظواهر من عدة جوانب لأنها كثيرا ما تتأثر بعناصر مختلة. بالإضافة إلى هذا، فإنه ميز بين ما يسمى بالظواهر الاجتماعية والظواهر الفيزيقية الطبيعية (Physical) واعتبر الأولى نوعية ومن تخصصات العلوم الإنسانية/الاجتماعية في الدرجة ألأولى كما اعتبر الظواهر الثانية كمية ومن تخصصات العلوم الفيزيقية/الطبيعية (Physical sciences) في لدرجة الأولى وافترض أن القيم الإنسانية هي التي تشكل الدافع الموجه للعلوم الاجتماعية، وافترض أن القيم الإنسانية لا تدخل في العلوم الفيزيقية. والفكرة الأساسية التي تركز عليها منهجيته هي أن القوانين العامة المستنتجة من دراسة الظواهر الاجتماعية ضرورية ومهمة لفهم هذه الظواهر إلا أنه شدد على عدم إهمال ميزة المواقف والحالات الاستثنائية. ولتسهيل هذه العملية يقترح بأن الطريقة المثلى لدراسة الظواهر الاجتماعية تتجسد في بناء ما أطلق عليه: "النوع المثالي" (Ideal type، Weber 1947). التعريف بالنوع المثالي: يتكون النوع المثالي عند فيبر في المبالغة التي تنتج عند اعتبار وجهة نظر أو عدة وجهات نظر ومن تركيب أكبر عدد مختلف من الظواهر المعتبرة التي قد تكون بينة في بعض الأحيان أو في أكثر الأحيان، المهم أن تكون مرتبة ومنظمة في شكل صورة فكرية متماسكة ذهنيا. يشدد هذا تصور للنوع المثالي على بعض مميزات الظواهر الاجتماعية ولا يعتبر نموذجا وصورة لما يجب أن تكون عليه تلك الظواهر. فهو لا يعتبر إلا معيارا عقليا يقرب الباحث الاجتماعي من فهم الواقع الموجود، فإن كان معيارا مبالغا فيه فإنه يجب أن يكون ممكن التطبيق على الواقع وذا دلالة على المستوى المعنوي ويكون مفهوما من قبل الآخرين. قد لا ينطبق النوع المثالي على جميع جزئيات الواقع إلا أنه لابد أن يحتوي على أهم الخصائص والمميزات والعناصر التي تتعلق بالظواهر الاجتماعية التي يدرسها الباحث ويختارها للدراسة. أما الهدف الأساسي في التسلح بالنوع المثالي فهو القدرة على فهم وتحليل الأفعال الاجتماعية (Social actions) وبالتالي فهم التجمع البشري بشكل عام. فالأفعال الاجتماعية عند فيبر هي تلك الأفعال التي تأخذ في عين الاعتبار أفعال الآخرين وتصرفاتهم استنادا إلى المعنى الذاتي الذي يعطيه إياها الفاعل نفسه. طبعا ليست كل الأفعال التي تصدر من الأشخاص اجتماعية إلا أن فيبر لاحظ أن ما يسمى بالأفعال الاجتماعية يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام: (1)الأفعال الاحساسية (Afectual Actions)، (2) الأفعال التقليدية، (3) الأفعال الواعية العقلية (rational). ويطابق كل قسم من هذه الأفعال نمط معين من السلطة. وهكذا فالأفعال الإحساسية تطابقها السلطة الجذابة (الكريزمية) والأفعال التقليدية تجانسها السلطة التقليدية أما الأفعال العقلية فتطابقها السلطة العقلية القانونية أو الشرعية. وبدون الدخول في التفاصيل، فسأركز على الأفعال العقلية والسلطة القانونية التي ربطها فيبر بنشأة البيروقراطية مع التنبيه بأن هذا تصور ذهني مبالغ فيه قصد تسهيل فهم هذه الظاهرة المهيمنة على المجتمعات الحديثة. العقلانية ونشأة البيروقراطية يرى فيبر أن أهم ميزة التطور الصناعي والرأسمالية العالمية الحديثة هي المنهجية العقلانية التي يعتمد عليها الرأسمال الصناعي الحديث الذي يميز المجتمع الغربي جراء