استأثرت التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية باهتمام واسع خلال الدورة السابعة والعشرين من مجلس حقوق الإنسان بجنيف، حيث وضع العديد من الخبراء والمسؤولين الغربيين والأفارقة والآسيويين التجربة المغربية تحت مجهر الفحص والتدقيق. وفي هذا السياق نظمت البعثة المغربية الدائمة في جنيف والبعثة البريطانية، اليوم، ندوة حول التقارير المرحلية لتتبع تنفيذ توصيات آليات الاستعراض الدولي الشامل، حيث أكدت خلالها بارونيس أنيلاي، وزيرة الدولة في الحكومة البريطانية المكلفة بالعلاقات الخارجية، على عمل البلدين منذ سنوات لتطوير الحوار والديمقراطية. وأفادت الوزيرة البريطانية أن الرباط ولندن "نسقا في مجال الإصلاحات السياسية وحقوق الانسان"، مشيدة بالمقاربة التي اعتمدتها المملكة في مجال متابعة والتفاعل مع الآليات الدولية في مجال حقوق الإنسان. "نتعاون مع المؤسسات الدولية من أجل إيصال رسالة حقوق الإنسان"، تقول المسؤولة البريطانية التي أكدت على "ضرورة تنفيذ التوصيات الأممية في مجال حقوق الإنسان"، معتبرة "التقارير المرحلية من الآليات التي يجب أن تستمر، "ولابد من تطوير آليات للتنسيق بين الوزارية وفتح حوارات وطنية في هذا المجال". وأكد الخبراء في النشاط الموازي للمغرب، على أهمية "آليات الاستعراض الدولي الشامل كمسار لمراقبة حقوق الإنسان"، معتبرين إياه مدخلا رئيساً لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، وذلك عبر إعداد التقارير لتطوير قاعدات بيانات، وهو ما يستلزم تطوير مؤشرات القياس". وشددت ذات المداخلات على ضرورة "التنسيق المؤسساتي على مستوى الدول وذلك بإحداث لجان أو قطاعا وزارية مستقلة"، مشيرين إلى أهمية "الأطراف المعنية بمجال حقوق الإنسان، ودور المحافل الأكاديمية والجامعية". وفي هذا السياق لفت المندوب الوزاري المغربي المكلف بحقوق الإنسان، المحجوب الهيبة، انتباه مجلس حقوق الإنسان إلى غياب "البرلمانات في هذه الهيئة الحقوقية وبالخصوص على مستوى الاستعراض الدولي الشامل"، مشددا في كلمة له باسم المغرب على ضرورة توفر "الإرادة السياسية على أعلى مستوى". وأكد الهيبة على ضرورة تجاوز "التوصيات العامة الفضفاضة التي تتداخل مع توصيات أليات أخرى"، موضحا في حديثه عن التجربة المغربية أن "المملكة انخرطت في مسار العدالة والانتقالية الذي أصبح نموذجا في العالم العربي والإسلامي". وقال إن المغرب طور الآليات الوطنية للقرب والتي تم تقديرها والاعتراف بها دوليا، مشيرا أنها "تشغل في تلقي شكايات خروقات حقوق الإنسان، وهي تجربة كشفت كل الحالات باستثناء بعض الحالات بما فيها الأقاليم الجنوبية، وذلك في رده على ممثلي البوليساريو. وأثارت مداخلات الجبهة الانفصالية أمام المجلس ما قالت إنه "انتهاكات لحقوق الإنسان ترتكبها السلطات المغربي في الصحراء"، بالقول بوجود "الاختطاف ومجهولي المصير ومفقودين صحراويين"، مستنكرة ما وصفها انتقائية هيئة الإنصاف والمصالحة في تواصلها بالعائلات الصحراوية. وفي هذا الاتجاه قال المندوب الوزاري المغربي إن "كل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة تشكل مرجعية للدستور الذي يعتبر نموذجيا"، مبرزا ضرورة مواجهة التحديات المتنامية للإرهاب والتي تحض على قيم الكراهية واستغلال بعض النزعات في المنطقة.