بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    المغرب التطواني يفوز على مضيفه اتحاد طنجة (2-1)    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    العسكريات يضيعن لقب أبطال إفريقيا بعد الخسارة من مازيمبي 1-0    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الإمارات: المنتخب المغربي يفوز بكأسي البطولة العربية ال43 للغولف بعجمان    المنتخب الوطني المغربي يتعادل مع الجزائر ويتأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء        التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    الجزائر تعتقل كاتبا إثر تصريحاته التي اتهم فيها الاستعمار الفرنسي باقتطاع أراض مغربية لصالح الجزائر    مكتب "بنخضرة" يتوقع إنشاء السلطة العليا لمشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب في سنة 2025    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي        اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    الشراكة الاستراتيجية بين الصين والمغرب: تعزيز التعاون من أجل مستقبل مشترك    استغلال النفوذ يجر شرطيا إلى التحقيق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    معهد التكنولوجيا التطبيقية المسيرة بالجديدة يحتفل ذكرى المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال    انخفاض مفرغات الصيد البحري بميناء الناظور    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    الوزير برّادة يراجع منهجية ومعايير اختيار مؤسسات الريادة ال2500 في الابتدائي والإعدادي لسنة 2025    اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفعيل ترسيم الأمازيغية بالجهات والجماعات
نشر في هسبريس يوم 21 - 10 - 2015


إسهام على ضوء تجارب دولية
1- اللغة والثقافة الأمازيغية في المغرب، الوضعية المجالية والسوسيو ثقافية:
عرف المغرب دينامية ترابية خاصة على المستوى الديموغرافي على امتداد عشرات السنوات، مما أفرز وضعا سوسيو لغويا خاصا، حيث لا ترتبط اللغتان والثقافتان الأمازيغية والعربية بتحديد مجالي واضح، أو تقطيع ترابي متباين، بعد أن أفضت عوامل تاريخية وسكانية عديدة بما في ذلك الهجرات الداخلية والخارجية إلى تغييرات سوسيو لسانية وثقافية في جميع الأوساط والمدن بل والبوادي على امتداد المجال الوطني.
في جل الدول التي تعرف وضعية التعدد اللغوي والتنوع الثقافي، والتي استطاعت سن قوانين وسياسات تدبيرية منصفة ومساهمة في التنمية الثقافية والسوسيو اقتصادية لمختلف مكونات مجالاتها الترابية وتركيبتها الديموغرافية، يتم اعتماد معطى ومفهوم الوضعية اللغوية في مختلف مستويات التخطيط والتدبير القانوني والسياسي والمؤسساتي. فمصطلح الوضعية اللغوية في معناه التشريعي، وانطلاقا من التجارب ذات السبق في التدبير الديمقراطي للتعدد اللغوي، يرتبط بثلاثة معايير واعتبارات أساسية: مجال الانتماء الترابي، أي الجهة والمنطقة أو الجماعة التي يسكنها الفرد، المسار الدراسي واللغة التي تعلم بها، وحرية الاختيار المكفولة للمواطنين والمواطنات.
انطلاقا من هذه المعايير يتضح أن وضعية اللغة الأمازيغية في المغرب لا يمكن أن تقوم على الانتماء الترابي باعتبار كل الجهات في المغرب تضم نسبا عالية من المواطنين الناطقين بفروع اللغة الأمازيغية، ولا يمكن أن يعتمد في ذلك على المسار التعليمي لأن اللغة الأمازيغية كانت خارج المؤسسات ومنظومات الإنتاج العصرية خاصة منظومة التربية والتكوين. كما أن خطاب كل الأطراف المعنية، سواء الدولة ومكونات المجتمع المدني الأمازيغي المناضلة والمطالبة بالإنصاف الحقوقي أو بقية المكونات السياسية والثقافية، تلتقي على اعتبار الأمازيغية إرث لجميع المغاربة والنهوض بها مسؤولية وطنية. وهذا يعني بأن المعيار الأقرب لهذا الوضع ولهذه الوضعية هو اعتماد الازدواجية اللغوية أمازيغية/ عربية على امتداد التراب الوطني ضمانا لحق المواطنين في استعمال اللغة والاختيار.