الارتباطات التجارية الموسعة جغرافيا، والمتطلبات الخاصة التي تفرضها القوات العسكرية، والمتطلبات الكمالية والمنظمة العقلانية الدائمة والدولة الحديثة العصرية modern state المبنية على الإدارة كمهنة وعلى القانون المتميز بالعقلانية القانونية (rational legal) بالإضافة إلى هذا فإنه يعتقد أن القانون العقلاني والعلم العقلاني والدولة العقلانية كلها منبثقة من العقلانية الأساسية التي تميز الحضارة الغربية عن غيرها من الحضارات. لا بد من الملاحظة هنا أن فيبر ربط نشأة هذه العقلانية بالمثل العليا التي تقوم عليها الأخلاق البروتستانتية وبالخصوص تعليمات جون كالفان (ِCalvin)المتطرفة التي أدت تأويلاتها من قبل رجال الدين إلى حث معتنقيها على اعتماد الأخلاق والسلوك المبنية على العمل الشاق والاستهلاك المحدود للادخار وجمع المال والنجاح في الدنيا لضمان الفوز برضاء الرب والخلاص في الآخرة. لأن النجاح والحصول على مكان مرموق في الدنيا، حسب هذه التفسيرات، هو علامة رضاء الرب وضمان النجاة والفوز في الآخرة الذي ربطه 'كالفان' بالإرادة الإلهية فقط بغض النظر عن الأعمال التي لا تضمن للمرء النجاة حسب رأيه. ولا شك بأن الكنائس قد فتحت باب الصدقات الوفيرة بهذا التأويل. وهكذا فالعقيدة البروتستانتية والتأويلات المصاحبة لها هي التي اكتسبت دافعا منطقيا للاستهلاك المحدود وللتوفير والادخار وبالتالي هي التي كانت وراء جمع رأس المال الضروري للاستثمار وتطوير المؤسسات والمنظمات الاقتصادية الرأسمالية الحديثة. وبعبارة أخرى فإن المعتقدات البروتستانتية وتأويلاتها تم تطبيقاتها في حياة الأفراد والجماعات، حسب فيبر، هي التي كانت وراء نشأة البيروقراطية، هذه الظاهرة النظامية التي تميز المؤسسات الاجتماعية العصرية الحديثة التي تعتمد على السلطة القانونية الشرعية. وقد أشار راسل إلى أن التركيز على الحذر من سيمة العقيدة البروتستانتية التي ساهمت في نشأة وتطوير الرأسمالية لاعتقادها بأن الإنسان الحذر يصبح غنيا، و يبقى فقيرا من لم يتحلى بالحذر، وأضاف بأن الفضيلة قصد الفوز بالجنة تشبه سيكولوجيا الادخار قصد الاستثمار. يتمثل نوع هذه السلطة في التصور الذهني الخالص المحض في السلطة القانونية التي تستعمل الكوادر الإدارية البيروقراطية . ويتميز المسئول الأول في هذا النظام بكونه الشخص الوحيد الذي يتولى منصبه بفضل الاستيلاء أو الانتخاب أو التعيين لكلنه مع هذا، فسلطته تضل محدودة وتنحصر في ميدان خبرة قانونية مما يعني أن سلطته تنبثق لا من شخصه لكن من المركز الرسمي الذي يحتله ويخول له الصلاحيات القانونية للتصرف داخل نظام القوانين والقواعد المرعية الثابثة. وتكون طاعة المأمورين لنظام غير شخصي وليس لصاحب السلطة والشخص الذي يحتل المنصب في هذه الحالة. وبناء على ما تقدم، فإن التصنيفات الأساسية للسلطة القانونية العقلية هي: 1- استمرار تنظيم الوظائف الرسمية مقيدة بقوانين. 2- تحديد مجال الصلاحية وتحتوي على: / أن يكون مجال الواجبات للقيام بالوظائف تابع لتنظيم تقسيم العمل. ب/ تخويل صاحب المنصب بالسلطة الضرورية للقيام بهذه الوظائف. ج/ أن تكون وسائل لإجبار محددة ومعروفة تحت ظروف معينة. 