امتداد لمرسوم التنقيل التعسفي للأطر الوزارية المشتركة دشنت وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني الدخول المدرسي هذا الموسم بمذكرة وزارية ملزمة تقضي بتنقيل الأساتذة و الأستاذات الذي وجدوا أنفسهم في وضعية فائض بمؤسساتهم داخل جماعاتهم قسرا و تعسفا و دون مراعاة لظروفهم الصحية و الاجتماعية. المذكرة الصادرة في 03 غشت 2015 و التي تحمل رقم 15/352 أتت لتدق أخر مسمار في نعش حقوق و مكتسبات الشغيلة التعليمية ببلادنا و التي تم الإجهاز على الأغلبية الساحقة منها في عهد حكومة السيد بنكيران و وزارة بلمختار. فمن الإجهاز على حق الترقي بالشهادات الجامعية الى ضرب حق الاضراب و التضييق عليه بأساليب بائدة عبر الاقتطاع المبالغ فيه من أجور المضربين و المضربات و دون أي سند قانوني، مرورا بحرمان أساتذة الابتدائي و الاعدادي حاملي الشهادات الجامعية من حق المشاركة في مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين، فمنع نساء رجال التعليم من متابعة دراستهم الجامعية على غرار باقي موظفي الدولة، جاءت أخيرا الوزارة التعليمية بداية الموسم الدراسي الحالي لتضرب و في العمق مبدأ المساواة و تكافؤ الفرص في تدبير عملية الحركة الانتقالية في المنظومة التعليمية و الإجهاز على حق حركة عادلة و منصفة للجميع. و من خلال مقتضيات المذكرة الوزارية و ما أتت به من إجراءات و تدابير يتبين أن مسؤولي الوزارة يتجهون لإطلاق يد الإدارة التربوية العليلة في تدبير عملية الحركة الانتقالية و التحكم فيها وتوجيهها لخدمة أهداف و توجهات جهات معينة و التضييق على هامش النزاهة و الشفافية الذي بدأت تظهر معالمه في الآونة الأخيرة بعد الاعتماد الكلي على البرنامج المعلوماتي "البرنام" في الحركات لانتقالية الثلاث (الوطنية و الجهوية و المحلية) رغم بعد التجاوزات و الخروقات التي تقع في بعض النيابات و التي ما يتم تبريرها في الأخير بخطأ غير مقصود وقع في برنامج "البرنام" المعلوماتي. كانت تتطلع الشغيلة التعليمية و معها المهتمين بالشأن التعليمي ببلادنا و خاصة بعد اللغط الكبير الذي يرافق صدور المذكرات التنظيمية للحركات الانتقالية كل سنة و كذلك بعد صدور نتائجها أن تقوم الوزارة الوصية بتصحيح الأخطاء السابقة و تشرع في القيام بتنزيل ديمقراطي و سليم للدستور المغربي الجديد و خاصة في شقه المتعلق بالمساواة و تكافؤ الفرص بين جميع الموظفين و مناهضة كافة أشكال التمييز و الاقصاء و تضع أسس و مبادئ ديمقراطية و عادلة يتم الاستناد عليها في تنقيل أطر وزارة التربية الوطنية، لكنها فضلت أن تسلك طريقا آخر و تفاجأ الأسرة التعليمية و معها الرأي العام بمذكرة تضرب كل حقوق و مكتسبات الشغيلة التعليمية في مجال الحركة الانتقالية و التي راكموها و حازوها بفضل سنوات طوال من النضال عرضة الحائط و تجعل من الإدارة التربوية المغربية و التي ينخرها الفساد و الاستبداد بجميع أنواعهما المتحكم الأول و الأخير في تنقيل و تحريك الموظفين، و دون أي مراعاة لظروفهم و أوضاعهم النفسية و الاجتماعية و المهنية و ذلك عبر التفييض المخدوم في المؤسسات التي تريد الإدارة النيل و الانتقام من أطرها. ومن جهة أخرى فكيف يعقل أن تقوم مصالح الوزارة بتنقيل أساتذة جدد الى مقرات عمل توجد بمراكز حضرية أو شبه حضرية بحجة كون وضعيتهم فائضين و تبقي على أطر قضوا سنوات طوال في الخذمة التربوية في مناطق نائية و لهم ظروف اجتماعية جد صعبة و هم الأولى و الأحق بهذه المؤسسات محرومين منها؟ بأي حق يتم إقصاء هؤلاء؟ و لماذا لم يتم الاعلان عن شغور هذه المناصب في الحركات الانتقالية الثلاث سواء الوطنية أو الجهوية أو المحلية و ذلك حتى يتسنى لجميع الأطر التربوية التباري عليها بكل نزاهة و شفافية و ذلك استنادا على المعيار الديمقراطي و العادل الوحيد و الأوحد و هو الأقدمية العامة و النقط المحصل عليها لكل متباري؟.. و لابد من التذكير و الإشارة هنا، بأن الوزارة الوصية و من خلال هذا القرار الأرعن كانت تنوي الحط النهائي من كرامة نساء و رجال التعليم و خاصة عندما أشارت في المذكرة بأن المدرسين الفائضين و الذين سيتم تنقيلهم الى مؤسساتهم الجديدة سيعتبر ذلك تعيينا جديدا لهم و سيتم قرصنة جميع نقطهم التي تهم استقرارهم بالمؤسسة، إلا أن يقظة شريحة واسعة من الشغيلة التعليمية و تلويحها بالدخول في معارك نضالية غير مسبوقة على مستوى الجهات و الأقاليم مسنودين بإطارات نقابية محلية و جهوية، و دعوة مجموعة من الأساتذة الى تنظيم وقفات احتجاجية في مجموعة من المواقع، جعل وزارة السيد بلمختار تعدل عن هذا الإجراء و قررت إصدار بلاغ صحفي أعلنت فيه أنها تراجعت عن قرصنة نقط الاستقرار في المؤسسة و قالت أنها ستحتفظ بجميع نقط المنقلين. و إذا ما نظرنا الى هذا القرار و وضعناه في سياقه العام و سياق إجهاز حكومة السيد بنكيران على مجموعة من حقوق و مكتسبات الموظفين التاريخية، لا يمكننا عزله و فصله أبدا عن مرسوم التنقيل التعسفي لموظفي الدولة الخاص بالأطر المشتركة بين الوزارات و الذي أصدرته صيفا وزارة الوظيفة العمومية و تحديث الإدارة، و لا يمكننا القول سوى أن مذكرة تدبير الفائض و الخصاص لنساء و رجال التعليم داخل الجماعة ماهي إلا امتداد لمرسوم السيد محمد مبدع في وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني. و كفاعلين تعليميين و من خلال تتبعنا للسياسة التعليمية المتبعة و ما يروج من كلام عن مشروع اصلاح التعليم ببلادنا و النقاش الذي نال حيزا زمنيا وافرا حول ما اصطلح عليه بالحوارات والمشاورات و الاستماع الى آراء الفاعلين الميدانيين، لا يمكننا إلا نطرح عدة أسئلة جوهرية تتعلق بمدى جدية ومصداقية هذه الحوارات، و كذلك و من خلال طريقة تنزيل هذه المذكرة يحق لنا التشكيك في بروباغندا المقاربة التشاركية التي تدعيها الوزارة في تدبير القطاع و جعل المدرس قطب الرحى في أي إصلاح و لا يمكن القفز على مقترحاته. هل هذا القرار تم تزكيته من طرف الشغيلة و النقابات التعليمية؟ هل توجد أي مذكرة للنقابات أو أي جمعية تعليمية أخرى في أرشيف الوزارة تنص على تنقيل الأساتذة تعسفا داخل جماعاتهم و حرمانهم من حقوقهم و مكتسباتهم؟ و هل تم فتح أي حوار من طرف الوزارة الوصية مع أي جهة كانت قبل تنزيل القرار الى أرض الواقع؟ فمن خلال هذا القرار و مجموعة قرارات بائدة أخرى صادرة عن وزارة التربية الوطنية يتبين و مما لا يترك مجالا للشك أن تدبير المنظومة التربوية ببلادنا يعرف ارتجالية كبيرة و بحكم غياب أي رؤية لإصلاح القطاع لدى السيد الوزير و عدم التوفر على تصور واضح للنهوض به يبقى الرهان على قرارات عشوائية و متناثرة هنا و هناك لكسب بعض الوقت للوصول الى محطة شتنبر 2016. * المنسق الوطني لتنسيقية الأساتذة المجازين المقصيين من الترقية.