ويبقى هذا الاختيار هو الأفضل والمناسب للوضعية السوسيو لسانية والتاريخية للأمازيغية خاصة وأن العديد من أدبيات الحركة الأمازيغية والجمعيات العاملة في حقلها الحقوقي والثقافي والتنموي تتقاسم هذه المقاربة من خلال المطالبة بتعميم الترسيم في كل الجهات ولكل المغاربة، كما تردد المكونات الحزبية والسياسية والثقافية الأخرى نفس العبارات والمقاربة التي تعتمدها الدولة أيضا في خطابها حول الأمازيغية كما يتضح ذلك من وضعيتها الدستورية .
2- الإطار والامتداد الحقوقي لترسيم الازدواجية اللغوية:
إذا اعتمدنا المدخل الحقوقي في تناول وضعية الازدواجية اللغوية انطلاقا من ترسيم لغتين في الدستور ، وباستحضار المواثيق الدولية وما يهم الحقوق اللغوية والثقافية من مواثيق وتشريعات وقوانين تنظيمية في الدول الديمقراطية التي قطعت أشواطا هامة في تدبير تعددها اللغوي والثقافي، سنجد التركيز على نقطتين أساسيتين:
- من حق المواطنين استعمال اللغة الرسمية التي يختارونها دون الإحساس بأي تمييز وذلك في كل مناحي حياتهم وأنشطتهم الخاصة والعامة.
- حق المواطن في أن يستضاف بلغته وأن يتلقى الخدمات والوثائق العمومية بها، وأن يستعملها بشكل حر في كل المجالات، وأن لا يتعرض لأي تمييز بسبب لغته وثقافته.
ومصطلح الاستضافة هنا، Etre accueilli، يحمل دلالة الإحساس بالاعتزاز وصيانة الكرامة عبر التمتع بالحقوق اللغوية والثقافية عند ولوج المرفق العام ومختلف المؤسسات ومجالات الحياة العامة والخاصة .
وإذا توقفنا عند الإعلان العالمي للحقوق اللغوية، وإضافة إلى مختلف المستويات والمجالات التي نص عليها كالتعليم والإعلام، نجد التأكيد على أبعاد التصريف وتحقيق الحقوق اللغوية والثقافية من خلال المجالات المرتبطة بالشأن المحلي وتدبير المرافق القريبة من المواطنين.
ففي الفصل 2 تم التنصيص على:
- حق المواطن في التوفر على خدمات ثقافية بلغته وثقافته.
- حق المواطن في أن يستقبل بلغته في المؤسسات الرسمية وفي العلاقات السوسيو اقتصادية.
وفي الفصل 45:
- من حق كل جماعة لسانية أن تفرض منح لغة المجال المحلي الأسبقية في التظاهرات والخدمات الثقافية: خزانات الكتب، الخزانات المرئية، السينما، المسارح، المتاحف، الأرشيفات، الإنتاج المعلوماتي، الثقافة الشعبية، الصناعات الثقافية، وكل التعابير الأخرى المنبثقة عن الواقع الثقافي.
وفي نص ميثاق Agenda21 حول التزام المدن والحكومات المحلية بالتنمية الثقافية والموقع ببرشلونة في 08 ماي 2004 نجد التنصيص في الفصلين 07 و23على أن:
- الحوار بين الهوية والتعدد، وبين الفرد والجماعة، هو ضروري لبناء مواطنة ثقافية كونية من جهة، ولبقاء التنوع اللغوي وتحقيق ازدهار الثقافات.
- وعلى التطوير والتنمية المستمرة للثقافات المحلية الأصلية الحاملة لعلاقة تاريخية وحيوية مع المجال.
3- تدبير التعدد اللغوي على ضوء تجارب دولية:
- دولة سويسرا الفدرالية:
ينص دستور دولة سويسرا الفدرالية على رسمية أربع لغات: الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومونش. والقانون المنظم لاستعمال اللغات على المستوى الإداري الفدرالي، والصادر في 18 يوليوز 1966، ينص في مادته 10 على أن كل خدمة محلية تقدم في جهة اللغة الفرنسية أو اللغة الفلامانية أو اللغة الألمانية تقدم بلغة الجهة المعنية فقط فيما يتعلق بالإدارة الداخلية والخدمات المرتبطة بها.