3- أن تنظم المناصب على مبدأ تركيب تسلسل هرمي بحيث يكون كل منصب أدنى تحت مراقبة وإشراف منصب أعلى منه. 4- أن تكون القواعد والأحكام التي تنطبق على سير المنصب قواعد فنية (تقنية) أو مبنية على مبدأ وفي كلتا الحالتين لابد من تدريب فني تخصصي لضمان تطبيقها بصورة عقلانية. 5- تفصل المناصب الإدارية عن ملكية وسائل الإنتاج والإدارة كمبدأ. 6- لا يمكن لصاحب المنصب الاستبداد أو الاستيلاء على منصبه. 7- إن الإجراءات الإدارية والقرارات والقواعد والقوانين تدون كتابة حتى في حالات التعليمات والمحادثات الشفهية. مميزات الهيئة الإدارية البيروقراطية: ويعتبر فبير أن النوع الخالص لممارسة السلطة القانونية هو الذي يستعمل الهيئة الإدارية البيروقراطية (Bureaucratic Administrative Staff). وهذه الهيئة التي تقع تحت السلطة العليا تتكون من أشخاص رسميين يعينون من قبل السلطة العليا ويعملون حسب المواصفات التالية: 1- يتمتعون بالحرية الشخصية ويخضعون للسلطة في حدود واجباتهم الرسمية. 2- ينظمون في تركيب هرمي محدود وواضح. 3- كل منصب له صلاحياته الخاصة وواضحة بالمعنى القانوني. 4- يملأ المنصب عن طريق تعاقد حر هذا يعني مبدئيا حرية الاختيار. 5- يختار المرشحون على أساس الكفاءات التقنية وفي الحالات المعقولة جدا يتم الاختيار عن طريق الاختبار والشهادات الرسمية (التعيين لا الانتخاب). 6- يكافئون برواتب محدودة نقدية ومعظم الأحيان مع ضمان التقاعد، وتكون الرواتب مدرجة حسب المستويات الإدارية في التنظيم الهرمي. 7- يعتبر المنصب الحرفة (المهنة) الأساسية لصاحبه أو الأولى على الأقل. 8- يعتبر المنصب مهنة ويوجد نظام للترقية مبنيا على سنوات الخدمة أو الإنتاج أو كلاهما ويعتمد على حكم الرؤساء. 9- يعمل الموظف مستقلا عن وسائل الإدارة. 10- يخضع الموظف لانضباط صارم ومراقبة صارمة في إدارة مكتبه. ويقول ويبر إن هذا النوع من النظام يمكن تطبيقه مبدئيا في كثير من الميادين المختلفة. ويرى أن السبب الرئيسي لتقدم البيروقراطية هو تفوقها التقني على أي نوع آخر من التنظيم تماما كما تتفوق الآلات الحديثة على وسائل الإنتاج البدائية. ويضيف قائلا بأن الحساب العقلاني (rational calculation)، يعني التقدير العقلاني للأمور، قد ظهر في شتى الميادين وبالخصوص في الصناعة حيث أصبح إنتاج كل عامل يحسب بالطرق العلمية الحديثة (نظام تايلور ونشأة الإدارة العلمية) وأصبح الإنسان قطعة صغيرة في آلة كبيرة وهو يشعر بذلك على أن شغله الوحيد هو إمكانية كونه قطعة أكبر. ويتجلى موقف فيبر في قوله: "إنه من المرعب في التفكير بأن العالم سيكون يوما مليئا بهذه القطع الصغيرة رجال صغار ومتشبثين بأعمال صغيرة ويناضلون من أجل الحصول على أعمال كبيرة، هذا الشغف بالبيروقراطية يكفي لدفع الشخص إلى اليأس". موقع المخزن من الإعراب في ضوء ما تقدم ولقد سبق أن وضحت في عدد من المقالات أن هذا الجهاز الذي يسميه المغاربة بالمخزن " هو آلة منظمة هيكلية يحتل فيها أشخاص (ذكورا وإناثا) مراكز ومكاتب، وإن شأت فقل مناصب، بناء على مؤهلات أكاديمية من شواهد وتكوينات مهنية وتقنية تأهلهم للقيام بأعمال إدارية وتسيير مختلف المكاتب والشؤون المرتبطة بها وذلك في كل مرافق الحياة الاجتماعية. وهذه الآلة هي التي وضعتها الدولة المغربية تحت تصرف الحكومة لتدبيرالمؤسسات لخدمة المواطنين والصالح العام فهو بذلك يعتبر العمود الفقري للمجتمع لتنظيم