إليكم الخبر اليقين: حليمة العسالي تقول إن ابن كيران يجمع المعلومات حول المرشحين للاستوزار من زوجاتهم..يا له من خبر سيء ومفجع، وأنا الذي أحلم ليل نهار أن أهجر الصحافة وأطلقها طلاقا بائنا، لكن بعد هذا الخبر الأليم، سأبقى صحافيا مدى الحياة..نعم مدى الحياة. فلتتخيلوا حجم المصيبة..من اليوم، سأنخرط في لعبة الاحتمالات تحسبا لكل أسئلة ابن كيران لزوجتي، فقد يسألها عن رقم حذائي وعن المقاهي التي أرتادها، وعن أصدقائي المقربين، وعن عاداتي السيئة- وهي كثيرة-، وعن مقالاتي وملفاتي وحواراتي.. كيف سأصبح وزيرا، بعد أن يقصد ابن كيران منزل زوجتي المستقبلية؟ كيف أصبح وزيرا بعد أن تخبره بالحقيقة، كل الحقيقة..هل سيقبل ابن كيران بتعيين صحافي فاشل في حكومته، لا يعود للمنزل إلا بعد الثانية عشر ليلا ولديه حساسية بالغة من "النهاريين" إلى درجة أن رئيسه في العمل يدخل معه في مفاوضات أعسر من مفاوضات تقرير المصير. هل سيقبل ابن كيران صحافيا مفلسا كل رأسماله في الحياة بعض الكتب الرثة التي اشتراها من مكتبات الرباط، لا أعرف كيف يقتنع بصحافي حالم في الحياة، يقرأ الشعر ومتيم بالرواية ويكره كتب التراث، ويقرأ لشكري كلما ضاقت بي رحاب الكون، ويحب العري الفاحش للكتاب السورياليين، وينبذ الأخلاقيين في الأدب؟ وفوق ذلك ينفر، غاية النفور، من الأدباء، الفنانين، الملتزمين؟ أشك أيضا أن زوجتي ستخبره بحبي لشعراء غير معروفين كانوا قد أسسوا تيارا ل"العري" في دولة الشيلي، وستقول لابن كيران إن علاقة زوجي بالسياسة تشبه إلى حد بعيد علاقة"ولد العروسية" بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والسياسة عند زوجها لا تتعدى الأبجديات الأولى، فلا هو كان ينتمي إلى تيار دعوي ولا إلى حزب حداثي، وجيناته سيئة جدا ورثها عن نقاشات"التروتسكيين" و"الأمازيغيين" في الجامعة"والديمقراطيين المستقلين" في مقاهي الحسيمة؟.. ماذا سيكون رد فعل رئيس الحكومة بعد أن تخبره زوجتي أني أتحدث بشكل مرتفع لوحدي طوال ساعات وأبدو كالمخبول، وأغلق الهاتف في وجه الجميع حينما تستبد بي أزمة نهاية الشهر؟ لاشك أن ابن كيران سيخال أن نهاية الشهر عند الصحافيين- الذين يشبهوني على الأقل- تشبه نهايات الموظفين، بيد أن خيبته ستكون كبيرة جدا حينما يكتشف أن نهاية الشهر عندنا تبدأ من 5 في الشهر؟ نعم الخامس من الشهر بالتحديد..ويا للفاجعة. أدرك، تمام الإدراك، أن ابن كيران رجل طيب، وسياسي حاذق، ويحب الفقراء مثلي، وقد يتجاوز الأمر عني سبق لي وأن حاورته، وكان ودودا جدا معي..لكن حليمة قالت إنه وبخ مرشحين للاستوزار، لأنهم يسيؤون معاملة زوجاتهم، وأنا تاريخي سيء جدا في هذا الباب، سيء حد المأساة؟ يقينا لن تفوت الفرصة لتكشف تاريخي الأسود معها، ستقول له إن "المساء" كانت تشنقه وتبعده عني لشهور؟ يقينا ستفعل ذلك.. أرجو أن لا يقنع ابن كيران زوجتي لتبوح له بكل شيء. ستكون مصيبة حقيقية إذا قالت له إني لست إنسانا ملتزما، ولا يحب الانضباط وفوضوي في حياته، وليس من النوع الذي يحب المكاتب، ينام في السادسة صباحا ويستفيق في الثانية عشر..ماهو رد فعل ابن كيران، إذا قدر الله أن عرف أني كائن ليلي، أولج الليل في الليل، ولا أرد على أحد: ولو حدث زلزال، ولو استقال شباط، ولو خسر البكوري في انتخابات الجهات... ماذنبي أنا، إن كانت زوجت، تريد تصفية حسابات قديمة معي (ولن تجد أفضل من رئيس الحكومة لتسرد فصول مآسيها معي)، ما ذنبي أنا إن كانت لا تريد أن أصير وزيرا، وهي التي كانت تهددني عشرات المرات بحرق مقر الجريدة، ما ذنبي أنا إن قالت له إني أحب السيسي وأساند بشار، ولدي علاقة وطيدة بالموساد فقط كي لا أحقق حلما طفوليا قديما بأن أصير وزيرا لأظهر في التلفيزيون، عندما كنت أحسبه لا يختلف في شيء عن النزول على سطح القمر.. أرجوك ابن كيران لا تصدقها أرجوك عيني وزيرا