بيد أن سويسرا تعتبر رسميا دولة رباعية اللغة quadrilingue وبعض الجهات والجماعات المحلية تعتبر مزدوجة اللغة، حيث أن وضعية اللغات تتحدد حسب الأصول السوسيو لسانية للساكنة، وحسب انتماء الجهة والجماعة، وحسب نسبة السكان الناطقين بكل لغة.
ولتوضيح هذه الوضعية الخاصة التي تميز وضعيات اللغات وتدبير رسميتها في سويسرا سنتوقف عند المثال الأتي الذي يخص ولاية كريزون والجماعات المشكلة لمجالها الترابي:
إدا توقفنا عند جانب من الخدمات المرتبطة بتدبير الشأن المحلي نجد أن قانون 5 شتنبر 1979 الخاص بالتشوير الطرقي ينص في مادته 49 على أن اليافطات وأسماء المرافق والمؤسسات المحلية (المحطات، المراكز، المستشفيات...)، وإشارات التوجيه والمرور تكتب بلغة ساكنة الجماعة ، وبالنسبة للجماعات التي يتحدث فيها بلغتين يتم اختيار لغة أغلبية الساكنة. وإذا كان اسم مرفق جماعي يكتب بشكلين مختلفين في اللغتين المستعملتين بالجماعة، تكتب اليافطات وألواح الواجهات باللغتين شرط أن تتجاوز فيها الأقلية اللغوية 30 في المائة.
وفي المثال السابق لولاية كريزون، وفي منطقة الرومانش يكتب التشوير الطرقي بالألمانية والرومانش، وأسماء الأمكنة تكتب غالبا بالرومانش والايطالية وأسماء المدن الكبرى بالألمانية. وهذه الوضعية تثير السؤال امكانية الاستفادة من النموذج السوسري بالنسبة للمغرب، وعن حدود إمكانات تقنين التعدد اللغوي، والمعايير الممكن اعتمادها على اعتبار أن استعمال اللغات يرتبط بشكل متغير بدينامية المجال الترابي على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مما يجعله مفتوحا باستمرار على التغير والتدافع والتفاعلات التي يعرفها المجال في أبعاده المختلفة.
- مملكة بلجيكا:
ينص الدستور البلجيكي على رسمية ثلاثة لغات وهي الفرنسية والفلامانية والألمانية. وتقوم السياسة اللغوية ووضع اللغات الرسمية على المحدد المجالي والجماعات اللسنية، حيث تحظى كل من اللغات الثلاثة بوضعية قانونية ورسمية في الجهة التي تضم جماعتها اللسنية والجهة التي تنتمي إليها. وهذه الجهات هي فلاندر الفلامانية ووالون الفرنسية و إقليم لييج الشرقي الجرماني. بينما تعد العاصمة بريكسيل منطقة مزدوجة اللغة: الفرنسية والفلامانية.
وإذا توقفنا عند نموذج بريكسيل العاصمة لكونه يتميز بالوضعية الرسمية للغتين، يمكن أن نستفيد منها في المغرب على مستوى كيفية تدبير هذه الازدواجية اللغوية على مستوى الشأن المحلي.
فالازدواجية اللغوية تتسم بطابع نظامي يمتد إلى جميع جوانب الفضاء العام وتدبير الشأن المحلي وتدبير السياسة اللغوية والثقافية في تسيير المدينة. والكتابة والتواصل باللغتين الفرنسية والفلامانية هو إجباري، حيث تتم كتابة أسماء الأمكنة والشوارع والأزقة والساحات باللغتين معا، وكذلك يتم استعمال اللغتين كتابة وتواصلا في النقل العمومي كالميترو والحافلات والقطارات.
التشوير الطرقي وكتابة اليافطات والألواح هو أيضا مزدوج اللغة، وكتابة أسماء المدن في المناطق التي تستعمل فيها لغتين تتم مع تفادي التراتبية أعلى أسفل حيث يكتب الاسمان باللغتين من اليسار إلى اليمين على نفس المستوى.
مجال آخر لتدبير التعدد اللغوي والثقافي على مستوى بريكسيل هو تدبير الشأن الثقافي، حيث يتم اعتماد مقاربة دينامية في إعطاء التراث الثقافي والفني والمعماري دور محرك وبارز في تدبير الشأن الثقافي وتنظيم الأحداث والأنشطة التي تساهم في تقوية الطابع التعددي والانتماء إلى الفضاء العام وإفعام ذاكرة المدينة ومشتركها الحضاري.