جميع أوجه الحياة داخل الذي يحدد كيانه أصلا وينظم علاقاته مع المجتمعات الأخرى." والعنصر البشري في هذا المضمار والإطار هو الذي تقع عليه مسئولية الأفعال، كل حسب ما هو محدد له بالقانون. ومن هذا المنطلق ربط الدستور المغربي المسئولية بالمحاسبة مهما كان المسئول لأن"القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له"(فصل 6). ولا تختلف المجتمعات الأخرى عن هذا المبدأ. فالخوف والتذمر من المخزن لا يبرره إلا جهل طبيعة الألة والجهاز الذي يتربع عليه الأشخاص الذين يستغلون هذا الجهاز لمصالحهم ويعبثون بالقوانين التي تخضع لها المراكز التي يحتلونها في الجهاز الإداري وفقدان المسائلة والمحاسبة من قبل المسئولين في تصرفاتهم الرسمية في تسيير مكاتبهم. فالمخزن كآلة تدبير غيرعاقلة، لا يثير الخوف والتذمر إلا عند الذين يجهلون طبيعة الآلة ولا يركزون على الأشخاص الذين يسيئون استعمالها في إطار القوانين المسطرة، كالذي يلوم السيارات على الحوادث ويتجاهل مسئولية السائقين. ومن جهة أخرى وعلى ضوء ما تقدم قد يتساءل المرء هل فعلا وصل الجهاز المخزني في المغرب إلى مستوى الاعتماد على العقلانية القانونية التي تميز الأنظمة الحديثة المعقدة؟ هيهات أن يكون الجواب بالإيجاب نظرا لأن الدولة خصصت وزارة كاملة اسندت لها مهام تحديث الإدارة العمومية الذي قد يقربها من العقلانية القانونية للتخفيف من التذمر والقضاء على الخوف وعلى ظلم المسيرين لها. وفي الختام وبكل تواضع وبناءا على معايشتي وملاحظاتي لعدد من الأنظمة والإدارات فإن الإدارة العمومية المغربية ما زالت في طريق التطور والنمو وتفتقر إلى الكوادر والأطر البيروقراطية بالمواصفات والمميزات التي سردناها أعلاه ولا تزال بعيدة عن النوع المثالي الذي حدده ماكس فيبر كنظام مبني على العقلانية القانونية وكنظام غير شخصي لطغيان العاطفة والمال في اتخاذ القرارات وتسيير المكاتب الإدارية فلا ينطبق عليها اسم البيروقراطية بالمعني الفيبيري وربما ينطبق عليها مصطلح "العاطفمالقراطية"** بمعني سلطة العاطفة والمال بدل سلطة المكتب والقانون. = العاطفمالوقراطية « emomoneycracy »** -الرجاء مراجعة مقالة سابقة تحت عنوان: "الدولة والمخزن والحكومة والسلطة " لمزيد من التوضيح. *باحث وأستاذ العلوم الاجتماعية المراجع: Clegg, Steward and Dunkerlay, David (1980). Organizations, Class and Control. London : Routledge and Kegan Paul. Corin, Ronald (1965). A Sociology of Education: Emerging Patterns of Class, status, and Power in the Public School. New York: Meredith Publishing Company. Etzioni, Amitai (ed. 1969). A Sociological Reader on Complex Organizations. New York: Holt, Rinehart and Winston. Gerth, H. H. and C. Right Mills (eds., 1948). Essays in Sociology. London: Routledge Kegan Paul. Mayer, J.P. (1996). Max Weber and German Politics. London: Faber and Faber. Russell, Bertrand (1945). History of Western philosophy, New York: Simon and Schuster. Weber, Max (1968). Economy and Society. New York, Bedminster Press. Weber, Max (1976). The Protestant Ethic & the Spirit of Capitalism. New York, Bedminster Press.