- دولة كندا الفدرالية:
تتميز دولة كندا بكون المؤسسات الفيدرالية تستعمل اللغتين الرسميتين في جميع جهات البلاد، حيث أن القانون الكندي الذي صادق عليه البرلمان سنة 1969 ينص على أن اللغتين الإنجليزية والفرنسية هما اللغتان الرسميتان لدولة كندا الفدرالية، ويضمن لجميع المواطنين والمواطنات القاطنين بكندا حق الاستعمال والتواصل والاستفادة من الخدمات باللغة الرسمية التي يختارونها.
ففي العاصمة أوطاوا مثلا تم اعتماد الازدواجية اللغوية مند سنة 2002، وذلك على مستوى الخدمات العمومية والتشوير وأسماء الأزقة، رغم أن المنطقة تعتبر تاريخيا أنكلوفونية ونسبة الساكنة الفرنكفونية بها لا تتجاوز 32 في المائة.
وبالنسبة لمونريال فيمكن الإشارة إلى إعلان مونريال من أجل التعدد الثقافي الذي نص من بين مواده على ضرورة وضع برامج للتكوين المؤسساتي من أجل نشر ثقافة التعدد اللغوي والثقافي في الإدارات والمؤسسات المحلية وتحسيس المواطنين بكيفيات تدبير التنوع الثقافي على مستوى الحياة اليومية في المدينة.
- مملكة اسبانيا:
ينص الدستور الاسباني على أن اللغة الرسمية للمملكة هي القشتلانية le castillan، وفي كل من الجماعات المستقلة لكطلانيا والباسك وكليسيا تعتبر لغة كل جهة أيضا لغة رسمية.
وتضمن القوانين المعمول بها على المستوى المركزي والجماعات المستقلة التي تضم لغتين رسميتين حق المواطنين في استعمال اللغتين معا في التواصل مع المصالح والمؤسسات والإدارات. فالظهير الملكي 1690 بتاريخ 11 يوليوز 1986، والقانون الصادر في 20 يوليوز 1989 الخاص بالحالة المدنية ينصان على مجموعة من الإجراءات التي تضمن هذه الحقوق للمواطنين وتنظم تدبير الإزدواجية اللغوية الرسمية على مستوى الجماعات المستقلة المعنية. فحسب الفصل 10 تسميات البلديات يمكن أن تتم باللغة الاسبانية واللغة الرسمية الثانية في الجهة.
وفي الفصل 4 تم التنصيص على اعتماد النماذج المزدوجة اللغة في الوثائق المستعملة بالجماعات المستقلة التي تضم لغتين رسميتين، بما في ذلك دفتر الحالة المدنية الذي يتكون من 32 صفحة لكل من اللغتين.
كما أن الفصل 13 من القانون 30/ 1984 ينص على أن الموظفين المعنيين بالعمل في الجهات التي تضم لغتين رسميتين هم مطالبين بأن يتوفروا على الكفايات اللغوية الضرورية.
برشلونة:
إضافة إلى أن جهة كطلانيا وعاصمتها برشلونة تعتبر نموذجا في تدبير هذه الإزدواجية اللغوية الرسمية على مستوى تدبير الشأن الجهوي ككتابة تسميات المرافق والتشوير الطرقي وتسمية المدن والأمكنة والتواصل الإداري...، فإنه أيضا عرفت تجارب تدبيرية هامة في تصريف هذه الازدواجية اللغوية والثقافية كمبادرة بلدية برشلونة لمحاربة الأحكام المسبقة والتمثلات الثقافية السلبية.
يتعلق الأمر بتجربة جماعية تدعمها 200 منظمة محلية و3000 شخص من ساكنة المدينة، تضافرت جهودهم من أجل تدبير ديمقراطي للتعدد اللغوي والثقافي في فضائهم المشترك، وقد وظفت الجماعة في ذلك مجموعة من الوسائل بما في ذلك تنظيم تكوين لفائدة الموظفين والفاعلين المحليين، وإنتاج شريط مرسوم من إبداع أحد فناني المدينة، وتوزيع دليل توجيهي وتأطيري حول الإدماج الثقافي وتدبير التعدد، وتقديم موقع الكتروني يضم الموارد والإجراءات السياسية المتخذة للحد من أشكال الصراع والأحكام الثقافية المسبقة كفضاء للتبادل والتقارب وتدبير التعدد الثقافي.
4- مستويات وآليات تفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية في الجهات والجماعات:
انطلاقا من الإطار الحقوقي والامتدادات المؤسساتية المرتبطة بترسيم اللغتين الأمازيغية والعربية في الدستور، وانطلاقا من بعض التجارب الديمقراطية التي توقفنا عندها خلال هذا التحليل، يتضح بأن تفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية في المغرب على مستوى تدبير الشأن المحلي والجهوي، وتوفير الخدمات العمومية وتنظيم الفضاء والجولان وتسيير الإدارات ومرافق القرب التي تضطلع بها الجماعات المحلية يقتضي مستويات وآليات أساسية، منها:
- تعديل الميثاق الجماعي ومنح الجهات والجماعات الترابية صلاحيات كبرى على مستوى تدبير الشأن المحلي بما في ذلك تصريف وتفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية وتدبير التعدد اللغوي والثقافي على مستوى البرامج والاختصاصات الذاتية والمحلية، وعلى مستوى مقتضيات الفصل 139 من الدستور فيما يتعلق بآليات التدبير التشاركي ودور المواطنين والجمعيات في اقتراح نقط ومطالب ضمن جدول أعمال المجالس.
- اعتماد مبدأ الازدواجية اللغوية والثقافية في المخطط الجهوي لكل جهة وما يرتبط به من برامج ومشاريع وأنشطة، وتخصيص مواد في الميزانية الجهوية لتوفير الموارد المالية والبشرية الضرورية لتأهيل الأمازيغية وإنصافها.
- تدبير التعدد الثقافي على مستوى برامج المقاطعات والجماعات والبلديات ومراعاة التكافؤ والمساواة في جميع الأنشطة والندوات والمعارض والعروض الثقافية والفنية والترفيهية الموجهة لفائدة السكان. وتقييم التراث المحلي، المادي والرمزي واستثماره وفق مقاربة ثقافية مندمجة.
- توسيع مهام لجنة الإنصاف التي ينص عليها الميثاق الجماعي لتشمل المساواة والإنصاف اللغوي والثقافي وضمان تمثيلية الجمعيات والهيئات والفاعلين المعنيين بحماية وتنمية اللغة والثقافة الأمازيغية.
- تفعيل وتصريف الوضعية الرسمية للغة الأمازيغية في الفضاء العام على مستوى الكتابة على الواجهات وأسماء المؤسسات والمرافق وإشارات المرور ويافطات التوجية ووسائل النقل والتشوير الطرقي، باعتماد المعايير الدولية وتجربة الجماعات ذات التجربة الديمقراطية في موضوع الازدواجية والثلاتية اللغوية، خاصة بتجنب تراتبية اللغتين الرسميتين واعتماد أصل الكلمات والتسميات في الكتابة. وسننشر في الحلقة القادمة من هذه الدراسة مقترح ميثاق غرافيكي Charte graphique لكتابة اللغات الثلاثة الأمازيغية والعربية والفرنسية في الوثائق والحوامل التي تقتضي ذلك، وفيما يلي نموذج لكتابة أسماء مدن وأحياء باللغتين الرسميتين:
- اعتماد اللغتين معا في جميع المراسلات والوثائق والمطويات والخزانات والمنشورات الورقية والإلكترونية وذلك بشكل متكافئ ومتغير بما يحول دون حصول أي ميز بينهما.
- اعتماد اللغة الأمازيغية في تصميم دفاتر الحالة المدنية وعقود الازدياد وباقي الوثائق الجماعية.
- وضع برنامج للتكوين الأساس والمستمر لموظفي الجهات والجماعات في آليات تدبير التعدد اللغوي والثقافي وفي الكفايات الأولية في التواصل والكتابة والتحرير، وإدماج اللغة الأمازيغية ضمن شروط التوظيف والتعاقد مع المصالح الجماعية، وفي دفاتر التحملات التي تهم المشاريع والخدمات والأعمال الموجهة للساكنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.